حقيقة هي أن يمر عليك اليوم مستغرقا24 ساعة, ولكن وأنت في طريقك إلي نيويورك أو أي من الولاياتالمتحدةالأمريكية, فهو يزيد علي ذلك7 ساعات وربما أكثر, لأنك تسير عكس عقارب الساعة. فقد غادرنا في بعثة رسمية لتسلم إحدي الطائرات الجديدة من مصنع بوينج لتنضم لأسطول مصر للطيران, ورغم أن الرحلة استغرقت أكثر من11 ساعة, إلا أننا وصلنا في ساعات الظهيرة لنفس يوم السبت الذي غادرنا في ساعات الصباح له وتقريبا في العاشرة منه. وبعد انقضاء ساعات السفر الطويلة علي متن طائرة بوينج777, وصلنا إلي مطارJFK بنيويورك تغيب فيه ملامح الحداثة والتطوير الذي يصاحب الأفلام الأمريكية, ولكنك تلاحظ التعنت الواضح في الإجراءات الأمنية عند ختم الجوازات من البعض, في حين أنك تجد الملامح البسيطة التي ترحب بك من بعض مسئولي الجوازات أيضا باختلاف واضح للجميع وما لبثت كل البعثة أن تمر إلا أنهم طلبوا التدقيق في أسماء فردين من البعثة ولم يستغرق الأمر سوي دقائق خرجنا جميعا بعدها من المطار في طريقنا إلي أحد الفنادق العتيقة بوسط مدينة نيويورك, ومن يزورها لأول مرة قد يفاجأ بالازدحام الشديد, خاصة ليالي نهاية الأسبوع, فقد استغرق الطريق إلي الفندق قرابة الساعتين, بينما في العادي45 دقيقة فقط, وما أن تطأ قدماك شوارع وسط المدينة, إلا أنك تجد الازدحام الشديد ممن يسيرون بشوارع نيويورك حتي تصطدم الأكتاف بعضها ببعض, فالأيام هي أعياد الكريسماس, ولكن هي سمة مميزة للشوارع هناك, ومع ذلك تجد عربات السندويتشات علي أرصفة المشاة يعمل عليها مصريون في الأغلب. المفاجأة أن هذه العربات التي تصنع السندويتشات والتي تشبه عربات الكبدة في شوارعنا تبلغ تكلفتها ما يزيد علي500 ألف من الجنيهات المصرية وتزيد, وذلك لارتفاع أسعار إصدار تصاريح العمل والكشف المستمر عليهم, وإليكم مفاجأة أخري, وهي إن رواد هذه العربات هم ليسوا من الطبقات الدنيا, ولكن هم من أطقم الضيافة والطيارين ومن يتنزهون في شوارع نيويورك, وأيضا من يخرجون ساعة غداء تفصل ساعات عملهم هناك, فهم مطمئنون لنظافة السندويتشات بأنواعها فهم في أمريكا. وفي شوارع نيويورك تجد أطيافا وأطيافا من البشر ليس هناك سواد أعظم تجد شعبا يتشابه كثيرا في ازدحام أكتاف البشر بعضهم ببعض كوسط المدينة بالقاهرة في أثناء السير, خاصة لأن موسم الكريسماس قد اقترب, فالجميع يتوجه للشراء وتنظيم الاحتفال بالأعياد, ولكن ناطحات السحاب وعددها اللانهائي هي ما يميز المدينة عندما تسير بشوارعها. وبعد انقضاء ساعات في نيويورك وفي عودة أخري إلي المطار, ولكن هذه المرة إلي مبني مخصص لرحلات طيران شركة يونايتد الأمريكية, التي تحتكر الطيران الداخلي بين المدن الأمريكية, ورغم أننا نملك فكرة خاصة عن الطيران الداخلي الأمريكي وما به, إلا أننا تملكتنا الدهشة حين صعدنا إلي الطائرة البوينج737 القديمة الصنع والممتلئة عن آخرها ولا يوجد كرسي فارغ علي متنها, ورغم أن الرحلة تمتد إلي6 ساعات منذ بدء الإقلاع وحتي الهبوط, فإن الشركة لا تقدم أثناء السفر سوي المياه وبعض السناكس الخفيفة بعد مرور أكثر من نصف وقت الرحلة. ونذكر هنا أن سعر تذكرة السفر علي متنها هو ألف دولار ولكنها تستغرق6 ساعات, آخذين في الاعتبار أن الدولار هو عملة الولاياتالأمريكية, ولا ينصرف عن أذهاننا أن أمريكا تمتلك مصنع طائرات بوينج أحد اثنين هم أكبر مصانع الطائرات في العالم. وإلي سياتل استقبلنا مطارها الهادئ جدا خرجنا إلي مدينة أكثر هدوءا وجمالا, ولكن مبانيها العملاقة وناطحات السحاب بها تفتقر إلي الإبداع المعماري, والفن فهي جدران ضخمة معدنية قد تكون أغلبها زجاجية