برواتب تصل ل12 ألف جنيه.. العمل تعلن وظائف جديدة بشركة أدوية بالإسماعيلية    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 15 يونيو    واينت: 4 قتلى وعشرات المصابين والمفقودين في بات يام ورحفوت نتيجة الصواريخ الإيرانية    250 مصابا و8 قتلى بصواريخ إيران.. سلطات إسرائيل تقيم مركزا للتعرف على الجثث    "تأثرنا بالرطوبة".. أول تعليق من محمد الشناوي بعد تعادل الأهلي مع إنتر ميامي    اليوم.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة 2025    اليوم.. مجلس النواب يناقش مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم الأحد 15 يونيو    دعاء امتحانات الثانوية العامة.. أشهر الأدعية المستحبة للطلاب قبل دخول اللجان    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 15-6-2025 مع بداية التعاملات    نقابة الموسيقيين تحذر مطربي المهرجانات والشعبي بسبب الراقصات    "زيزو الأعلى".. تعرف على تقييمات لاعبي الأهلي خلال الشوط الأول أمام إنتر ميامي    حقيقة غضب وسام أبوعلى بعد تسديد تريزيجيه ضربة جزاء الأهلي    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    تحذير شديد بشأن حالة الطقس وانخفاض الرؤية: «ترقبوا الطرق»    «المركزى» يُقر خطة تحويل «إنكلود» لأكبر صندوق إقليمي في التكنولوجيا المالية    حارس إنتر ميامي الأفضل في افتتاح مونديال الأندية أمام الأهلي    أنظمة عربية اختارت الوقوف في وجه شعوبها ؟    رقم تاريخي ل زيزو مع الأهلي ضد إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    إعلام إسرائيلي: مصرع 5 وأكثر من 100 مصاب جراء القصف الإيراني على تل أبيب    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    تجاوز 63%.. مؤشر تشغيل القروض للودائع يواصل التحليق لمستويات غير مسبوقة    السينما والأدب.. أبطال بين الرواية والشاشة لجذب الجمهور    ذكريات مؤثرة لهاني عادل: كنت بابكي وإحنا بنسيب البيت    إصابات واستهداف منشآت استراتيجية.. الصواريخ الإيرانية تصل حيفا    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الموعد المتوقع لإعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025؟.. رابط الاستعلام برقم الجلوس    سبب دمارًا كبيرًا.. شاهد لحظة سقوط صاروخ إيراني في تل أبيب (فيديو)    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    "رفقة سواريز".. أول ظهور لميسي قبل مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    أعراض السكتة القلبية، علامات صامتة لا يجب تجاهلها    سوريا تغلق مجالها الجوي أمام حركة الطيران    السفارة الأمريكية في البحرين تدعو موظفيها إلى توخي الحذر عقب الهجوم على إيران    "العسل المصري".. يارا السكري تبهر متابعيها في أحدث ظهور    القانون يحظر رفع أو عرض العلم المصرى تالفا أو مستهلكا أو باهت الألوان    ضبط كوكتيل مخدرات وأسلحة آلية.. سقوط عصابة «الكيف» في قبضة مباحث دراو بأسوان    إغلاق كلي بطريق الواحات لمدة 5 أيام.. تعرف على الطرق البديلة    بداية العام الهجري الجديد 1447.. عبارات مميزة لرسائل تهنئة وأجمل الأدعية    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    إصابة سيدتين وطفل في انقلاب ملاكي على طريق "أسيوط – الخارجة" بالوادي الجديد    رسميًا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 15 يونيو 2025    كهرباء قنا تفتتح مركزًا جديدًا لخدمة العملاء وشحن العدادات بمنطقة الثانوية بنات    بمشاركة 20 ألف.. مستقبل وطن يُطلق مؤتمر شباب الدلتا بالإسكندرية    شهادة أم وضابطين وتقارير طبية.. قائمة أدلة تُدين المتهم في واقعة مدرسة الوراق (خاص)    نتناولها يوميًا وترفع من نسبة الإصابة بأمراض الكلى.. أخطر طعام على الكلى    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    ضمن مبادرة "100 مليون صحة".. صحة الفيوم تقدم خدمات المبادرات الرئاسية لأكثر من 18 ألف مواطن خلال عيد الأضحى    بدأت في القاهرة عام 2020| «سيرة» وانكتبت.. عن شوارع مدن مصر القديمة    أسرار صراع المحتوى «العربي - العبري» في الفضاء الاصطناعي    كأس العالم للأندية| «ريبيرو» يعقد محاضرة فنية للاعبي الأهلي استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي    جامعة بدر تفتح باب التقديم المبكر بكافة الكليات لطلاب الثانوية العامة والأزهري والشهادات المعادلة    النيابة تدشن المرحلة الأولى من منصتها الإلكترونية "نبت" للتوعية الرقمية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    فرصة للراحة والانفصال.. حظ برج الدلو اليوم 15 يونيو    رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السابق: لا تأثيرات لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية على مصر    سر دموع عبد الفتاح الجرينى على الهواء فى "صندوق الذكريات" ب"آخر الأسبوع"    الهلال الأحمر المصرى: تنظيم حملات توعوية لحث المواطنين على التبرع بالدم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرؤية الاستراتيجية للتنمية الشاملة
بقلم‏:‏ السيد يسين

في تشخيصنا للموقف التنموي في بلادنا‏,‏ وفي ضوء رصدنا لعديد من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعوق مسيرة الاصلاح‏,‏ توصلنا إلي نتيجة أساسية مبناها أن مصر تفتقر في الواقع إلي رؤية استراتيجية تبني علي أساسها استراتيجية شاملة للتنمية‏.‏
والرؤية الاستراتيجية بحسب التعريف هي الصورة المستقبلية لمجتمع ما بأنساقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية‏,‏ في العشرين عاما القادمة‏.‏ وقد صاغت دول متعددة متقدمة ونامية رؤاها الاستراتيجية ونشرتها في وثائق متداولة‏,‏ مما يؤكد ارتفاع وعي النخب السياسية الحاكمة وقادة التنمية
بأهمية التخطيط للمستقبل‏,‏ بدلا من الخضوع لمشكلات الحاضر‏,‏ ومحاولة حلها بطريقة
إطفاء الحرائق‏,‏ وليس علي أساس منهجي وفي إطار خطة شاملة‏.‏
الواقع أن الرؤية الاستراتيجية لأي مجتمع ناهض لا يجوز أن تنفرد بوضعها مجموعة صغيرة من الخبراء مهما كان تميزهم العلمي‏,‏ ولا حزبا واحدا ولو كان حزب الأغلبية‏,‏ كما هو الحال بالنسبة للحزب الوطني الديموقراطي‏.‏
وقد رأينا كيف أن الرئيس أوباما خاض معركة كبري بشأن اصدار قانون تأمين صحي يكفل للفقراء من الأمريكيين حق العلاج‏,‏ بدلا من الاستغلال البشع الذي تمارسه المستشفيات الاستثمارية‏.‏
