في عام1872 أنشيء خط سكة حديد البساتين الذي يطلق عليه عباسية طرة بهدف تسهيل حركة نقل البضائع والمشحونات الحربية وبمرور الوقت بدأ الزحف العمراني يحيط بالبساتين وما يجاورها من أحياء كالدويقة ومنشأة ناصر وصقر قريش ووصل هذا الزحف إلي حرم السكة الحديد الذي غزته العشش السكنية الصغيرة بالاضافة إلي بعض المصانع والورش وظلت سياسة الأمر الواقع تفرض نفسها علي هذه المنطقة العشوائية إلي أن تم إدراجها ضمن خطة التطوير الشاملة التي تنتهجها الدولة حاليا للقضاء علي العشوائيات وصدر قرار بإزالة مئات العشش واكثر من100 مصنع وورشة.
اعتراف بالخطأ الأهرام المسائي توجهت إلي هناك لرصد ابعاد المشكلة ومعرفة أراء أطرافها. في البداية اعترف العديد من أصحاب الورش بأن مشروعاتهم أقيمت دون موافقات من أي جهة فيما ادعي البعض الأخر أنهم استأجروا أماكن هذه الورش من هيئة السكة الحديد وأن قرار ازالة الورش جاء بعد وقوع حادث في الشهر الماضي وتسبب في وفاة عامل واصابه أخر بعد انحراف القطار عن مساره.
ويقول سيد بدر صاحب أحد المصانع أن هذه الورش أخذت في التزايد بسبب اهمال المسئولين للمنطقة حتي تحولت إلي تلال من القمامة ومرتع خصب للفوضي وامتدت التجاوزات إلي جانبي السكة الحديد وقام اصحاب الورش من جانبهم برفع تلال القمامة وبناء الورش لتكون مصدر رزق مشيرا إلي المجزر الآلي كان يلقي بمخلفاته علي شريط السكة الحديد دون أن يتحرك أحد وقال إنه يري أن هذه الورش لا تعطل حركة القطار الذي يمر مرة علي الأكثر اسبوعيا.
مصدر للرزق وأكد سعيد الزقم صاحب احد مصانع الرخام أنه حصل علي الأرض منذ15 سنة وقام بمزاولة النشاط ولديه6 عاملين وخفيران ولم يجد أي معارضة من جانب أي مسئول طوال هذه الفترة.
وأضاف أنه بعد وقوع حادث في الشهر الماضي فوجئوا بقرار ازالة هذه الورش بدعوي أنها تمثل اعتداء علي حرم السكة الحديد مؤكدا أن هذه الورشة هي مصدر الرزق الوحيد لعدد كبير من العمال وكلفته مبالغ كبيرة في إنشائها.
وأضاف الزقم أنه تقدم لهيئة السكة الحديد برسم معاينة وتخطيط ليحصل علي ترخيص وجاءت بالفعل لجنة للمعاينة ولكن لم يتمكن من الحصول علي أي اوراق رسمية متسائلا لماذا تم السماح لبعض المصانع بالإيجار رغم ان المسافة بين هذه المصانع وخط السكة الحديد مساوية ولا تزيد علي90 سم.
إزالة بدون انذار ويؤكد منصور بيومي صاحب مصنع الحجر الحراري بمنطقة البساتين وأحد المتضررين أنه تمت ازالة المصنع وقام باعادة بنائه مرة أخري لأنه مصدر الرزق الوحيد له مؤكدا أنه تقدم لهيئة السكة الحديد ودفع325 جنيها رسم تخطيط وجاءت لجنة ولكنه لم يتمكن من استكمال اوراقه وفوجيء بوجود قوة من الحي قامت بإزالة المصنع دون سابق انذار. وقال انه لم تكن هناك معارضة لوجود الورشة قبل الحادث مؤكدا أن هناك عددا يمتهنون صناعة الرخام والحجر الجيري والحراري وليس من الصالح أن تتم ازالتها خاصة وأنهم لايجيدون أي حرفة أخري وسيؤدي ذلك لزيادة البطالة وما يستتبعها من مشكلات.
