تفاءلت كثيرا بتصريحات الرئيس السيسي..عقب اجتماعه مع طائفة أخري من القوي السياسية, عندما أكد التزامه بإجراء انتخابات حرة نزيهة.. ولا يخفي علينا الآن في مصر أن الديمقراطية النيابية لن يمكن أن يكون لها مكان بيننا في مصر ما لم تتم الانتخابات البرلمانية بطريقة نزيهة وشفافة وعادلة... حيث تؤثر بعمق آليات العملية الانتخابية علي سمعة هذه الانتخابات, من حيث كونها أولي خطوات المنطلق الحقيقي نحو الاستقرار بمصر. و أعلم يقينا كذلك, كما يعلم الكثيرون أن برلمان مصر المقبل سوف يبلور معالم التجاوز الصعب لأهم مرحلة فارقة لها أثرها الظاهر بشدة علي مسرح الأحداث المصرية, ليس فقط في الوقت الراهن, لكن في المستقبل أيضا...حيث لا يخفي علي أحد أن البرلمان المقبل سيضطلع بمهام بالغة الأهمية والخطورة, مما يحتم الاهتمام به بشكل يناسب تلك الصلاحيات التي لا حدود لها, التي منحها له الدستور, تمهيدا لتدخل حقيقي, مثل أعرق الدول البرلمانية, في إدارة الشأن المجتمعي والسياسي, وذلك علي حساب سلطات الرئيس, كرأس للسلطة التنفيذية, خلافا لما كان عليه الوضع في توزيع السلطات في دستور...1791 وليس من شك أن الرئيس, بتصريحه الإيجابي هذا, قد وضع أصبعه علي أهم عورات الحياة السياسية في مصر تاريخيا, وهي إدارة العملية الانتخابية, وخاصة في العهود الحديثة نسبيا, حيث عبثت بها يد السلطة عبثا فاضحا... مما فرغ الحياة النيابية من جوهرها, وجعلها أشبه بالتمثيلية السمجة, التي سرعان ما سئمها المجتمع, وعبر عن نفوره منها في شكل عزوف شبه كامل عن المشاركة فيها, باستثناء التيارات الدينية ذات المطامع السياسية, التي وجدت في هذا العزوف فرصة ثمينة للترويج لقوتها من خلال قدرة الحشد النشطة لكل التابعين لها, وعندما رأي المواطن العادي أنه ليس من داع للتصويت اندفعت تلك التيارات بتابعيها بحضور تام من جميع أعضائها, فظهرت قوتها السياسية الوهمية, لأنها ليست قوة لها, بقدر ما كانت ضعف إقبال من معظم قطاعات الناخبين العاديين, التي تشكل الأغلبية الكاسحة من القاعدة التصويتية بالوطن. ولذلك تأتي تصريحات الرئيس في التوقيت الملائم تماما... لترسل رسالة طمأنينة لكل ناخب في المجتمع, أن صوته له قيمته, وأن الناس عليها ألا تتخلي عن حقها في صياغة مستقبل المجتمع بكامله, من خلال التوجه للصناديق وممارسة حق الخيار الحر للمرشح الذي يريده كل ناخب... والذي يتعين أن يهم كل مصري اليوم.... هو التأكد من إيجابية وعد الرئيس, الذي يعطينا أملا مضيئا في وقت نحتاج فيه للآمال الواقعية أن تتحقق, لخير مصر واستقرارها... حيث إن قيمة هذا التصريح يجب أن تستمد, ليس فقط من مسئوليته التاريخية أمام الوطن وأمام العالم بأسره, بل أيضا من قدر الثقة الذي يتمتع به الرجل في أعين معظم قطاعات المجتمع المصري, الذي رآه من اللحظات الأولي لتقدم الصفوف في أحلك أوقات الوطن وأقساها, رجلا ذا كلمة, ومصداقيته كانت واضحة, ووطنيته أوجدت له مكانا في قلوب الملايين, ولذلك فهناك يقين إيجابي بخلوص عزمه أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة, وخالية من التدخل الرسمي ضد أو مع أي ناخب.. اللهم إ لا أمور إدارة الشأن الانتخابي إداريا وفنيا, وأمنيا, بما يكفل إتمامها بنحو يرضي طموح المصريين. ولعل أهم عوائد هذا التصريح, هو تحريك الكتلة الصامتة الغالبة من الوعاء الانتخابي, الذي يبلغ نحو55 مليون ناخب, التي كانت بغيابها تفضح مصداقية جهة الإدارة في إتمام العملية الانتخابية و احترام نتائجها دون العبث بها..وهو ما يقودنا إلي تلمس إنفاذ وعد الرئيس, وتيقن العامة من ذلك, مما سينعكس بالضرورة علي تحفيز القدر الأكبر من تلك الكتلة الصامتة, أن يذهب إلي الصندوق ويدلي بصوته..متيقنا أن صوته لن يهدر قيمته, تحت أي مسمي... نحن نحتاج لوعد الرئيس.. مثلما نحتاج أن يثق الناس أن الرجل سيفي بوعده... وساعتها سيتوجه عشرات الملايين للصناديق.. لتكون العملية الانتخابية بحق عرسا لكل الوطنيين ومدخلا حتميا للديمقراطية التي يحلم بها المجتمع. [email protected]