على طريق النهاية أمشى حيث بدأت أوراق خريف العمر تتساقط. على كاهلى أحمل أثقال عمر مضى تجاوز السبعة عقود تحالفت فيهم مع الشيطان أكثر مما اتقيت فيهم رب العزة جل جلاله. أتيت من ماض لم أكن اعرف فيه قيمة لخلق أو أحاسيس إنسانية. كل ما كنت أفكر فيه هو المال وكيف لى ان أحصل عليه بأى وسيلة. غايتى دائما هى الدنيا أموج فيها بأنانيتى نحو الملزات لا أبالى بأحد حتى عندما اشتد عودى وشكل الزمن أنوثتى ارتبطت بانسان على شاكلتى من نفس مستنقع الفقر الذى نشأت فيه يسعى لمغانم الدنيا وتوحدت أنانيتنا قبل أجسادنا واستبحنا سويا كل شىء حتى ابنتى الوحيدة التى رزقنى بها الله لم أعرف قيمتها و بعتها و كأنها سلعة و ليست قطعة منى وألقيت بها إلى المجهول مقابل حفنة من المال كان النواة التى كونا بها أنا وزوجى ثروة طائلة من الحرام ولك أن تتصور ما يمكن أن يفعله رجل وامرأة تحالفا مع الشيطان من أجل المال فقد طرقنا كل باب غير مشروع ودارت بنا سنوات العمر وغرقنا فى الثروة التى طالما حلمنا بها، ولكن الدنيا لا تعطى كل شىء، وكما أعمتنا عن حقيقتها وجعلتنا نلهث وراء بريقها الزائف أدارت لنا ظهرها سريعا فقد داهم المرض الخبيث زوجى وأنفقنا على علاجه فى مصر والخارج معظم الثروة الحرام وفى النهاية لقى ربه بكل ما جناه من الدنيا آثاما وذنوبا. رحل وتركنى وحيدة وشيئا فشيئا انسحبت سنوات الشباب واحتلتنى الشيخوخة بوهنها وأمراضها وفى الوقت الذى تنسحب فيه الدنيا استشعرت خطيئتى فى حق نفسى وحق ابنتى التى بعتها منذ أكثر من ثلاثين عاما. أبقانى قدرى حتى أرذل العمر كى أتلظى بوحدتى بعيدا عن ابنتى التى تخليت عنها بإرادتى فحرمنى الله منها ومن أى طفل آخر. كما قدر لى أن يستيقظ ضميرى متأخرا فيدمى نفسى الآثمة على ما فات ولكن بعد فوات الأوان. أعيش الآن على أعتاب آخرتى أحاول أن أتقرب إلى الله تائبة نادمة ورأيت أن أكتب لك حكايتى لعلى أتطهر من ذنبى ويغفر لى ربى لو أن أحدا من قرائك وجد فيها عبرة ونبراسا يهتدى به فى طريق غرسه الشيطان بالأشواك وربما تطهرى من آثامى يكتمل فقد قررت الحج إلى بيت الله الحرام وسبب تأخرى سنوات طويلة عن الحج رغم مقدرتى هو إننى لم أكن أريد السفر بمال حرام وبحثت عن عمل كدادة فى أحد الحضانات كنت أدخر راتبه بالكامل حتى اكتملت نفقة الحج وكنت أيضا أعوض حرمانى من الأطفال برعاية الصغار فى الحضانة. أكتب لك ليس طلبا للمساعدة ولكن ربما أجد من يدعو لى بالمغفرة فكلما اقترب العمر من نهايته يرتجف قلبى من الموت وكيف لى أن أنعم برحمة ربى ومغفرته أنا التى ارتكبت من الفواحش ما لا تتصوره؟ ل ك الإسكندرية من قال يا سيدتى إن الذنوب لا تغفر ولو كانت كزبد البحر أليس الله هو الغفور الرحيم فثقى بالله وبرحمته و كونى على يقين من توبتك التى آثرتيها عن رغبة حقيقية وصادقة بداخلك وأنت فى كامل قواك وصحتك و صدق المولى جل جلاله عندما قال " قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون" ويكفى يا سيدتى أنك تحريت المال الحلال فى رحلتك إلى الحج إن شاء الله وهذا يؤكد يقين توبتك وصدقها وهناك قصة من القصص النبوى أجد أنها تقوى عزيمتك وتزيد من يقينك وتريح نفسك الملتاعة. وذلك عندما جاء رجل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم وكان شيخا كبيرا وقال "يا رسول الله إن لي غدرات وفجرات فهل يُغفر لي؟ فقال له النبى ألست تشهد أن لا إله إلا الله؟ وأجابه الرجل بلى وأشهد أنك رسول الله فقال له النبى قد غُفر لك غدراتك وفجراتك". E.M : Khaled_el [email protected] للمراسلة : القاهرة - شارع الجلاء رقم بريدى 11511 الاهرام المسائى - فاكس 25791761 - تليفون : 0227703100 - 01229320261