عادت الأزمة بين إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وحكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية، لتتصدر العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام، خاصة في إسرائيل، منذ نهاية الأسبوع الماضي. وبرزت الأزمة في العلاقات بين الجانبين هذه المرة علي خلفية العدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة، علما بأن التوتر ومشاعر الغضب والخلافات في المواقف في كلا الجانبين كانت قد طفت علي السطح منذ العام الماضي، علي خلفية العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، التي وصلت إلي طريق مسدود. وساهمت معارضة إسرائيل العلنية لمعظم التفاهمات التي توصلت إليها الدول العظمي، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة، مع إيران حول البرنامج النووي لهذه الأخيرة، في تصاعد التوتر بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو. ولم يتردد المتحدثون الإسرائيليون، وفي مقدمتهم نتنياهو، ووزير الخارجية أفيجدور ليبرمان، ووزير الدفاع موشيه يعلون، في الهجوم علي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بسبب مواقفه إزاء حل القضية الفلسطينية والموضوع النووي الإيراني. ووصف المسئولون الإسرائيليون كيري بأنه "معاد لإسرائيل" و"مهووس" وأنه "شخصية غير مرغوب فيها" في إسرائيل. وفي الوقت نفسه، انفلتت الصحف في إسرائيل ضد أوباما وسياسته الخارجية ووصفته بأنه رئيس "ضعيف" وأن مكانة الولاياتالمتحدة كدولة عظمي قد تراجعت وضعفت كثيراً في عهده. وسبق كل هذا تدخل نتنياهو في انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي جرت في العام 2012، من خلال تأييده لمنافس أوباما، المرشح الجمهوري ميت رومني. رغم ذلك، فإن قسما كبيرا من الأمريكيين لم يرَ في تدخل نتنياهو سلوكا فظا، خاصة وأنه معدود علي الحزب الجمهوري. كما أنه ليس فقط أن أكبر ممول لحملات نتنياهو الانتخابية هو الملياردير الأمريكي اليميني شيلدون أدلسون، وإنما هذا الأخير أسس صحيفة في إسرائيل "هي "يسرائيل هيوم" والتي توزع مجانا وأصبحت الأكثر انتشارا في إسرائيل، من أجل خدمة سياسة نتنياهو. وتطرّق إلي ذلك محلل الشئون الأمريكية في صحيفة "هاآرتس"، حيمي شاليف، وكتب أنه خلال حملته الانتخابية "في العام 2008 لاحظ أوباما بصمات كارهيه في اليمين اليهودي من خلال حملة التحريض ضد أصوله الإسلامية. وفي العام 2012 ثبتت هذه الشبهات علي الملأ بالنسبة له، عندما أيد نتنياهو، خصم أوباما ميت رومني". ووصلت الأزمة بين أوباما ونتنياهو، خلال العدوان الأخير علي غزة، إلي ذروة غير مألوفة. وعلي ما يبدو فإن الجانبين تعمدا تصعيد الأزمة من خلال التسريب المتعمد إلي وسائل الإعلام. ففي الأول من أغسطس الحالي، عندما ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة رفح، بعد عملية أسر الضابط هدار جولدين، بعد ساعة من بدء وقف إطلاق نار محدود، بمبادرة كيري والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، سرب البيت الأبيض أن المسئولين فيه أصيبوا بالهلع جراء مشاهد الدمار وحجم النيران التي أطلقها جيش الإسرائيلي في هذا اليوم. ووفقا لتقارير صحفية إسرائيلية فإن مجزرة رفح أصابت الأمريكيين بخيبة أمل قصوى "من الأساليب التي تمارسها إسرائيل في غزة ومن عدم قدرة الولاياتالمتحدة علي التأثير في حليفتها". ورأي محللون إسرائيليون أن قرار البيت الأبيض بإرجاء تزويد إسرائيل بصواريخ "هيل فاير"، الذي كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الخميس الماضي، يدل علي أن واشنطن "انتقلت من الأقوال إلي الأفعال في محاولتها كبح ممارسة القوة الإسرائيلية في غزة والمس بالمدنيين". وفي المقابل، انتقدت وزيرة العدل الإسرائيلية، تسيبي ليفني، أداء إسرائيل تجاه الولاياتالمتحدة. وقالت إنه "قبل العملية العسكرية وخلالها أيضا، تفوه قسم من الوزراء وأعضاء الكنيست بصورة فضائحية تجاه الولاياتالمتحدة. وعلينا أن نفهم أن العلاقات مع الولاياتالمتحدة هي الأساس لاحتياجات إسرائيل الأمنية. وكل من يقول: "نعتمد علي أنفسنا فقط" لا يفهم ما يقوله، ولا يفهم احتياجات إسرائيل الأمنية". وقال وزير المالية الإسرائيلي، يائير لبيد، إن العلاقات بين إسرائيل والولاياتالمتحدة هي "كنز استراتيجي لا يجوز المساس به". وأضاف، منتقدا نواب اليمين، أنه "ينبغي أحيانا أن نعرف كيف نقول شكرا والاهتمام بأن تبقي العلاقات مع الولاياتالمتحدة في إطار الصداقة الشجاعة مع دولة إسرائيل".