ربما كان جموح الكاتب أو جنونه يدفعه فى أحايين كثيرة لطرق مناح شائكة فيما يتناول من قضايا فى كتاباته سواء كانت هذه الكتابات أدبية أو مقالات رأى تحمل محتوى فكريا. و لكن ما طالعتنا به الكاتبة فاطمة ناعوت من أن شريعة الذبح في عيد الأضحى تعد أهول مذبحة يرتكبها الإنسان كل عام منذ 10 قرون بسبب كابوس لأحد الصالحين ليس من قبيل الإبداع الفكرى الذى يتعمق فى بعض المناحى الاجتماعية فى جرأة ليعيد رؤيتها بشكل عصرى يتوافق مع مقتضيات التطور الحياتية فما يقرره الله عز وجل من تشريع فى كتابه الكريم أو فى سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لا يكون عرضة لجنون الأدباء وجموحهم أو غواية شاعر أو حتى متشدق بكلمات لا يؤمن بها كما كتبت الكاتبة ناعوت على صفحتها ب فيس بوك ومع الأسف بعض الأدباء يرون فى فكرة التجرؤ على الدين نوعا من التمرد على التابوهات المقدسة التى تحتمها الرجعية الفكرية وأن ما يكتبونه ليس إلا نزعات كاتب يسمو على واقع متخلف ويحاول أن يشعل فيه ثقاب نار كى يضئ السواد فيه ولكنه دون أن يدر بأنه يشعل النار فى نفسه وفى كل مرجعيات الفكر التى لا تنفصل عن الدين أو حتى الموروث الثقافي لأى مجتمع. و هذه الكاتبة لو كانت تمتلك يقينا أو إيمانا بما تصوغ من حروف لكانت قد دافعت عنها ولم تعتذر عما طرحت من فكر حتى لو واجهت بسبب آرائها هذه نيرانا من الاعتراضات سواء المنطقى منها أو المتشدد. أين هى من أصحاب الفكر الجرئ الذين حاربوا من أجل فكرهم الذى كانوا يعتقدون فعلا أنه فكر متجدد يقشع الظلام ولا يحرق المعتقدات. ينير الطريق ولا يزيد الظلمة عتمة وقتامة وفى هذا ليس هناك فارق بين من يغالون فى الدين عن غير علم فيسيئون إليه ومن يتجرأون عليه بدعوى الفكر. أين هى من عميد الأدب العربى طه حسين الذى كان صادقا مع نفسه فيما يعتقد من فكر وواجه الدنيا كلها بفكره ولم يعتذر لأنه على يقين أن ما يكتب من حرف يحمل فكرا مستنيرا. وأين هى من الشيخ الشعراوى الذى واجه المجلس الأعلى الإسلامى بالسعودية ورفض فتوى لهم بنقل مقام إبراهيم من مكانه ودخل معهم فى سجالات طويلة حتى تغلب فكره المستنير وأخذوا برأيه. أين هى من قضايا خلق القرآن والصراع مع علماء الكلام فى صدر الدولة الإسلامية التى عانى فيها الإمام أحمد بن حنبل من التعذيب والسجن بسبب رفضه لذلك وقوله بأن القرآن كلام الله وإذا كانت ناعوت لا تعى شيئا عن سنة الذبح فى عيد الأضحى فعليها أن تستعيد الدراسة الإلزامية وتقرأ عن الأضحية لتتعلم أنها سنة مؤكدة وتقرأ قول الله فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. (سورة الكوثر: 2) وقوله تعالى قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَأيَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبِّ الْعَلَمِينَ × لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ. (سورة الأنعام: 162). والنسك الذبح وقوله تعالى وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الاَنْعَمِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ. يا سيدتى النبى صلى الله عليه وسلّم ضحى بكبشين أملحين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما كما ورد فى سنته وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: من ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين . رواه البخاري ومسلم. و هنا تبرز عبقرية الرؤية المصرية للدين الإسلامى عبر الأزمنة والحقب الماضية، فالوسطية التى انتهجها الأزهر كانت صمام أمان لفكر أمة مسلمة حق الإسلام، فنحن فى مصر لا نعيش هذا الشطط الذى يموج فى العراق وغيرها من النحل المتصارعة فى الدين التى يريدون أن نصل إليها.