ملامحها تبدو بريئة كطفلة تعبر سنوات العمر الطويلة بحكايتها فى دهاليز المحاكم وأروقتها بحثا عن حق ضائع عمره أكثر من عشرين عاما. شقيق زوجها الراحل طمع فى حقها وحق أولادها فى أرض تركها لهم أبوهم ووضع يده عليها. استجاب لنداء الشر الطامع فى قلبه مستحلا مال اليتيم ولكنها لم ترض الخنوع أو الاستسلام له أخذت تدافع عن حق أولادها إلى ما لا نهاية فى مارثون طويل من إجراءات التقاضي، والتمسك بأطراف عدالة بطيئة. كانت صغيرة عندما توفى زوجها لم تتجاوز عقدها الثالث بعد تمتلك من مقومات الجمال ما جعلها مطمعا لكل من يحيطون بها. بعضهم يراودها فى شيطانية عن نفسها والبعض يريد منها الزواج ولكنها أبت على نفسها الحياة دون أولادها الصغار. باعت شبابها لهم و قررت أن تعمل من أجل أن يعيشوا حياة كريمة وإذا كان عمهم قد أراد لهم الضياع، فلن تتخلى عنهم هى، وقررت أن تكون لهم الأم والأب تسعى بهم نحو المستقبل تربيهم وتعلمهم، ولم تنس حقوقهم الضائعة سعيا وراءها فى أروقة المحاكم. أكثر من عشرين عاما مضت على إيفون وهى تحارب طواحين الهواء فى "دونكيشوتية" غير يائسة تلهث وراء الحق وهى على يقين أن الحق حتما غالب على أمره. لم يكن شقاؤها طوال هذه السنوات الماضية ضائعا فقد كبر الأبناء وشقوا طريقهم فى الحياة ولكن حقهم الضائع فى إرث أبيهم مازال تائها فى المحاكم. حصلت الأم على أحكام لمصلحتها ولكن شقيق زوجها عاد واستأنف وتلاعب فى المستندات ليضيع حقها إلى الأبد. فى ظروف غامضة تختفى مستندات القضية من الملفات وتسعى إيفون شهورا طويلة لاستخراج غيرها والبدء فى إجراءات التقاضى من جديد. وهكذا "دوخينى يا ليمونة" قرابة العقدين من الزمان ومازالت القضية متداولة. جاءت إيفون تحكى حكايتها وبداخلها خوف من أن يداهمها الموت قبل أن تحصل على حقوق أولادها. أولادها أنفسهم طلبوا منها أن تستريح من شقاء الجرى وراء المحاكم وأكدوا لها أن رسالتها نحوهم اكتملت وكل منهم عرف طريقه. ولكنها تأبى أن تستكين حتى عندما كرموها كأم مثالية تقديرا لرحلة كفاحها فى مدرسة ابنتها، لم تفكر فى نفسها، ولم تطلب الراحة لجسد أنهكته السنون بل قررت أن تستكمل المشوار حتى آخر نفس فى حياتها وأفضل لها أن تموت دون حقها. التقينا الأم ايفون فوزى التى قالت: تفاصيل الإرث الضائع تتمثل فى أن المرحوم زوجى ترك قطعة أرض لأولادى وعم الأولاد استولى عليها لأنه كان شريكا فى الأرض، وقدمت المستندات للمجلس الحسبى، وذهب الخبير للمعاينة وأثبت حق أولادى وقتها، وبعد ذلك حكمت المحكمة بنصيب أولادى فى قطعة الأرض وبعد مرور فترة عم الأولاد باع الأرض واشترى باسمه قطعة أرض وبناها عمارة وأبلغت النيابة الحسبية وأجروا معه تحقيقا وثبت فعلا انه هو من باع الأرض من غير إذن من النيابة الحسبية وبعد ذلك المحكمة حكمت بتبديد أموال القصر ومرت فترة طويلة لم ينفذ الحكم، وعملت محاولات صلح كثيرة باءت كلها بالفشل وفجأة وجدتنى أدور فى دائرة مفرغة فقد مرت سنوات وأولادى "ما اخذوش" حقهم قالو فى المحكمة الحسبية أرسلنا عدة خطابات بالأحكام إلى محكمة جنوبالقاهرة ولم نجد فى جنوبالقاهرة أى رد أكثر من مرة أذهب لمحكمة جنوبالقاهرة وأسأل "يقولون مفيش أى اسم او مستندات من اللى بتسألى عنها روحى واسألى فى شمال القاهرة واسأل يقولوا نفس الكلام لحد ما دوخونى وتعبونى". فذهبت للمحامى العام بالإسماعيلية وشكوت له فأرسل خطابا للمحامى العام بجنوبالقاهرة وكان الرد لا توجد أى أوراق باسم القضية أو أى مستندات وعندماعرفت قلت "يعنى حق أولادى راح" فما كان من المحامى العام إلا أن أعطانى صورا رسمية من أوراق القضية وذهبت بها للمحكمة التى حولتها لخبيرة من القاهرة تابعة لجنوبالقاهرة وأثبتت حق أولادى ولكنى فوجئت بعد ذلك بالطعن فى تقرير الخبيرة، وإعادة عرض القضية على خبير آخر للمرة الثالثة، وفى أول جلسة قدمت المستندات وحكم المحكمة وحكم النيابة الحسبية وبعد ذلك القضية انتهت من عند الخبير وراحت المحكمة بجلسة 9/9 /2014 وتم تأجيلها للاطلاع على تقرير الخبير. وهكذا أدور فى دائرة مفرغة. ولست أدرى كيف تجاهلت المحكمة الأحكام التى حصل عليها المجلس الحسبى وتقارير الخبراء الثلاثة بالإسماعيلية وتعيد القضية التى عاشت فى المحاكم أكثر من عشرين عاما، وإذا كان عم الأولاد استطاع إخفاء مستنداتى ثانية بطريقة أو بأخرى فأنا لن أمل المطالبة بحق أولادى.