يبدو أن تونس سوف تكون المحطة الثانية في قطار سقوط الإخوان ممن وصلوا إلي الحكم بعدما سقط حكم الجماعة المحظورة في مصر علي يد شعبها بدعم من الجيش. فقد أسفرت الجولة الأولي للانتخابات الرئاسية التونسية التي أجريت بعد أقل من شهر علي إجراء الانتخابات البرلمانية التي أسفرت عن سقوط مدو للإخوان عن دخول المرشحين علي كرسي الحكم بين الرئيس المنتهية ولايته محمد منصف المرزوقي المنتمي لحزب النهضة ذي الميول الإخوانية ومؤسس و رئيس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي ذي الاتجاه العلماني المناوئ للإخوان عن الاعادة بين الطرفين في وقت كانت كل تحليلات المراقبين تشير إلي تقدم السبسي في تلك الانتخابات وزيادة فرصة في الفوز. فقد كانت تونس مصدر إلهام كل الدول العربية للتخلص من أنظمة الحكم الاستبدادية بها وكانت مصر ثاني محطات قطار الربيع العربي و التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق مبارك ونظامه ودخلت في حلقات متصلة صعودا وهبوطا أملا في استعادة الاستقرار للبلاد كانت احداها وصول الإخوان إلي الحكم و الذي كان في حقيقته القشة التي قصمت ظهر البعير حيث نجحوا في دفع الشعب المصري للإطاحة بهم بعد أقل من عام علي حكمهم و اقرار خارطة طريق جديدة كان أول استحقاقاتها اجراء انتخابات رئاسية ثم الانتخابات البرلمانية, إلا أن مصر حاليا هي مصدر إلهام الشعب التونسي الذي يسعي لتكرار المشهد نفسه مع تغير في الأولويات حيث أجروا انتخاباتهم البرلمانية أولا و كانت مؤشرا علي خلخلة حكم الإخوان هناك و ها هو الشعب التونسي يخوض تجربة الانتخابات الرئاسية مع الاصرار علي نجاح السبسي. و قد وصفت صحيفة نيو يورك تايمز الأمريكية تلك الانتخابات بأنها الانتخابات الديمقراطية الأولي التي تشهدها تونس بعد فترة انتقالية قاسية علي حد وصف الصحيفة- في إشارة إلي فترة ما بعد الثورة التونسية و حكم الإخوان للبلاد هناك لتكمل تونس بذلك خطواتها الديمقراطية الصحيحة منذ اندلاع ثورتها منذ ما يقرب من أربع سنوات. ووصفت الصحيفة السبسي بأنه الأوفر حظا في تلك الانتخابات و الفوز بحكم تونس خاصة وأنه مدعوم ب27 تشكيلا سياسيا و مستقلين و الذي اعتمد علي استغلال الإخفاق السياسي والاقتصادي لحكم المرزوقي في الدعاية لنفسه, حيث وعد خلال مرحلة دعايته باستعادة سلطة الدولة و الاستقرار للبلاد الذي عاني أكثر ما عاني من تدهور الأوضاع الاقتصادية و تصاعد موجة ما وصفه بالإرهاب الاسلامي في تونس منذ الاطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي. كما أن السبسي هو رئيس حزب نداء تونس و هو الحزب الذي نجح في اكتساح الانتخابات البرلمانية التي أجريت أكتوبر الماضي مما مهد له تشكيل حكومة ائتلافية. و رغم أن خلفية السبسي تثير مخاوف البعض من وصوله إلي الحكم خاصة وأن حياته العملية التي امتدت لأكثر من50 عاما قد شهدت عمله وزيرا ثلاث مرات ورأس البرلمان لمرة واحدة وعمل سفيرا في حكمي زين العابدين بن علي والحبيب بو رقيبة إلا أن السخط الشعبي علي حكم المرزوقي من جهة و السقوط المدوي للاخوان المسلمين في مصر جعل من السبسي في تونس أملا للشعب التونسي في استعادة بلادهم من حكم المتطرفين. و في تحليل للمشهد الانتخابي في تونس نشره موقع سي بي سي الإخباري الكندي قال إن الصراع الحقيقي بيبن السبسي و المرزوقي يمثل الصراع بين عودة استقرار فقدته تونس منذ اندلاع ثورتها وحتي الآن ورئيس لازال يتخذ من الثورة التونسية شعارا لجذ الناخبين لمنحه ولاية جديدة. فيما وصفت صحيفة الجارديان البريطانية الانتخابات الرئاسية التونسية بأنها الخطوة الأخيرة نحو الديمقراطية الكاملة في تونس منذ اندلاع ثورتها في2011 كأول رئيس يتم انتخابه انتخابا مباشرا هناك و سارت علي نهجها صحيفة الإندبندنت التي وصفتها بأنها استكمال لطريق الوصول للديمقراطية الكاملة في البلد التي شهدت ميلاد ما عرف بالربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط. وقالت الجارديان إن الربيع العربي الذي كان العنف السمة الأبرز في موجة التغيير التي أحدثها في دول الشرق الأوسط يضع الآن توجها حقيقيا نحو الديمقراطية بصورتها المرجوة في تونس باختيار أول رئيس بشكل ديمقراطي سليم بغض النظر عما ستسفر عنه نتائج التصويت. يذكر أن الانتخابات الرئاسية التونسية2014 هي الانتخابات الرئاسية العاشرة في تاريخ تونس.