الورقة الأولي: مصدر الأخلاق والسياسة. شيء ممتع حقيقي أن نري الدراسات السياسية تربط بين الأخلاق والسياسة لترد علي القول الشائع أن السياسة كذب وخداع ويحدثنا الدكتور إمام عبد الفتاح إمام في كل دراساته عن السياسة والحكم وضمير الحاكم وضمير الناس وأهمية ذلك علي مر العصور بل وفي العصر الحديث.. صاحب أدوات الكذب الاعلامي.. والشائعات ووسائلها الحديثة في نشر ما يصدق ومالا يصدق. يقول الاستاذ الكبير: يختلف القانون الاخلاقي عن القانون السياسي أيضا من زاوية مهمة هي مصدر كل منهما.. القانون الاخلاقي يستمد وجوده من الأفكار المستقرة في شعور الأفراد وضمير الجماعة.. سواء أكان مصدرها الاعتقاد الديني أو كان مصدرها مناهج الفلاسفة وطريقة قياسهم لضبط سلوك البشر.. ولهذا نجد القاعدة الاخلاقية تتسم بالوضوح والتحديد نتيجة لاختلاف الجوانب الداخلية للأفراد والشعور العام للجماعة. أما القاعدة القانونية فهي واضحة المعالم محددة الأبعاد لأن مصدرها المباشر السلطة التشريعية في المجتمع والتي تصدر تشريعا دقيقا محكما. من أجل ذلك نري القانون يختار من القواعد الاخلاقية كل ما يمكن ظبطه ويسهل اثباته.. فإن ذلك يفيد ويعطي قدرا من الالتزام يتناسب مع الوسائل المتاحة له. مساعدة المحتاجين من الاقارب أو غيرهم واجب أخلاقي.. وهنا القانون يختار درجة معينة من القرابة يري أن قوتها توجب قاعدة ملزمة فيجبر الشخص علي الانفاق علي أصوله وفروعه تاركا قواعد الاخلاق تنظم الانفاق علي ما عدا هذه الطبقة من الأقارب قواعد الأخلاق تمنع الشخص من الكذب بوجه عام ولكن القانون لا يعاقب الا علي بعض صور الكذب التي يسهل تحديدها واثباتها لما تمثله من خطورة علي المجتمع.. واعتداء علي الحقوق مثل: شهادة الزور.. أو تزوير المستندات أو الإدلاء ببيانات كاذبة. إن السياسة فعلا هي استمرار للأمن والنظام.. لكن هناك اختلاف بين القانون السياسي في تنفيذه للنظام في المجتمع.. وبين مبادئ الأخلاق وهي التي توجب عقاب المجرم مهما طال الزمن علي ارتكابه جريمته وإذا كانت الاخلاق توجب علي المدين أن يسدد دينه ولا يستحل مال غيره, فإن القانون يشترط كتابة الدين إذا بلغ حدا معلوما.. إن لم يكن لدي الدائن سند يثبت الدين لجهله بهذه القاعدة.. أو فقد سند الدين فإن دعواه لا تسمع.. ويضيع حقه الشخصي.. لماذا؟ لحماية الاستقرار والتعامل في المجتمع. إن ذلك لا يعني ان القانون والأخلاق منفصلان.. لكن الصحيح أن بينهما صلات وثيقة لانهما من مصدر واحد وهدف واحدهوالعيش مع الجماعة إن القانون مهما كان الفرق بينه وبين الاخلاق يشتمل تاريخيا علي بعض القواعد الاخلاقية ويزداد تأثر القانون الاخلاقي كلما تقدمت المدنية .. الواجبات التي كانت اخلاقية.. اصبحت قانونا مثل واجب صاحب العمل في تأمين العمال من حوادث العمل أو امراض المهنة.. وقد تحول ذلك من واجب أخلاقي إلي حق بالقانون في الاسرة يبدو ذلك واضحا فاي لزوج والزوجة وواجب الانفاق علي الاقارب.. وكذلك فإن القانون الجنائي يعاقب من يرتكب اعمالا مخلة بالآداب العامة.. وفي استبعاد اعمال العنف والأعمال الخفية في وضع اليد. وفي إمكان إبطال العقود للخلط أو التدليس أو الاكراه أو الاستغلال. لقد تشبع القانون بالافكار البناءة: والأخلاق. لكن السؤال هل الاخلاق في نفس درجة القانون! المسألة مسألة ضمير أولا.. لكن لكل منهما خصائصه وذاتيته ومع ذلك تظل الأخلاق هي الشيء المهذب للشعور السياسي عند الجماعة.. بل تظل ايضا هي العامل الاساسي في تكوين القانون عن طريق تهذيب ضمائر الافراد.. الجماعات المتمدينة تبذل جهدا في ان تزيد نصيب القانون من الاخلاق. ان إنسان العصر الحديث الذي نعيشه ندعو الجميع إلي ان يزيد نصيب الجميع بالطريق القانوني.. آمال العدل الطبيعي. الورقة الثانية: قالوا في الضمير والقانون قال جون ستيوارت مل إذا إنعقد إجماع علي البشر علي رأي وخالفه في هذا الرأي فرد واحد.. ما كان من حق البشرية اخراس هذا الفرد.. فهل من حق فرد واحد إخراس البشرية إذا تهيأت له القوة التي تمكنه من ذلك. قال افلاطون إننا لا نناقش موضوعا هينا. إننا نناقش.. كيف ينبغي أن يعيش الانسان قال جون ديدي: النظام الديمقراطي هو النظام الأمثل والأفضل الذي تحتمه طبيعة الانسان لكي ينمو ويزدهر. حكمه يونانية: الإسكافي يصنع الحذاء.. لكن الذي ينتعله هو وحده الذي يعرف أين يضايقه..