ولو ألقينا ببصرنا بشكل مقارن علي تجارب الأمم المختلفة في وضع رؤاها الاستراتيجية‏,‏ لوجدنا أن الولايات المتحدة الأمريكية أصدرت منذ سنوات وثيقة بالغة الأهمية عنوانها تخطيط المستقبل الكوني‏.‏ وقد حاولت فيها رصد خطوط التطور المستقبلية في العالم حتي عام‏2020‏ ثم ألحقتها بوثيقة أخري مدت فيها أمد الاستشراف إلي عام‏.2035‏
وقد أصدر الوثيقة المجلس القومي الأمريكي للمخابرات‏,‏ وصاغها بشكل فريد حقا‏.‏ وذلك لأن فرق البحث المختلفة نظمت ورش عمل في كل قارات العالم لاستطلاع رأي النخب السياسية والاقتصادية والفكرية حول مستقبل العالم‏,‏ وطريقة إدراكهم للواقع الراهن‏.‏
وفي ضوء الرؤي المتعددة السائدة حاولت الوثيقة التأليف بين الإدراكات المختلفة‏,‏ لتقدم صورة مستقبلية تتسم بالتناسق‏,‏ وتتسم بدرجة معقولة من التنبؤ الصحيح‏.‏
وأصدرت إسرائيل منذ سنوات رؤيتها المستقبلية‏,‏ وقد شارك في وضعها‏600‏ أكاديمي إسرائيلي يمثلون كل فروع العلم والمعرفة‏,‏ وصدرت في‏16‏ مجلدا باللغة العبرية‏,‏ وقد قام مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت بعمل جليل هو ترجمة أهم ستة مجلدات إلي اللغة العربية ونشرها في سلسلة كتب‏.‏
ولو نظرنا للبلاد النامية سيتبين لنا أن عديدا منها قد صاغ رؤاه الاستراتيجية وفي مقدمتها ماليزيا‏,‏ وفي تقديرنا أن أحد أسباب التعثر في مسار التنمية المصرية وتعدد المشكلات التي لم تجد لها الحكومة حلولا مناسبة‏,‏ يرد إلي غيبة هذه الرؤية الاستراتيجية‏.‏
وقد كانت هذه الفكرة النقدية هي التي طرحتها تحت بصر السيد رئيس الجمهورية محمد حسني مبارك في اجتماعه مع عدد محدود من المثقفين‏.‏
كنت أول المتحدثين‏,‏ وطرحت الفكرة وشرحت أبعادها‏,‏ وطالبت في النهاية بضرورة تشكيل مجلس أعلي للتخطيط الاستراتيجي برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية أبرز العلماء المصريين في جميع التخصصات‏.‏
واستمع الرئيس للفكرة وأبدي ترحيبا ببحثها ودراستها‏,‏ وفي ضوء ذلك أعد دراسة عن تشكيل هذا المجلس المقترح وأسماء العلماء المرشحين لعضويته‏.‏
والواقع أن الرؤية الاستراتيجية لأي مجتمع ناهض لا يجوز أن تنفرد بوضعها مجموعة صغيرة من الخبراء مهما كان تميزهم العلمي‏,‏ ولا حزبا واحدا ولو كان حزب الأغلبية‏,‏ كما هو الحال بالنسبة للحزب الوطني الديموقراطي‏.‏
وإنما لابد أن تكون هذه الرؤية محصلة تفاعل واسع المدي لآراء النخب السياسية والفكرية في الأحزاب والمنتديات الفكرية وجمعيات العلماء والباحثين‏,‏ ومراكز الأبحاث والمثقفين والمفكرين بشكل عام‏.‏ وهذا التفاعل الفكري يمكن أن يتم من خلال حوار وطني ديمقراطي‏,‏ لا يستبعد منه أي تيار أيا كان اتجاهه السياسي‏,‏ بشرط أن يتم الاتفاق أولا علي الأجندة الأساسية للموضوعات التي ستطرح للنقاش‏,‏ وعلي أساس ألا يكون النقاش مرتجلا‏,‏ وإنما مبنيا علي أوراق بحثية جادة يعدها المتحاورون‏.‏
ولابد لهذا العصف الذهني أن يتاح فيه أكبر قدر من حرية التفكير وحرية التعبير‏,‏ ولا يمكن أن ينجح إلا في ظل إدارة ديموقراطية تتيح لكل صاحب رأي أن يعبر عن نفسه‏.‏
والواقع أنه في البلاد الديمقراطية المتقدمة تقوم الأحزاب السياسية المختلفة بدور أساسي في تقديم الأطروحات الفكرية التي تدور حول السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة‏,‏ بالاضافة إلي تحليلات موثقة حول السياسة الخارجية للدولة التي تقترح الأخذ بها‏.‏