وقال إنه مستعد للتفاوض مع أي جهة وبناء سور يفصل المصنع عن السكة الحديد علي نفقته الخاصة ليحافظ علي أكل عيشه وأوضح أن القطار ليس له مواعيد محددة وعدد مرات مروره لا تتعدي مرة في الاسبوع مضيفا أن مهنة الحجر الجيري والرخام تحقق لهم مكاسب كثيرة حيث يتراوح سعر المتر بين100 و200 جنيه ويعمل بالورشة7 عمال أخرين.
وقال إنه يوجد عدد من الورش حاصلة علي حق انتفاع مما شجع باقي الورش والمصانع في البناء ومزاولة النشاط. وأوضح عنتر عزام صاحب ورشة أنه حصل علي الأرض منذ10 سنوات وقام ببناء ورشته ولم يجد أي معارضة مؤكدا أن الورشة تعد مصدر رزق له ول8 عمال لديه. وقال إن لديه عاهة تمنعه من مزاولة أي نشاط أخر واسرته مكونه من9 افراد واذا تمت ازالة الورشة سيكون التشرد مصيره هو واسرته. ويضيف عطية عوض قائلا إن ورشته يعمل بها7 عمال وقام ببنائها منذ8 سنوات وكان يمارس المهنة دون أي معارضة من أحد. ولكن بعد وقوع الحادث المعروف جاءت قرارات بازالة الورش لما تمثله من اعتداء علي حرم السكة الحديد وتساءل أين نذهب إذا تمت إزالة كل ما نملك؟ وقال إن هناك أكثر من مزلقان في المنطقة لايقوم أحد بمراقبتها مما تسبب في وقوع الحادث وليس وجود هذه الورش.
بلا سند رسمي ويؤكد أمين اسماعيل أحد العمال بالمنطقة أن الورش موجودة منذ أكثر من20 عاما وبدأت تتزايد الواحدة تلو الأخري مما شكلت سوقا كبيرة لصناعة الرخام والحجر الجيري والحراري مؤكدا أنه ساعد عددا كبيرا من الشباب علي العمل.
واعترف أن أغلب هذه الورش بلا سند رسمي وتمثل بالفعل اعتداء علي حرم السكة الحديد مطالبا بضرورة توفير المكان البديل ليضم هذا العدد الهائل من الورش. ويشير رجب عبدالعظيم خفير بالمنطقة إلي أنه يعمل بالمنطقة منذ أكثر من18 عاما مؤكدا أن وجود هذه الورش ليس وليد اللحظة ولكنه جاء بشكل تدريجي وأغلب الورش لا تملك أوراقا أو مستندات ولكن هذه المهنة هي مصدر رزقهم ورتبوا حياتهم علي ذلك فكيف بعد كل هذه السنوات تتم ازالتها وتشريد العاملين بها؟ وطالب بتوفير بدائل للمشكلة حرصا علي العاملين ويؤكد وليد عبدالحافظ أحد المتضررين أقام ورشته منذ10 سنوات ولديه9 عمال وتقدم لهيئة السكة الحديد للحصول علي ترخيص وجاءت لجنة من الهيئة للمعاينة ثم لجنة للتخطيط وتساءل لماذا وافقت الهيئة من البداية علي المعاينة؟ ويري أن ازالة الورش يمكن أن يؤدي لانقراض المهنة حيث أن هذا هو المكان الوحيد في مصر لصناعة الحجر الجيري والحراري.
أكثر من مصنع وتساءل هل من المنطقي أن تتم ازالة أكثر من100 مصنع ويتم تشريد المئات من الأسر؟ وتشير ماجدة السيد صاحبة إحدي الورش إلي أنها لم تجد أي معارضة من جانب أي جهة منذ بناء الورشة منذ9 سنوات مؤكدة انه بمحرد وقوع الحادث علمت بقرار الازالة وتؤكد أن وجود الورش لا يعطل حركة القطار بأي شكل نظرا لأن المسافة كافية. وتري أن الحل بسيط وهو أن يتم ابلاغهم بمواعيد المرور لاتخاذ الاحتياطات وليست ازالة الورش التي تعد مصدر الرزق الوحيد لاكثر من500 عامل ويؤكد خالد عادل ابو العطا صاحب ورشة لتشوين الحجر انه تقدم بطلب لتأجير قطعة أرض بمساحة15 م2 لعمل النشاط.
