يعتبر مدخل الجدارات من المداخل الحديثة في التعليم والتدريب وإدارة الموارد البشرية, وقد تبنت الدول المتقدمة هذا المدخل وطبقته في جوانب عدة, وحققت نجاحات ملحوظة في التعليم القائم علي الجدارات أو ما يعرف بCompetency-basedEducation, وهو مدخل يعتمد علي تصميم المناهج وتقديم المقررات وتأهيل المعلمين علي أساس مزيج من المعارف والمهارات والاتجاهات. وبالنظر إلي نظام التعليم المصري الحالي, يمكن أن نقرر أنه نظام يعاني من التقادم والترهل والقوالب الجامدة والممارسات العقيمة في كل حلقات العملية التعليمية, فالمناهج توضع بطريقة افتراضية أي أن القائمين علي وضع هذه المناهج يفترضون أن هذه هي المناهج المطلوبة دون استطلاع آراء الأطراف ذوي العلاقة من مدرسين وأولياء أمور وطلاب وأصحاب الأعمال والحكومة والسلطات التشريعية ومنظمات المجتمع المدني, ثم حلقة التقديم أي شرح وتقديم المواد العلمية للطلاب بطرق تلقينية مع انخفاض كفاءة المعلمين ورفضهم لأي برامج تطويرية ومقاومة إدخال تكنولوجيا التعليم, ناهيك عن كارثة الدروس الخصوصية التي تستنفد ميزانيات العائلات المصرية وتحول المدرسين وخاصة في المرحلة الثانوية لأباطرة فسعادة الأسطي الكبير له مساعدين والحجز عنده بشق الأنفس ومن قبلها بشهور, أما الصغار منهم فيلطخون الشوارع بلوحات من قبيل ملك الفيزياء و دكتور الكيمياء... وهم يبرمجون عقول أولادنا بطريقة تحقق مجاميع عالية وهم بارعون في عمل الملازم والملخصات لدرجة أن بعض المدرسين الهنود يحضرون للقاهرة لشراء هذه الملازم لطلاب الIG واضرب مثالا علي مناهج اللغة الإنجليزية التي تركز علي قواعد اللغة من الصغر فتلميذ الصف الثالث الابتدائي يدرسPassive&Active وDirect&IndirectSpeech, مع ان التلاميذ في بريطانيا بلد المنشأMotherTongue يدرسون كما كبيرا من المفردات وأسماء عوالمهم أولا ثم في مراحل متقدمة يدرسون قواعد اللغة التي تهذب هذه المفردات اللغوية وتكون تراكيب لغوية ذات دلالة. والطامة الكبري هي الخطة الاستراتيجية للتعليم, ومع أنني أستاذ إدارة أعمال, وأؤمن بفكر التخطيط طويل الأجل, إلا أن مصطلح الخطة الاستراتيجية قد فقد معناه من ممارسات مرتزقي جودة التعليم الذين حولوا الخطة الاستراتيجية إلي مجرد كتاب أو مجلد ضمن عملية تستيف أوراق للحصول علي الاعتماد الأكاديمي الشكلي أو مشروع ممول, وبالنسبة لوزارة التربية والتعليم فإن كل وزير جديد يضع خطة ولا يكتمل تنفيذها وذلك علي مدار عقود منذ عهد حسين بهاء الدين, وبالتالي غياب الاستمرارية نتيجة الولاء لأشخاص وليس لسياسات وخطط عمل, وكل الأصوات وابواق المسئولين تتحدث عن خطة استراتيجية مع أنها مكون أو حلقة في منظومة أكبر هي الإدارة الاستراتيجية, ولا نجاح لخطط استراتيجية توضع ولا يتم تنفيذها ومتابعة وتقييم نتائج التنفيذ, كما لوحظ أن هناك خططا استراتيجية للتعليم وخطط استراتيجية بالجامعات كأن كل وزارة أو قطاع يعمل منفردا كجزر منعزلة بعيدا عن الخطة الاستراتيجية العامة للدولة. ولإصلاح نظام التعليم وتحديثه اقترح بداية وضع خطة طويلة الأجل لمدة عشر سنوات لقطاع التعليم بشقيه وأن تكون في إطار خطة عامة للدولة تحقق التكامل بين كل القطاعات. أستاذ إدارة الموارد البشرية بجامعة حلوان [email protected]