وبالاضافة إلي الأحزاب هناك المنتديات الفكرية التي يشارك فيها المثقفون والمفكرون‏,‏ والتي من مهمتها الأساسية تأصيل الأفكار المطروحة في المجتمع‏,‏ وتطبيق قواعد النقد الموضوعي بصددها‏,‏ في ضوء عرض البدائل لحلول كل مشكلة‏.‏
خذ علي سبيل المثال موضوعات بالغة الأهمية تتسم باختلاف الآراء حولها مثل التعليم والصحة والمعاشات‏.‏
اتجهت دول غربية متعددة وفي مقدمتها بريطانيا وإيطاليا إلي رفع مصاريف التعليم الجامعي‏.‏ في بريطانيا علي سبيل المثال ارتفعت المصاريف الجامعية من ستة آلاف جنيه استرليني إلي تسعة آلاف جنيه استرليني‏.‏
وحين أعلن القرار قامت مظاهرات صاخبة في لندن وغيرها من المدن‏,‏ شارك فيها الطلبة والطالبات وأفراد من الجمهور العادي‏,‏ رفضا لهذا القانون علي أساس أن من شأنه استبعاد طبقات اجتماعية كاملة كالطبقة العمالية من إمكانية أن يتعلم أبناؤها في الجامعة‏.‏
وإذا كنا نعرف أن التعليم الجامعي في كل البلاد يعد من بين الآليات الأساسية للحراك الاجتماعي الصاعد‏,‏ لأدركنا أن حرمان طبقة اجتماعية كاملة من التعليم الجامعي معناه بكل بساطة سد آفاق التقدم الاجتماعي أمام أبنائها‏.‏
ونفس الموقف حدث في إيطاليا‏,‏ حيث ألغيت عديد من التسهيلات التعليمية التي كانت تتيح لأبناء الفقراء والطبقة المتوسطة أن يجدوا طريقهم إلي الجامعة‏.‏ وهكذا قامت في روما مظاهرات بالغة العنف احتجاجا‏.‏
ولو نظرنا إلي التأمين الصحي‏,‏ لأدركنا أنه من بين الموضوعات الخلافية الكبري في عديد من المجتمعات‏.‏ فهناك ميل الآن إلي تقليص المزايا الموجودة في القوانين القائمة‏,‏ مما من شأنه أن يحرم شرائح اجتماعية متعددة من حق العلاج‏.‏
وقد رأينا كيف أن الرئيس أوباما خاض معركة كبري بشأن اصدار قانون تأمين صحي يكفل للفقراء من الأمريكيين حق العلاج‏,‏ بدلا من الاستغلال البشع الذي تمارسه المستشفيات الاستثمارية‏,‏ وقد قدم أصحاب المصالح من الأطباء والمستشفيات هذا القانون وصدر بصعوبة بالغة‏.‏
والواقع أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت متخلفة تخلفا شديدا في هذا المجال‏,‏ إذا ما قورنت بعديد من البلاد الأوروبية‏.‏
ومن ناحية أخري تدور في مجال التأمينات الاجتماعية والمعاشات معركة كبري بين الرئيس ساركوزي في فرنسا وجماهير العاملين الذين نزلوا إلي الشوارع احتجاجا لأسابيع متصلة‏,‏ واستطاع ساركوزي في النهاية الذي صمم علي مد فترة استحقاق المعاش الكامل الي‏63‏ سنة‏,‏ أن يحصل علي موافقة مجلس الشيوخ علي القانون‏,‏ والذي صدر في الواقع ضد الإرادة الشعبية الفرنسية‏.‏
هذه كلها مجالات حيوية تمس حياة الناس جميعا‏,‏ وجماهير الطبقات الفقيرة والمتوسطة خصوصا‏,‏ مما يجعلها محل خلافات شديدة‏.‏
ومن هنا أهمية أن تدير النخب السياسية الحاكمة والحزبية بالإضافة إلي الباحثين والمثقفين عموما‏,‏ الحوار الفكري المتصل حول هذه الموضوعات الحيوية لمحاولة الوصول إلي حد أدني من الاتفاق يساعد علي رسم الخطوط الأساسية للرؤية الاستراتيجية للمجتمع‏.‏
غير أن الحوار الذي يدور بين دوائر النخب المختلفة‏,‏ لا ينبغي أن يصرفنا عن الاهتمام بإدراكات الجماهير للواقع واحلامهم بالنسبة للمستقبل‏.‏
ومن هنا أهمية تحليل رؤية النخبة من ناحية‏,‏ وأحلام الجماهير من ناحية أخري‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.