رسائل عدة وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه الأخير والذي جاء كاشفا للعديد من النقاط وفي توقيت مصاحب للكثير من الأحداث التي تمر بالوطن, ثم زاد بعدها بالأفعال لا الأقوال رسالتين هامتين جدا, ورغم أن مناسبة الخطاب كانت حضور مناورة عسكرية فإن الرئيس وكعادته استثمر الفرصة ليتحدث الي الشعب حديثا من القلب لا تنقصه الصراحة, وبعيدا عن العبارات المنمقة والوعود المعسولة. رسائل الرئيس تعددت جهات استقبالها ما بين القوات المسلحة التي أكد لها التفاف الشعب حولها وثقته المطلقة فيها, مطالبا إياها باستمرار اليقظة والاستعداد الدائم لمواجهة التحديات وحماية الوطن والشعب, ولم ينس الرئيس أسر الشهداء وخصوصا ضحايا الحادث الارهابي في القواديس, مؤكدا أن الوطن لن ينسي ابناءه الذين دفعوا حياتهم ثمنا للدفاع عنه, وكانت لفتة كريمة من الرئيس لأن اسر الشهداء الذين لم تجف دماؤهم بعد, في حاجة الي سماع كلمة تطيب خاطرهم وتصبر قلوبهم الملتاعة علي فلذات اكبادهم التي رحلت غدرا. ومع تعدد الرسائل وجدتني أتوقف امام رسالته الي الشباب الذين خصهم دون فئات الوطن برسالة لها أكثر من دلالة وتعكس ايمانه الصادق بهم, وبأن الأوطان لاتبني الا بسواعد شبابها الذين هم نصف حاضرها وكل مستقبلها. وبدا واضحا حرص الرئيس علي أن تصل رسالته التي أطلقها من قلبه الي قلوب واسماع الشباب, ويكفي انه كرر كلمة( احتاجلك) في اشارة الي الشباب ثلاث مرات من اصل23 كلمة تضمنها نص رسالته, وفي ذلك الحاح يعكس تأكيد الدعوة وينتظر إجابتها غير أن الرسالة ورغم أهميتها ووضوحها وتأكيد مرسلها علي مضمونها وأهمية الفئة الموجهة اليها, وجد فيها بعض الضالين المضللين فرصة كعادتهم لتوجيه سهام النقد للرئيس ونظام مابعد ثورة30 يونيو التي أسقطت اقنعتهم وكشفت حقيقتهم امام الشعب المصري, فغيروا خططهم الي التواري ثم الظهور عند اي حدث لخطف الانظار مستغلين قنوات الفتنة, وشاشات الضلال, فضلا عن ضحالة فكر بعض المذيعين, وربما توافق بعضهم مع الانتماءات الفكرية لهؤلاء النفر الذين نصبوا أنفسهم محامين عن الشباب او متحدثين باسمهم. فما أن وجه الرئيس رسالته حتي راحوا يشككون في النوايا, وخلط البعض منهم الاوراق متصورا أن دعوة الرئيس موجهة الي فصيل الشباب الشارد المغيب الذي تلاعبت بعقله جماعة إرهابية ومن قبلها مؤسسات أجنبية فسقط في براثن الخيانة وراح يشعل النيران ويحطم الجدران في الجامعات والميادين ويسعي لحرمان رفاقه من تحصيل العلم وهم بفضل الله يمثلون الغالبية الساحقة للشباب المصري البكر الذي أري أن الرسالة موجهة اليهم وتستهدفهم, ويظهر خلط الاوراق عند البعض ممن يتشدقون بالحديث عن تمكين الشباب ومنحهم حرية التعبير عن الرأي والتظاهر رغم أن الجميع شاهد بعيني راسه وسمع بأذنيه, ماجري من خروج علي القانون بما يؤكد عدم سلمية هؤلاء وبالتالي سقوط اي حق لهم في التعبير عن الرأي بعدما تبنوا سياسة التدمير والحرق والاساءة للوطن والاساتذة وترويع الزملاء, ثم يزايد هؤلاء بالتساؤل عن الشباب الذي يقضي عقوبة الحبس بعد اختراقه القانون ووقوعه تحت طائلته وتمت محاكمته امام قاضيه الطبيعي وفق نصوص القانون الذي يتساوي امامه الجميع, ومن هنا فإن التلويح بأن الشباب يقبع في السجون فيه افتراء وافتئات علي الحقيقة, وخلط للأوراق يريد ان يصرف الناس عن الرسالة ومضمونها ويعيد ترديد ما اعتادوا عليه من عبارات ممجوجة تزيف الحقيقة لكن بفضل الله الغالبية الكاسحة من شباب مصر استقبلوا الرسالة بترحاب, وعزموا علي الانخراط في العمل العام والسياسي وبقي علي الاحزاب التي يقترب عددها من المائة ان تمنحهم الفرصة الحقيقية للاندماج والعمل وتبوؤ المقاعد القيادية, ومن قبل الاحزاب وجب علي الحكومة ان تعزز فرص الشباب بتبوؤ مواقع القيادة في مؤسسات الدولة بدلا من التجديد لمن تخطي السن القانونية, فكم من اجيال راحت ضحية التمديد والتجديد في السنوات الماضية. اما الرسالتان اللتان بعث بهما السيسي عملا لا قولا فكانتا بعد أيام قليلة من خطابه عندما اصدر قرارا بتعيين مستشارين له اولهما اللواء احمد جمال الدين لمواجهة الارهاب والثاني للأمن القومي وكان من نصيب السيدة الدكتور فايزة ابو النجا التي أصفها دائما بأنها بألف رجل, ونموذج للمرأة المصرية الوطنية صاحبة الشموخ والكبرياء, وفي اختيارها رسالة للعالم كله ان مصر لن تقبل العبث بأمنها القومي من خلال تمويل الجمعيات والتغرير بالشباب لنشر الفوضي ويكفي ان صحيفة نيويورك تايمز وصفت القرار بانه صفعة لأمريكا, فيما تمثلت الرسالة الثانية بصفعة لأردوغان وجماعته عندما استضافت مصر رئيسي اليونان وقبرص وهما بمثابة العدو التاريخي لتركيا وينافسانها في المتوسط ولهما مكانتها في أوروبا فإن الامر يعكس فكرا ورؤية تستحق ان تذكر للرئيس وتشكر.