سياسة إيران الخارجية مضطربة. لا تغتر بالتصريحات الزاعقة التي تأتي من هناك حول حقوق إيران النووية, وحول إسرائيل التي ستختفي من الخريطة. البعض في إيران يشعر بالفخر عندما يري ممثل بلده يجلس وحده ليواجه ممثلي الدول الست التي تفاوض إيران حول برنامجها النووي دون أن تهتز له شعرة. ممثل كوريا الشمالية التي يموت أهلها من الجوع يجلس بالشكل نفسه في مواجهة ممثلي خمس دول كبري أيضا دون أن تهتز شعره في رأسه. البرنامج النووي الإيراني يتقدم رغم المعوقات, لكن الاقتصاد الإيراني يئن تحت وطأة العقوبات. الإيرانيون أحسن حالا بكثير من أهل كوريا الشمالية, لكن البطالة التي وصلت إلي12.5% هي التحدي الأكبر الذي يواجه الإيرانيين. وطأة البطالة في إيران تزيد بسبب التضخم الذي وصلت نسبته هذا العام إلي25.3%. قد تفشل الدول في إدارة اقتصادها فتزيد البطالة وترتفع الأسعار, لكن مشكلات الاقتصاد الإيراني لها أيضا أسباب خارجية. العقوبات الدولية المفروضة علي إيران بسبب سياستها الخارجية تحرم البلد الغني بثرواته النفطية من استثمارها. شحنات السلاح الإيرانية تصل إلي قوي معادية للشرعية في لبنان وفلسطين. الإيرانيون يفعلون هذا بفخر رافعين شعارات دعم المقاومة ضد إسرائيل, فيصدقهم البعض في المنطقة. لكن المصدقين للدعاية الإيرانية يقل عددهم عندما يتم الكشف عن سلاح إيراني في أيدي الحوثيين, أو عندما تتم مصادرة شحنات السلاح الإيراني في موانئ نيجيريا في طريقها إلي جامبيا, البلد الإفريقي الصغير المهدد بصراعات داخلية. في إفريقيا برميل بارود ملتهب يتمثل في الجماعات العرقية المتباينة, وها هي إيران تشعل الكبريت, أقصد السلاح, بجانب برميل البارود هذا. العملاء المتعاونون مع إيران في نيجيريا تم توقيفهم, وقامت جامبيا بقطع علاقاتها مع إيران, وأحيل الملف كله إلي مجلس الأمن بشكوي رسمية من البلدين الإفريقيين. وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي ذهب لغرب إفريقيا لرأب الصدع الذي لحق بعلاقات طهران ببلاد غرب إفريقيا المنزعجة من التدخل الإيراني في شئونها. بينما كان متقي يؤدي مهمته في غرب إفريقيا قام الرئيس نجاد بإقالته في تصرف مهين للوزير الإيراني ولمضيفيه الأفارقة أيضا. صراعات السلطة والأجنحة في إيران من الحدة والسخونة والإلحاح حتي أنها لا تنتظر عودة الوزير إلي أرض الوطن. سياسة إيران الخارجية تؤذي اقتصادها, وصراعات السلطة تؤذي سياسة إيران الخارجية, وهكذا تكتمل الحلقة الجهنمية.