وهلت علينا أعظم أيام الدنيا وأشرفها علي الإطلاق ليس للحجاج فقط وإنما لغيرهم أيضا كنفحة من الله لعباده, يغفر فيها للمذنبين ويتوب فيها علي التائبين ولذلك أقسم الله بها في قوله تعالي والفجر وليالي عشر والله لا يقسم إلا علي عظيم وسماها القرآن أيام معلومات وهي أيام الحج. في البداية يؤكد الشيخ علي الله الجمال إمام مسجد السيدة زينب أن مواسم الخير كثيرة ومتفاوتة ومن أعظمها موسم الحج, والعشر الأول من ذي الحجة لما ورد في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال: ما العمل في أيام أفضل منها في هذه, يعني أيام العشر قالوا ولا الجهاد؟ قال ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء فهي عشر مباركات كثيرة الحسنات, قليلة السيئات, عالية الدرجات, متنوعة الطاعات, وقد أقسم المولي بها فقال وليال عشر, ولا يقسم الله تعالي الا بعظيم فقد قرنها الله تعالي بأفضل الأوقات, والقرين بالمقارن يقتدي فقد قرنها بالفجر وبالليل فأما اقترانها بالفجر لأنه الذي بحلوله تعود الحياة إلي الأبدان بعد الموت, وتعود الأنوار بعد الظلمة والحركة بعد السكون, وقرنها بالليل لفضله كما أن الحديث دل علي أن العمل في هذه الأيام أحب إلي الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء شيء منها, وإذا كان أحب العمل إلي الله فيها فهو أفضل عنده, وكان سعيد بن جبير راوي الحديث إذا دخل العشر اجتهد اجتهادا حتي ما يكاد يقدر عليه, وروي عن كعب أن الله اختار الزمان وأحب الزمان إلي الله الأشهر الحرم, وأحب الأشهر الحرم إلي الله ذو الحجة وأحب ذو الحجة إلي الله العشر الأول, ومن فضائها أن الله أكمل فيها الدين وأتم فيها النعمة, إذ تجتمع فيها أمهات العبادات كلها وبكمال الدين يكمل أهله ويكمل عمله, ويكمل أجره, وقد حسدنا اليهود علي هذا الكمال فقال حبر من أحبار اليهود لعمر رضي الله عنه يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرأونها ولو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال أي آية قال اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا قال عمر قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه علي النبي وهو قائم بعرفة يوم الجمعة. ويقول الشيخ محمد عيد كيلاني مدير عام المساجد الحكومية بوزارة الأوقاف إن الأيام المعلومات التي وردت الإشارة إلي فضلها في قوله تعالي وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضافر يأتين من كل فج عميف ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات هي أيام العشر وأقسم الله بها لمكانتها لقوله تعالي والفجر وليال عشر والليالي العشر هي عشر ذي الحجة وهي التي سماها القرآن كما روي عن ابن عباس الأيام المعلومات لعظيم فضلها وشرف منزلتها وورد عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال إن العشر عشر الأضحي والوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر, كما روي أيضا قوله صلي الله عليه وسلم ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة فقال, رجل: يا رسول الله هن أفضل أم عدتهن جهادا في سبيل الله قال هن أفضل من عدتهن جهادا في سبيل الله, إنها أيام وليال مباركة لأن الأعمال الصالحة فيها أحب إلي الله تعالي فيها في غيرها وفيها يوم التروية وهو يوم الثامن من ذي الحجة الذي تبدأ فيه أول أعمال الحج ولأن فيها يوم عرفة وهو يوم عظيم له فضائل عظيمة, فهو يوم المغفرة من الذنوب, والتجاوز عنها ويوم العتق من النار, ويوم المباهاة, لما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة, وانه ليدنوا ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء: إلي آخر الحديث كما في هذه الأيام والليالي ليلة تجمع وهي ليلة المزدلفة التي يبيت فيها الحجاج ليلة العاشر من ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة وفي هذه الأيام والليالي تؤدي فريضة الحج الركن الخامس من أركان الإسلام, وفيها يوم النحر وهو يوم العاشر من ذي الحجة, الذي يعد أعظم أيام الدنيا لما روي عن عبد الله بن فرط عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال: إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالي يوم النحر ثم يوم القر كما أنها ليالي وأيام يشترك في خيرها وفضلها الحجاج إلي بيت الله الحرام والمقيمون في أوطانهم لأن فضلها غير مرتبط بمكان معين إلا للحجاج. ويشير كيلاني إلي أن هناك عبادات لابد من الاجتهاد فيها في مثل هذه الأيام ومنها الإكثار من ذكر الله لقوله تعالي ويذكروا اسم الله في أيام معلومات وقوله صلي الله عليه وسلم ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد كما يستحب الإكثار من الدعاء الصالح في هذه الأيام لفضلها وطمعا في تحقيق الإجابة وأن يكثر العبد المسلم من النوافل فهي تجبر ما نقص من الفرائض وهي من أسباب محبة الله لعبده, وإجابة دعائه ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيئات وزيادة الحسنات ولذلك حث النبي صلي الله عليه وسلم علي الإكثار منها قولا وعملا لما ورد عن ثوبان رضي الله عنه انه قال: سألت عن ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة, وحط عنك بها خطيئة. وكذلك الصوم من العبادات التي يتقرب بها العباد إلي الله ولها أجر عظيم حيث يكفر صوم عرفة السنة الماضية والباقية.