بعد توقف دام عامين نتيجة للأوضاع الاقتصادية التي مرت بها مصر, قررت الحكومة استئناف إجراء تخفيض الجمارك علي السيارات المستوردة من الاتحاد الأوروبي من الأول من يناير, ويأتي تفعيل هذا القرار في إطار اتفاقية الشراكة الموقعة بين مصر والاتحاد الأوروبي, التي يتم بمقتضاها تحرير تجارة السيارات بنسبة10 % سنويا بدءا من عام2009 وحتي.2019 هذا القرار كان مبعث سعادة عند المستهلكين الذين يأملون في اقتناء سيارة بسعر مناسب, لكن ارتفاع سعر الدولار قد يبدد هذا الحلم, في الوقت نفسه وضع الحكومة وشركات تجميع السيارات أمام معضلة إنتاج سيارة مصرية مائة في المائة. وقد شهدت صناعة السيارات في مصر ازدهارا هذا العام وحققت إنتاجا بلغ280 ألف سيارة بنسبة زيادة تقترب من40% مقارنة بالعام الماضي, وعلي الرغم من ذلك فإن الطموح لا يزال يراود الحكومة المصرية بالوصول الي ضعف هذا العدد من الإنتاج خاصة أن السوق المصرية لم تصل بعد الي مرحلة التشبع, وتوجد في مصر17 شركة فقط تعمل في مجال تجميع السيارات, بالإضافة الي وجود ما يقرب من550 شركة تعمل في مجال الصناعات المغذية للسيارات. الخبراء أكدوا أن هذه الصناعة الهامة تسهم في الناتج المحلي بما يعادل1.5% حيث تبلغ مبيعات السيارات40 مليار جنيه تقريبا سنويا, كما أنه من المتوقع أن تسهم هذه الصناعة بنسبة15% في الناتج المحلي الإجمالي, بالاضافة الي تحقيقها نسبة نمو تصل الي10% تقريبا خلال الثلاثة اعوام المقبلة. وأكدوا أن فإن هذه الصناعة سوف تواجه تحديا كبيرا يتمثل في إلغاء التعريفة الجمركية علي السيارات الاوروبية في عام.2019 علامات استفهام حول الآثار المترتبة علي هذا الإلغاء, وكيف سيواجه المنتجون والعاملون في هذه الصناعة هذا التحدي الكبير, وما هو المطلوب من الحكومة لمساندتهم في ذلك, وهل من الممكن أن نري سيارة محلية الصنع مائة في المائة في وقت قريب, وكيف نستطيع الوجود بل والمنافسة ايضا في الساحات العربية والاوروبية. أسئلة كثيرة ومتعددة حاول الأهرام المسائي البحث عن إجابات لها من خلال المنتجين والعاملين بهذه الصناعة. يقول المهندس وليد توفيق رئيس إحدي شركات صناعة السيارات: إن التحدي الذي تواجهه هذه الصناعة يعد تحديا كبيرا, ولكن علي الرغم من ذلك فهناك البدائل التي نستطيع ان نتفوق بها وان ننهض بهذه الصناعة ويصبح لنا وجود حقيقي وفاعل في الأسواق الخارجية, وهذه البدائل تتمثل في الاتجاه الي تصنيع السيارات الكهربائية أو السيارات التي تعمل بالغاز, مشيرا الي أن ذلك الأمر سوف تكون له العديد من الفوائد, سواء من الناحية البيئية او من ناحية المنافسة في الاسواق العالمية. وأضاف أن الدولة لها دور كبير في النهوض بهذه الصناعة وذلك من خلال العمل علي تقديم المحفزات لمنتجي السيارات او للعاملين في مجال الصناعات المغذية لها, وأيضا العمل علي تأهيل الصناعات المغذية للسيارات لتصبح قادرة علي المنافسة, مشيرا الي ان هذه المحفزات قد تكون مادية أو عينية من خلال إعطاء مميزات لمن يزيد حجم إنتاجه أو تصديره عن رقم معين تحدده الدولة. وأكد توفيق ضرورة اتجاه شركات الصناعات المغذية للسيارات الي التصدير, لافتا الي أن الصناعات في شتي أنحاء العالم تعتمد علي التصدير ومثال ذلك الهند والصين, خاصة أن المنتج من هذه الشركات مطابق لمقاييس الجودة العالمية. وأشار الي أن المشكلة التي تواجه شركات تجميع السيارات هي أن تكلفة المنتج الخاص بشركات الصناعات المغذية يفوق30% في السعر عن المستورد, مما يؤدي الي