هناك العديد من الهموم والتحديات الراهنة التي تواجهها الثقافة العربية, وأهمها العديد من النخب التي لم تخرج من الهوية المدنية الحضارية للمجتمع العربي ولم تعرف حقيقة الانتماء ولم ترتبط بالعمق التاريخي المكون للأمة والكامن في ذاتها وافتقدت الضمير والروح الطليعية للإرادة القومية كروح مقاومة للظلم والاستبداد ومكونة للتقدم والعلم والتغيير, نخب اعتلت القيادة التي خلقتها الأوضاع الراهنة للأمة وتميزت بالجهالة وعدم القدرة علي التعمق في تحليل وفهم الواقع, واستغلت قدراتها في دعم أغنياء البترول وأغنياء السلطة علي حساب شعوبها, نخب دفعت بها ومولها هؤلاء الأغنياء والأصولية الإسلامية الرأسمالية والقوي الأجنبية فإذا بها تقود بلدانها وهي متبنية سلوكيات ونماذج خارجية أجنبية لتسييدها في مجتمعاتها وبالتالي تتسيد شعوبها, مستهدفة تخريب وتفتيت المقومات الثقافية الحضارية المدنية الأصيلة لشعوبها وقطع تواصلها الحضاري واستمراريتها المدنية ودفعها للتخلف وللعزلة والانفصال والتشويه وإفقادها كرامة الإنسان العربي لصالحهم وإغلاق جميع أبواب المجتمع في وجه الحرية والعلم والتطور بل, وصار الوطن علي نحو ما يقول المناضل الراحل عبد الله النديم: البلاد علي سعة أطرافها كليمان وضاع الوطن, وكما يقول الشيخ الإمام محمد عبده: لاوطن إلا مع الحرية بل أصبحت تأخذ شكلا جديدا للاستشراق الذي يمكن تسميته ب الاستشراق المحلي كأداة محلية للغزو الفكري والثقافي لإعادة تشكيل الوطن بأفراده ومؤسساته وربطه بالنموذج الغربي ومخططاته وتحطيم كل ارتباط واستمرارية بمكنونات القيم العربية المعرفية والنضالية وقطع الصلة معها وإخضاعها للإرادة الأجنبية بل وفي أغلب الأحوال يتمركز ويتمحور الوعي الثقافي لهذه النخب حول الحاكم/الخليفة/ الملهم وإلي درجة التأليه والحاكمية الإلهية فيكثرالتضليل والتهليل والطبل والتزمير وشراء الضمير وبيعه في مختلف المحافل علي حساب الوطن والمواطن المطحون والتاريخ, وهكذا يشهد الواقع العربي اليوم كثيرا من التصادمات التدميرية بين المثقفين بما يشكلون من جماعات متباينة وأفراد وعناصر وأقليات ونخب قد تحكمت فيها الجغرافيا العرقية والأيديولوجيا العنصرية والتاريخية الماضوية والأصولية التكفيرية الارتدادية والرجعية وبما يهدد الوجود الجماعي للوطن الذي ينصهر فيه كل أفراده من أجل الحفاظ علي بقائهم في مواجهة الهجمات المركبة التكفيرية و الاستعمارية والتي تتخذ أشكالا متعددة وتحت مسميات مختلفة لتشعل الصراع بينهم وتنال وجودهم وتأخذه نحو الخراب والتحلل والفناء ووجعله مكانا لتجارب أسلحة الدمار والصناعات المدمرة للبشر وللبيئة وتحقيق الأهداف الاستعمارية في التفكيك والتجزئة والتقسيم, ومن ثم تكون مقدمة وداعيا للتدخل العسكري وهذه ما نراه يتحقق الآن للاستيلاء علي مقدراتهم الاستراتيجية والقضاء علي مقوماتهم القومية الحضارية التي توحدهم من أجل البقاء, فيما تكشف هذه التصادمات عن التوافق الذي يصل إلي حد التحالف بين عناصرها وبين الغرب الاستعماري الذي يهدد بلادها ويحول الكثير من الأفعال التي تبدو ثقافية في شكلانياتها إلي نوع من الأفعال التدميرية الثقافية المستهدفة بل وضمن المخططات الغربية الاستعمارية للسيطرة والسيادة علي الوطن وتحت ما يسمي بالقانون الدولي, وفي إطار خضوع الأممالمتحدة الدائم للهيمنة الاستعمارية يجري تقويض الوحدة الجغرافية والتاريخية بموافقة الكثير من النخب الثقافية المتصادمة والأقليات المتطاحنة مع بعضها البعض ممالأة للسلطان وإعلاء لمصالحهم وللأطماع الاستعمارية تأكيدا لعمالتهم للغرب وارتباطا به وسعيا للاستمرار في السيطرة علي الحكم بمساعدته والاستحواذ الدائم علي السلطة وفي سبيل ذلك تم تسييد سياسات التنازلات ابتداء من التنازل عن السيادة وإلي التنازل عن المقدرات حتي التنازل عن الجغرافيا والتنازل عن حقوق التاريخ والقيم الأصيلة لشعوبها كما يتضح في الراهن العربي في العراق وسوريا وليبيا وفي الحالة المصرية ماحدث في عهد مبارك كما في نموذج الاستثمارات الأجنبية وبيع القطاع العام والأراضي والثروات للأجانب والحالة الثقافية المصرية والتي تمثلت في استلاب الوعي والدعوة للماضوية وتتغييب وتشويه قيم المقاومة وترسيخ الاستسلام للأمر الواقع والخضوع للمعلب الثقافي الغربي المستورد الجاهزالذي تقدمه النخب ومحاربة العلم والعقل والاجتهاد وإعمال التكفير في مؤسسات مصر الوطنية التاريخية لنصل إلي من يصف جامعة القاهرة بأنها قامت من أجل هدم الشريعة الإسلامية, ورغم وجود كلية دارالعلوم بها التي قدمت للمجتمع العربي والإسلامي والعالمي الآلاف من معلمي اللغة العربية الذين حافظوا علي لغة القرآن الكريم ونشرها في العالم. عضو اتحاد كتاب مصر عضو آتلييه القاهرة للفنانين والكتاب