وتم توجيه خطاب له للتوجه إلي مقر الشركة المصرية لمشروعات السكة الحديد والنقل ليبدي رغبته في زيادة المسطح وليتم اتخاذ باقي الاجراءات. وبالفعل توجه إلي مقر الشركة وفوجئ بتوقف الاجراءات وعلم بأن هناك قرارا بازالة الورش ويتساءل علي أي اساس تم توجيه الخطاب بالرغم من وجود نيه لهدم الورش؟ ويؤكد انه تقدم بطلب للحصول علي اوراق رسمية حتي يتجنب أي مضايقات من أي جهة مؤكدا انه علي استعداد لدفع أي قيمة ايجارية مطلوبة حتي لا تتم ازالة ورشته ويضيف أن المكان أصبح معروفا بأنه سوق لصناعة الرخام والحجر الجيري منذ سنوات ولا يوجد هناك مبرر لازالته.
ويقول عطيه عبدالمجيد صاحب مصنع رخام أن لديه9 عمال وخفيرا وحصل علي الورشة منذ12 عاما وحاول الحصول علي اوراق رسمية تثبت احقيته في الأرض الا ان كل الاجراءات توقفت وجاء قرار بازالة جميع الورش متسائلا لماذا وافقت الهيئة علي رسم المعاينة والتخطيط من البداية؟ ويري أن السوق تساعد في حل مشكلة البطالة لأن عدد العمالة فيها مرتفع واغلبهم يمارسون المهنة منذ سنوات طويلة.
واثناء تفقد المكان وجدنا عشة سكنية بجوار السكة الحديد وأكدت أم أحمد صاحبة العشة أنها تقطن بالمكان منذ سنوات عديدة وسمعت عن قرار الازالة الصادر ضد الورش والمنازل وتساءلت أين تذهب هي واولاها الخمسة حيث لا تملك أي مأوي أخر وأن القطار لا يمر أكثر من مرة في الأسبوع ووجودهم لا يمثل أي عائق لحركته وأنه لن تقع سوي حادثة واحدة لا دخل لهم فيها وكان الحادث قد اسفر عن مقتل عامل واصابة أخر اثر خروج القطار عن مساره وتحدثنا إلي ابن عم القتيل كرم سيد عيسوي وأكد أن الحادث كان في2010/1/9 وأن المتوفي كان يبلغ من العمر43 عاما واثناء عمله بالورشة فوجئ بانحراف القطار عن مساره ودخوله في الورشة مما تسبب في هدمها واصابة عامل ووفاة ابن عمه كرم وقال انه ظل يعمل في الورشة طوال عامين ونصف العام مؤكدا أن الورشة بدأت نشاطها منذ15 عاما وحاولوا استئجارها من السكة الحديد لكن الهيئة طلبت3 الاف جنيه ايجارا شهريا مما جعل صاحب الورشة يتراجع عن استخراج اوراق رسمية لها وأشار إلي أن ابن عمه كان يعول بنتين وادي الحادث إلي حرمانهما من والدهما مضيفا أن عائلة القتيل قامت برفع دعوي قضائية ضد هيئة السكة الحديد. ويري أنه رغم أن اغلب هذه المصانع تمثل اعتداء علي حرم السكة الحديد إلا أنهم ليسوا مسئولين عنها.
وأكد مصدر مسئول بهيئة السكة الحديد أن الهيئة بريئة من هذه الورش التي تمثل اعتداء علي حرم السكة الحديد. وقال إن المحليات هي المسئولة عن توفير مكان بديل لها موضحا أن وجود هذه الورش علي جانبي السكة الحديد خطأ سيتم تصحيحه وتداركه لا محالة. ونفي حصول الهيئة علي أي ايجار من اصحاب الورش موضحا أن المنطقة ستدخل ضمن خطة التطوير وسيتم بناء سور للمصانع التي لا يضر وجودها بالمنطقة. ويؤكد أحمد أبو الوفا أمين عام الحزب الوطني وعضو مجلس محلي بالبساتين أن السكة الحديد قامت بتأجير عدد من الورش وقام أصحاب الورش بتأجيرها إلي مجموعة أخري من المنتفعين.