الاتجاه الي شراء المنتج المستورد لتقليل التكاليف. وأضاف المهندس وليد توفيق أنه يجب علي الدولة أن تعمل علي مساعدة شركات الصناعات المغذية للسيارات عن طريق فرض نسبة معينة من مكونات هذه الشركات علي مصانع وشركات تجميع السيارات, وكذلك يتم إلزام شركات تجميع السيارات ومن يريد الدخول في هذه الصناعة بالسوق المصرية بأن تكون هناك نسبة معينة من إنتاجه توجه نحو التصدير. وعن فكرة وجود سيارة محلية الصنع100% أكد أن هذا الأمر يعد صعبا للغاية, لافتا الي أن الشركات الكبري العالمية التي تعمل في هذا المجال لابد من وجود مكونات مستوردة داخل منتجها, وأننا اذا استطعنا أن نصل الي نسبة70% من مكونات السيارة محليا فهذا يعد في حد ذاته انجازا كبيرا, مشيرا الي ان أهم مكونات هذه الصناعة هو المحرك وهيكل السيارة. ومن جانبه اكد المهندس علي توفيق رئيس مجلس ادارة الرابطة المصرية للصناعات المغذية للسيارات أن بداية التغيير الحقيقي للنهوض بهذه الصناعة هو معرفة ما الذي يريده العاملون في هذه الصناعة وكذلك الحكومة, وهذه هي نقطة الانطلاق نحو الوصول بهذه الصناعة الي ابعد ما نتخيله, وقد يأتي الوقت الذي نتفوق فيه علي دول أخري لها اسم في عالم انتاج السيارات مثل كوريا والصين وغيرها. واضاف انه قد قام بتقديم خطة للحكومة تهدف الي النهوض بهذه الصناعة ثم طرحها للنقاش من جانب متخصصين في هذا المجال, وتهدف إلي مشروع لإنتاج مليون سيارة من موديل معين يصنع خصيصا للتصدير, علي ان تتبني الحكومة هذا المشروع ليس من الناحية المادية ولكن من ناحية تذليل العقبات ومنح بعض المميزات علي أن يتم انتاج200 ألف سيارة في العام الأول وتقوم الحكومة بتسويق جزء من هذه السيارات من خلال الجيش والشرطة وسيارات الاسعاف والتاكسي وبعض سيارات النقل الخاصة, مؤكدا أن هناك دولا كثيرة في أنحاء العالم تسير في هذا الاتجاه وآخرها كانت دولة المغرب. وأشار توفيق الا اننا يجب ألا نغفل قطاع المصريين العاملين بالخارج لأنه مهم وكبير, ففي حالة شرائه هذه السيارة والعودة بها الي مصر لن يتم تحصيل جمارك عليه, لافتا الي ان هناك قانونا يمنع تحصيل جمارك علي المنتج المصري. وفيما يتعلق بإلغاء الجمارك علي السيارات المستوردة من الدول الأوروبية في عام2019, أكد ان هذا الموضوع لا يسبب لنا اية مشكلات لأن سعر العملة الاجنبية يزيد أمام الجنيه وبالتالي تصبح السيارة المجمعة في مصر أقل سعرا من المستوردة من الخارج, مشيرا الي انه في هذا العام كانت نسبة شراء السيارات المجمعة في مصر أعلي من السيارات المستوردة من الخارج, حيث بلغت نسبتها57% مقابل43% للسيارات المستوردة. وأشار المهندس علي توفيق الي انه في عام2004 تم النزول بالجمارك من نسبة100% الي نسبة40% مما سبب حالة من الذعر لدي الشركات المصرية من عدم قدرتها علي مواجهة السيارات المستوردة من الخارج, ولكن ما حدث كان العكس واستطاعوا تحقيق ارباح بعد هذا القرار. وعن زيادة اسعار المواد المغذية للسيارات بنسبة30% عن المستورد أكد ان هذا الكلام غير صحيح وأن شركته تبيع بأسعار اقل من المستورد, مضيفا انه عند طلب منتج معين بحجم قليل فمن الطبيعي أن يرتفع سعره, بخلاف ان يكون هناك طلب من المنتج نفسه ولكن بكميات كبيرة فهنا تكون التكلفة أقل. وعن دور الحكومة في إعطاء محفزات أو مزايا لمنتجي السيارات, أشار الي أن الحكومة لم تبخل علي هذه الصناعة, ودائما ما تحاول ان تنهض بها, لافتا الي ان المستهلك هو الذي يستحق اعطاؤه المحفزات لشراء هذا المنتج.