قدم ديفيد كاميرون اعتذاراه إلي الملكة علي اثر ارتكابه هفوة مزدوجة عندما كشف عن ارتياح الملكة إليزابيث الثانية لرفض اسكتلندا الانفصال عن بريطانيا, وانتهك في الوقت نفسه سرية المحادثات بين السلطة التنفيذية والملكة. ويؤخذ انتهاك البروتوكول الذي نادرا ما يحصل ولا يخلو من طرافة علي محمل الجد, لأنه يمس المبدأ الذي يقضي بألا تتدخل الملكة, المحايدة من حيث المبدأ, في الشئون السياسية. فهي تملك لكنها لا تحكم. وقع الحادث الثلاثاء الماضي في أروقة الأممالمتحدة عندما اخبر رئيس الوزراء متباهيا عمدة نيويورك السابق مايكل بلومبرج بمضمون اتصاله الهاتفي مع الملكة, في أعقاب انتصار رافضي استقلال اسكتلندا في الاستفتاء. ولم يتنبه إلي ان إحدي كاميرات فضائية سكاي نيوز كانت تصور هذا اللقاء الجانبي. وقال كاميرون تبلغ قمة الارتياح عندما تكون رئيسا لوزراء المملكة المتحدة, وتتصل هاتفيا بالملكة وتقول لها الأمور علي ما يرام... لقد طارت من الفرح والسرور. وسرعان ما انتشر مضمون هذه المحادثة الجانبية, فاضطر رئيس الوزراء الي الإعراب عن ندمه أمام الصحفيين الذين يرافقونه في رحلته للولايات المتحدة. وسئل كاميرون عن هذه الهفوة, فقال انه يشعر بانزعاج كبير, وبأسف شديد. وقال ان حديثه مع بلومبرج كان حديثا خاصا بالتأكيد, وكان يجب الا يحصل, ولن يتكرر. وأوضح كاميرون ان معاونيه نقلوا هذه الرسالة الواضحة الي قصر باكنجهام وانه سيقدم اعتذاراته شخصيا الي الملكة. وما يزيد من الطين بلة ان عددا من المعلقين اعتبروا كلامه ساذجا في احسن الاحوال ووقحا في اسوأها. وعبر عن هذا الرأي رئيس الوزراء الاسكتلندي اليكس سالموند والنائب العمالي بول فلين. فقد اعتبر الاول ان من المثير فعلا للشفقة الا يكون كاميرون قد تعلم المباديء الاولية بعد اربعة اعوام في السلطة. اما الثاني فشدد علي القول ان المحادثة الهزلية كانت تتمحور حول مسألة سياسية حساسة تنقسم حولها الآراء. ولم يمر هذا الخطأ مرور الكرام, بحيث ان الملكة لم تدل بأي تعليق علي الاستفتاء الذي كان يهدد بتفجير المملكة. وردا علي المعلومات التي افادت انها كانت مرعوبة من هذا الاحتمال, رأي قصر باكنجهام ان من المجدي إصدار توضيح جاء فيه ان الحياد الدستوري مبدأ سنته ديموقراطيتنا, وقد التزمت الملكة به طوال فترة حكمها.