ويري أن هذا خطأ جسيم من هيئة السكة الحديد بأن تقوم بتأجير بعض الورش لأن هذا شجع الكثير علي عملية الاعتداء علي الحرم دون وجه حق مؤكدا أن النشاط لا يجوز وجوده بأي شكل من الاشكال علي حرم السكة الحديد لما يعرض حياة جميع العاملين للخطر. وأضاف أبو الوفا أن هناك تعليمات بدراسة المنطقة وحصر عدد الورش والمنازل الموجودة بها ليتم تخصيص قطعة أرض جديدة تستوعب ورشهم ويري ان السبب في حدوث المشكلة هو عدم التنسيق بين الادارات موضحا انه ليس العدل ان تتم ازالتهم دون توفير البديل رغم ما تمثله الورش من اعتداءات علي الحرم من الجانبين.
وأكد مصدر مسئول في حي مصر القديمة رفض ذكر اسمه ان هيئة السكة الحديد قامت بتأجير مجموعة من الورش وعليها أن تقوم بوقف التعاقد مع هذه الورش. وذكر أن الايجار استغله البعض وقاموا بسرقة التيار من خلاله إلي باقي الورش ولكن اغلبها اعتداءات علي حرم السكة الحديد بدون أي وجه حق. وأكد انه لن يتم اتخاذ أي اجراء فعلي ضد المخالفين الا بعد توفير قطعة الأرض البديلة ليتم نقلهم خارج الكتلة السكنية. وأشار إلي أن أي سوق تقرر المحافظة نقلها لا يتم تنفيذ القرار الا بعد توفير المكان البديل والمناسب
واضاف أن بعض اصحاب الورش حاولوا التمادي في عملية الاعتداء وقاموا ببناء سور وتم ارسال خطابات للحي لوقف هذه الاعتداءات وإزالتها وأكد أن المسافة التي يجب أن تفضل بين الورش وخط السكة الحديد لا تقل عن4,5 متر من الجانبين وهو أمر غير متحقق. وبسؤال اللواء خالد الصعيدي رئيس حي البساتين قال إن هذه الورش نموذج صارخ للعشوائية بالمنطقة وسيتم ازالتها ولكن بعد توفير قطعة أرض لهم بالمنطقة الصناعية مؤكدا أن الصناعات التي تتم بالمنطقة نادرة ويجب الحفاظ عليها.
وأكد أن هذه الورش تقوم علي صناعة الرخام والحجر الجيري والحراري والفرعوني مما تساعد علي تشغيل عدد كبير من العمالة فضلا عن تحقيق مكاسب كبيرة. وأكد اللواء المعبدي انه تم توفير قطعة أرض بشكل مبدئي علي طريق العين السخنة مؤكدا أن وجود هذه الورش وسط المناطق السكنية تعد خطأ وتشوه الشكل الحضاري لمكان مأهول بالسكان.
,يوكد أن هيئة السكة الحديد قامت بمنح الايجار لورشة واحدة وهي التي تم من خلالها سرقة التيار والمرافق أما باقي الورش فتم بناؤها بشكل عشوائي. ويري حسن الصعيدي عضو مجلس محلي ومدير مركز التطوير التكنولوجي وادارة البساتين التعليمية ان وجود هذه الورش خطأ كان يجب تداركه من البداية مؤكدا انه يتم حصر هذه الورش ودراسة نقلها إلي خارج الكتلة السكنية.
وأضاف أن هذه الورش موجودة منذ عدة سنوات بالفعل وبعد وقوع الحادث أصبح لا مفر من ازالتها لما تمثله من خطر حقيقي علي كل المحيطين. وكشف حشمت أبو حجر عضو مجلس محلي البساتين أن هذه الورش موجودة منذ20 عاما ولكن تزايدت خلال العامين الماضيين مؤكدا ان هناك مجموعة متعاقدة بالفعل مع السكة الحديد.
ويري أن الورش المرخصة من حقها أن تحصل علي بديل قبل أن يتم ازالتها اذا كان لديه عقد. وأضاف أبو حجر أن وجود هذه الورش ضروري للحفاظ علي المهنة موضحا أنه تتم دراسة تخصيص قطعة أرض بديلة تستوعب عدد العمالة. ويري أن جميع العاملين في المنطقة من حقهم أن يحصلوا علي حقهم لأنهم يؤدون مهنة شريفة.
واوضح أن السكة الحديد عليها ضرورة فسخ التعاقد مع الورش لأنه مادام العقد مستمرا ستظل الأزمة قائمة لأن الورش المأجرة شجعت علي الاعتداء القائم علي حرم السكة الحديد مؤكدا أن السكة الحديد هي المالك و من حقها فسخ التعاقد.