لرؤية مناظر بديعة تتداخل فيها المياه والخضرة في البعد مكونة لوحات جميلة بديعة تسر العين الناظرة اليها, وتخترق هذه اللوحات مباني عدة لمايكروسوفت, وهي بلد انطلاق بيل جيتس وهذه الولاية الهادئة الشوارع والمباني والتي تبعد عن كندا250 كيلو مترا فقط يقوم بالانفاق عليها مسئولو بوينج ومايكروسوفت وستاربكس لأن سياتل هي نقطة انطلاقهم جميعا. وفي صباح اليوم التالي لوصولنا سياتل توجهنا إلي منطقة تبعد عن المطار, وهي مصنع بوينج للطائرات أحد أكبر مصانع الطائرات في العالم والمنافس الأضخم للإيرباص, وفي مدخل مركز بوينج وجدنا العلم المصري يرفرف ويعكس وجود مصر العالمي في أحد أكبر مصانع الطائرات في العالم وفي لقاء مع نائب رئيس شركة بوينج مايكل وارنر مسئول بالشركة شرح خلالها استراتيجية بوينج في تطوير وسائل الترفيه علي الطائرات, وأكد أهمية مصر لموقعها الجغرافي ومنطقة الشرق الأوسط كسوق واعدة للطيران خلال الآونة الحالية والمقبلة بحسب الدراسات التي قامت بها الشركة واصفا اعتماد صناعة الطيران في اقتصادياتها علي المسافرين والشحن الجوي, ونمو الحركة الجوية لزيادة العائد وأسعار الوقود, وأشار خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده للبعثة إلي الانخفاض الشديد الذي تعرضت له الصناعة خلال الأزمة المالية العالمية والتي أعقبها بحسب كلامه نمو ملحوظ في حركة النقل الجوي والاقبال علي طلبات الشراء للطائرات مستمر في مرحلة التعافي من آثار الأزمة. وخلال حديث مايكل عن أكبر عملاء بوينج قال انها الصين الشعب العملاق في العدد والذي ينمو في حركته الجوية بشكل ملحوظ مشيرا إلي ان افريقيا سوق واعدة للطيران ومصر تمثل أهمية كبري لموقعها الجغرافي حيث تستطيع شركات الطيران بها نقل ركاب افريقيا إلي منطقة أوروبا والعكس, وعن النظرة المستقبلية في صناعة النقل الجوي أوضح وارنر أن الحركة الجوية علي مستوي العالم ارتفعت بنسبة5% منذ عام1978 ومن المتوقع انتعاش الاقتصاد العالمي بنسبة3,2% سنويا وزيادة حركة الركاب5,3% والشحن الجوي5,9% مشيرا إلي ان ذلك لايمنع حدوث بعض التباطؤ في حركة النمو أحيانا إلا أنه سيشهد استمرارا في التزايد. واستطرد وارنر قائلا انه رغم تذبذب أسعار الوقود إلا أن وجود أسواق جديدة باستمرار يصنع توازنا بالسوق العالمية واتجاها تصاعديا لنمو الحركة الجوية عالميا, وهو ما يؤكده تزايد نصيب آسيا وافريقيا والشرق الأوسط من حركة الطيران مشيرا إلي أن اسيا ستدفع بقوة3% سنويا في نمو الحركة بينما الصين وحدها ستقود النمو بنسبة تصل إلي7% ولاتقل علي6,5% بينما أمريكا لن تشهد زيادة تزيد علي2,5%. وقال وارنر انه من المتوقع ان يتم طلب9000 طائرة جديدة لشركات الطيران في قارة أسيا خلال العشرين عاما القادمة منها40% للصين فقط. وفي شرحه أكد وارنر المسئول التجاري ونائب رئيس بوينج انه في عام1970 كان90% من أعداد الطائرات علي مستوي العالم منحصرا في أسواق أوروبا وأمريكا الشمالية فقط بينما أدي انتعاش الاقتصاد في قارة أسيا وافريقيا إلي اعادة التوازن في مجال صناعة النقل الجوي العالمي مدعوما بمعدلات النمو العالمية في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وافريقيا ب90% والذي توضحه التعاقدات مع شركة بوينج علي شراء الطائرات والمقرر تسلمها خلال الفترات المقبلة. وفي مفاجأة قد تسمعها لأول مرة ان تجهيز الطائرة البوينج737 التي تحمل في أصغر نموذج120 راكبا يستغرق48 يوما بينما ال777 تستغرق52 يوم فقط. وهو ما سوف نستعرض تفاصيله فيما بعد.. والأسبوع القادم نستكمل زيارة مصنع بوينج الأمريكي للطائرات. [email protected]