لا شك أن الحديث حول السياسة الخارجية الأمريكية معقد للغاية ولابد أن يمر بالعديد من مناطق النفوذ الأمريكي والصراع في العالم سواء كان صراعا عسكريا كما هو الحال في العراق وأفغانستان وسوريا او صراعا سياسيا مثلما يحدث في منطقة آسيا الباسفيك بين واشنطن وبكين أو في أوروبا مع روسيا بسبب أزمة أوكرانيا والتخوف الأمريكي من تصاعد وعودة النفوذ الروسي من جديد أو في القارة الافريقية حيث تسعي الدبلوماسية الامريكية إلي استعادة هيبتها ومكانتها التي فقدتها خلال السنوات العشر الاخيرة لصالح الصين. ولذا فإن وصف السياسية الخارجية الامريكية بانها الأكثر ذكاء وغباء أيضا وهو الوصف الذي اطلقه الباحث الأمريكي والتر راسيل ميد والمتخصص في الاستراتيجية الأمريكية والقيادة السياسية بمعهد أبحاث هدسون واستاذ الشئون الخارجية في كلية بارد الامريكية- خلال اللقاء الذي اقامته السفارة الامريكيةبالقاهرة يوم الاثنين الماضي واداره مفيد الديك المستشار الاعلامي والمتحدث الرسمي باسم السفارة- يوضح الي حد ما التناقضات التي نراها ويلمسها العالم في السياسة الخارجية الامريكية خاصة وأن الدبلوماسية الامريكية كما قال راسيل ميد لاتتسم بالكفاءة في التخطيط طويل المدي وهناك تناقضات وأخطاء في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العديد من القضايا ولكن ما يجعل واشنطن تنجح وتستمر رغم هذه الاخطاء هو وجود آلية في السياسة الخارجية يلتزم بها الجميع وتؤدي إلي تحقيق النجاح. وأعتقد أن رفض البيت الابيض أول أمس تصنيف جماعة الاخوان المسلمين كجماعة ارهابية يدخل في نطاق الغباء الدبلوماسي لإدارة أوباما خاصة وأن الرد علي العريضة التي تم تقديمها للبيت الابيض لتصنيف جماعة الاخوان المسلمين كجماعة ارهابية خيب كل الآمال, حيث جاء به أن البيت الابيض لم ير دليلا ملموسا علي تخلي جماعة الإخوان المسلمين عن تاريخهم الطويل في التزام سياسة اللا عنف, والولايات المتحدة لا تتسامح مع أي عنف سياسي, وتواصل ممارسة ضغوطها علي أي طرف لممارسة السياسة بشكل سلمي,وهي ملتزمة بمحاربة الجماعات الإرهابية التي تمثل تهديدا عليها أو علي حلفائها. والرد الامريكي بهذا الشكل يؤكد أن ادارة أوباما مازالت تري أن العمليات التفجيرية والتفجيرات وسط القاهرة وفي شمال سيناء لاتشكل عنفا أو تهديدا للمصالح المصرية او المجتمع المصري بل إن جماعة الاخوان المسلمين لم تتخل حتي الآن عن سياسة اللا عنف وبالتالي فإن واشنطن حتي الآن وبالرغم من التصريحات والزيارات الامريكية المتتالية للقاهرة من عدد كبير من مسئولين امريكيين رفيعي المستوي في مقدمتهم وزير الخارجية جون كيري ووفد رجال الاعمال الامريكي الكبير لم تنجح في تغيير الموقف الامريكي تجاه الاوضاع في مصر وبالتالي فإن واشنطن بهذا الموقف غير المبرر إنما تؤكد أن دبلوماسيتها بالاضافة إلي غبائها فانها أيضا تصر علي استخدام معايير مزدوجة في التعامل مع الاحداث والوقائع. , والمؤكد أن قيام البيت الابيض أو الخارجية الامريكية بتأكيد أن حماس أو أي جماعات اخري تسعي إلي القيام بأي أعمال عنف أو تفجيرات في اسرائيل هي جماعات إرهابية وأن ما يقوم به أنصار تلك الجماعات وأعوانها في مصر ليس ارهابا ولايشكل خطورة علي مصر أو شعبها إنما يصب في خانة تأكيد عدم التوازن في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه ما يحدث في المنطقة وخاصة في مصر وأيضا يرسخ الصورة الذهنية المشوهة عن أمريكا بسبب تلك الممارسات لدي المواطن البسيط والذي بات يدرك تماما أن واشنطن تبحث فقط عن مصالحها ومصالح وأمن حليفتها الأولي في الشرق الاوسط اسرائيل والتي تمارس يوميا كل ما يخالف الشرعية الدولية ومقرراتها علي مرأي ومسمع من العالم وفي مقدمتهم واشنطن والتي تدعي حمايتها الشرعية الدولية.. ولكن من وجهة نظر دبلومسية هي الاكثر ذكاء وغباء أيضا. [email protected]