عيلت.. لفظ كنا نستخدمه زمان للتعبير عن استنكارنا وتعجبنا من إقحام العيال أنفسهم مجالات الكبار مما يفسدها ويحولها إلي أمور عبثية.. لا أعرف إن كان الناس يستخدمونه حتي الآن أم لا, لكن المؤكد أن قضايا الإرهاب عيلت في مصر خلال الأيام القليلة الماضية, وأصبحت مجالا للتهريج ولعب الصغار. والمشكلة الحقيقية أن الكبار أو الذين من المفترض أنهم كبار يجارونهم ويعطونهم قيمة ويزيدون من دون قصد حجم الخوف والبلبلة والالتباس لدي العامة. بعد نشر الفيديو البشع لذبح إخوتنا المصريين في ليبيا, كثر الكلام عن تنظيم داعش الإرهابي ومن ينتمون إليه, خاصة في مصر, تماما مثلما كثر عن المنتمين لتنظيم القاعدة ولجماعة الإخوان الإرهابيين, لكن الأمر فيما يتعلق بداعش اتخذ أبعادا درامية أكثر, خاصة مع انتشار ثقافة الفيديو وما يصاحبها من تصوير سينمائي وأداء تمثيلي وأضواء قد تغري بعض الحمقي والمختلين والمهاويس والباحثين عن الشهرة للانضمام للتنظيم أو حتي لادعاء الانضمام إليه ليكونوا حديث العالم, أو علي الأقل المصريون. وهكذا تابعنا ظهور بعض الدواعش المصريين الصغار في الأيام الأخيرة, لكن بطريقة تبعث علي الضحك قبل أن تبعث علي الرثاء.. فقد ظهر شاب مصري يدعي إسلام يكن, في مقطع فيديو تداوله مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي, خلال عملية عسكرية قيل إنها داخل الأراضي العراقية, مرتديا ملابس عسكرية, وحوله مسلحون يرفعون الراية السوداء الخاصة بداعش.. وقال يكن, في الفيديو: ها هي ديارهم.. الله عز وجل جعلها غنيمة لنا بفضل الله, وأمسك بعلم العراق وهو يقول مع من حوله: وها هي رايتهم كتب عليها الله أكبر وهم يعبدون عليا. أي غنيمة يا مختلين يا متخلفين؟ وهل ستضمونها إلي روما التي قال بطل فيديو ذبح المصريين إن رفاقه سيفتحونها؟ ومن فرط الهوس الإعلامي بتلك الصغائر, اهتمت بها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية, وقالت إن يكن من أسرة فوق المتوسطة, من حي مصر الجديدة الراقي, وإنه انتقل من حياة المدرسة الخاصة والجيم في القاهرة الي القتال مع داعش في سوريا. ونقلت عن والد إسلام أنه ربي ابنه في مصر الجديدة, وعلمه في مدرسة خاصة, ودرس باللغة الفرنسية. وتدرب إسلام كثيرا ليصبح مدربا للياقة البدنية, علي أمل أن يحقق بعض النجاح, ويلفت أنظار بعض الصديقات ويجمع الثروة بحسب الصحيفة!! وفي إطار لعب العيال, أعلن يكن أخيرا انضمام مصري آخر لصفوف التنظيم, وقال عبر حسابه علي تويتر: أحب أوجه رسالة لكل الصحفيين وغيرهم اللي كانوا بيحاولوا يتواصلوا مع أقرب صديق ليا في مصر محمود الغندور.. هو معي الآن. وهنا يبدأ الفصل الثاني من المسرحية الهزلية, فقد اتضح أن الغندور يعمل حكما بالدرجة الثانية في الاتحاد المصري لكرة القدم, وأنه ابن شقيق الحكم الدولي السابق جمال الغندور, وعلي الفور أعلن الاتحاد شطب اسمه من سجلاته, فيما تبرأ عمه منه رسميا, وقال إنه لم يتصل به منذ عامين, علما بأنني سمعته بنفسي خلال أحد البرامج التليفزيونية يقول, قبل أشهر قليلة, إنه يتابع ابن شقيقه ويعطيه النصائح!! ولكي تكتمل الكوميديا, ظن الإعلامي محمود سعد أن صلة القرابة تربط بين الحكم المغمور وبين لاعب الكرة السابق والإعلامي الحالي خالد الغندور, فانبري يهاجمهما في برنامجه آخر النهار, مما أغضب خالد, وجعله يرد الصاع لسعد صاعين, ولم يجد الأخير بدا من الاعتذار له علي الهواء في اليوم التالي بعد أن اكتشف خطأه!! أما محمود الغندور نفسه, فقد ظهر في مقطع فيديو آخر نعم, فنحن في عصر الفيديو وهو يرقص الراب علي أغنية ورقة شفرة!! أي عبث هذا الذي نعيش فيه؟ وأي هزل؟