فكرت الزوجة سريعا وهي تسمع صوت طرقات زوجها الموظف علي الباب كيف تفتعل شجارا جديدا لإجباره علي تسليم راتبه كاملا لها. لشراء متطلباتها هي أولا. وهو ما كان يرفضه الموظف الذي غادر غاضبا صباح يومه الذي لم يختلف مطلقا عما سبقه من ساعات أيامه وشهوره الماضية منذ بدايات زواجه من صاحبة العقل العنيد التي تعيش في أسر حكم وأمثال سيطرت الزوجة علي أنفاس وروح الزوج وهو العذاب والجحيم الذي يعيش الزوج الذي احتار في عناد زوجته التي لم تنصع لأمره سواء باللين أو الشدة التي لا يلجأ إليه بطبعه المسالم، هكذا كانت حياة الزوجين اللذين ذاع صيتها في منطقة منشأ ناصر بسبب لسان الزوجة الذي لا يعرف السكوت ولا يتحدث إلا بما يشين الزوج الذاهب صباحا لوظيفته الباحث عن الطمأنينة والراحة والسكينة المفقودة بين جدران شقته. حفظ الزوج جدران شقته وبلاطات أرضها فهما أنيس واليهما يشكو حزنه وبأسه. وعبثا ذهبت كل نصائحه إلي الغاضبة طوال الوقت. لا تنطق إلا بالفجر. استقبلت الزوجة بصراخها شريكها الرافع يده بالسلام ناقلا أولي خطواته إلي مسكنه. لم يفرع الزوج من الصوت الذي وصل صداه إلي أسفل طبقات الأرض وعنان السماء. وكل ما فعله أن استعد نفسيا لمشادة كلامية وعراك جديد، لكن الزوجة هذه المرة كان حديثها لا مثيل له وهي تعلم أن الموظف تسلم راتبه مبكرا بمناسبة اقتراب عيد الفطر وحدثت مفاجأة بتهديدها بالاتصال بشقيقها الذي كثيرا ما ندخل باستقواء ظالم ضده بدلا من إصلاح ما تهشم بين شقيقته وزوجها المسكين. شعر الزوج بإهانة بالغة تنال من كرامته التي داسها "الحلاق" ذو اليد الثقيلة والأخلاق الوضيعة والذي تطاول وأصابه جراء تعديه بالضرب سابقا. عدة مرات وكظم غيظه في نفسه للمرة العاشرة أملا في الاصلاح ولقلة حيلة أمام زوجة لا يردعها إلا نائبة من السماء أو طلقة طائشة تحصد صوتها الفضوح. هكذا كان يفكر مرارا الزوج ولكن زوجته نفذت وعيدها وسمعها تأجج غضب أخوها ضده بأن لا يترك هذا اليوم يمر إلا بوجود "صرفة" معه وإلا لن تعيش معه تحت سقف واحد. وأغلقت هاتفها وبدأت وصلة جديدة من المعايرة والسخرية من الفقر والفقراء وذوي الحاجة تعني أن تنال منه بألفاظ تعلم هي كيف تترك أثرها وكيف تفتح جروحه المندملة. مرت نصف ساعة وحضر "الحلاق" رافعا صوته هو الآخر بمجرد فتح الباب. يبدو أن هذه العائلة تستقوي بصوتها وبالتجريس تلطف الزوج في الرد مذكرا أنه لن يكون أبدا احسن منه علي زوجته التي يستأمنها علي اسراره ولكن الحلاق بدا وصلة سباب جديدة. شهر الزوج انه قتل ألف مرة بعد نالت الإهانة منه. يبدو أن الشيطان هرب في هذه اللحظة من الشر الذي يتطاير من عين الحلاق الذي اشتبك في عراك بالأيدي مع الزوج ووقفت الزوجة تزيد من سخريتها من الزوج الواقع بين براثن معدوم الرحمة. هل اكتفي "الحلاق" برطل الإهانات اللفظية والجسدية. لم يكتف. ألم تنذره شقيقته بأن يضع حدا لمأساة زواجها من "موظف". أشار "إبليس" من طرف خفي إلي "الحلاق" إلي مكان السكين بالمطبخ لم يغفل "الحلاق" النصيحة وأثبت أنه مطيع للوساوس قفز قفزتين تاركا الزوج يقع علي الأرض بعد أن أفلته عنوة. نظرا لزوج إلي زوجته الواقفة في طرف الشقة تراقب الصراع الذي تعلم نتيجته. طالت نظرة الزوج في عين زوجته هل كانت رجاء ام إنذارا بما ستلاقيه جراء أفعالها. لم تستغرق نظرته ثانية قال فيها كل شيء من غير صوت بعدها رجع "الحلاق" من المطبخ شاهرا سكينه هل اهتز الزوج أو خاف. لاحظ الحلاق ذلك من جنونه. قال في نفسه انه لا يخشاه ان اعتزازه بنفسه وتسليمه لأمره. زاده حقدا وغيظا. "الحلاق" لن يتكلم لن يمده بالضرب بكلتا يديه ثانية. السكين هي التي سترد وستكرر فعلها عدة مرات. وارتوي بلاط الشقة وجدارنها من كان يهاتفهما الزوج. بدمائه في نهار رمضان. وكانت تحقيقات نيابة منشأة ناصر برئاسة المستشار حازم عبدالشكور رئيس النيابة قد أكدت أن مصطفي.ع. 26 سنة حلاق اعتاد التدخل بين شقيقته وزوجها المجني عليه صابر 33 سنة موظف لحل الشجار الدائم بينهما وأنه يقوم بالتعدي بالسباب والضرب علي زوج شقيقته انتقاما لها لنصرتها في كل مرة. وتبين من تحقيقات المستشار محمد جميل وكيل أول النيابة، أنه في يوم ارتكاب الجريمة استنصرت الزوجة بشقيقها لوجود خلاف مع زوجها وبمجرد حضوره نشبت، بينهما مشادة كلامية تطورت إلي مشاجرة وتشابك بالأيادي فاستل المتهم سكينا وانهال طعنا علي الموظف انتقاما لشقيقته حتي غرق في دمائه بعد ان طعنه في الجانب الايسر عدة طعنات. وتم نقل المجني عليه إلي مستشفي الحسين الجامعي الا انه لفظ انفاسه الاخيرة فور وصوله إلي المستشفي وانكر المتهم امام النيابة ارتكابه للواقعة وقال: إن مشاجرة نشبت بينهما وسقط الضحية علي الأرض فغرست السكين في بطنه بالخطأ. وامرت النيابة باشراف المستشار ابراهيم صالح المحامي العام الاول لنيابات غرب القاهرة بحبس المتهم 4 ايام علي ذمة التحقيقات وانتداب الطب الشرعي لتشريح الجثة وتوقيع الكشف الطبي عليها لمعرفة اسباب الوفاة وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة.