ربما لم يشاهد90% من المواطنين المصريين سمكة قرش حية في حياتهم, ولم يكن معظمهم يأملون في ذلك, فغالبية سكان الدولة يعيشون في الوادي والدلتا, حيث لاتوجد سوي أسماك نهر النيل' اللطيفة', لكن تاريخنا يشير إلي أن تلك الكائنات الضخمة, وأحيانا المفترسة كانت توجد علي المساحة المصرية, فلدينا آثار وادي الحيتان بالقرب من بحيرة قارون, كما كانت لدينا تماسيح حتي وقت قريب, ولاتزال هناك خلف السد العالي, وكان معروف أن مايسمي' القروش المحيطية' تعيش في البحر الأحمر, لكنها ظلت بعيدة عن الشواطئ, والآن نحتاج إلي شرح لما يجري في مياه شرم الشيخ. لاأعرف لماذا تذكرت شخصية مصرية أسطورية, هي د. حامد جوهر, عندما رأيت صور القرش الأول الذي تم اصطياده في شرم الشيخ, فللحظة قصيرة, تخيلت أنني أسمع صوته المميز, ونظراته المدهشة, وهيئته العبقرية, وهو يتحدث عن القروش وأنواعها, وماجاء بها إلي هنا, فلقد كان الرجل يقدم برنامجا في التليفزيون المصري قديما اسمه' عالم البحار', وكنا صغارا للغاية, ولم تكن هناك وسائل إعلام كثيرة تتيح لنا رؤية ماكان يعرضه علينا, وبدت البحار وقتها عالما غريبا, رغم أن مصر تطل علي بحرين كبيرين, وتخترق أراضيها قناة, ثم واحد من أطول انهار العالم. بالطبع لم يكن الدكتور حامد جوهر سيشرح لنا ببساطة لماذا جاء قرش قصير الزعانف إلي تلك المنطقة, أو لماذا توحش قرش يوجد فيها أصلا بينما كان الغواصون قد اعتادوا علي الاقتراب منها دون مشاكل, لكنه كان سيقدم لنا شرحا لنظريات علمية تتعامل مع عقولنا بعيدا عن نظرية المؤامرة علي الأقل, وببساطة, كنا سنجد من يقدم لنا شيئا محترما, فكلنا يعرف أن لدينا جهات مهتمة بعلوم البحار, لكن يبدو أنها أهملت أيضا, مثل الجهات المهتمة بالفضاء وباطن الأرض والأرصاد الجوية, وغيرها مما كنا نهتم به قديما, بحثيا, في انتظار أن تهاجمنا سمكة قرش. [email protected]