حاول ذلك الطفل البائس ذو الملابس الرثة أن يقفز علي أحد الصناديق المليئة بالقمامة أمام مستشفي الفيوم العام, وأخذ يبحث مابين القمامة لعله يجد مايسد رمقه, أو يعثر علي أشياء يبيعها إلي مصانع بئر السلم لإنتاج سلع قد تدمر حياة المواطنين, هذا المشهد ثلاثي الابعاد, أبعاده الفقر وسوء النظافة والاهمال. ولم يكن ذلك الطفل البائس وحيدا ضمن هذا المشهد فأحياء وقري مدينة الفيوم مليئة بهؤلاء الأطفال فضلا عن تلال بالقمامة, واللافت في المشهد أن القمامة في الفيوم قضت علي الفروق الطبقية, فالاحياء الراقية والعشوائيات في من القمامة همهم واحد. وعلي الرغم من دعم محافظة الفيوم قطاع النظافة بالمحافظة بعدد10 سيارات ربع نقل جديدة وحديثة, وكذلك معدات أخري متطورة بتكلفة وصلت إلي15 مليون جنيه إلا أن تلال القمامة مازالت في الشوارع. وتشير بعض الدراسات إلي أن الفيوم, تخلف ما يصل إلي500 طن من القمامة يوميا. الاهرام المسائي قام بجولة ميدانية بشوراع مدينة الفيوم, لرصد سوء حالة النظافة بالمدينة, ففي مواجهة مبني مجلس المدينة بحي لطف الله, وجدت اكوام القمامة علي سور مدرسة الامريكان امام صناديق تالفة تشوه المنظر العام لارقي حي بالمدينة,الذي يضم استراحة المحافظ ومبني مجلس المدينة ونادي المحافظة. وفي منطقة النويري, المتاخمة لمبني مجلس المدينة وعلي احد فروع ترعة بحر يوسف امام مباني واستراحات الري التي كانت مثالا للنظافة والرقي نجد تلال القمامة وعلي كورنيش البحر. وفي حي دلة, الذي يقع فيه مبني الديوان العام ومديريات الزراعة والطب البيطري والطرق وهيئة محو الامية والمنطقة الازهرية والمعهد الديني والنجدة ويعتبر حاليا من الاحياء الراقية بالمدينة لايختلف الامر كثيرا. كما لم تخل احياء مصطفي حسن والحواتم والصوفي والشيخ حسن والبارودية وحي الجامعة وكيمان فارس من اكوام القمامة التي اصبحت تتصدر المشهد العام في تلك المناطق وتثير غضب الأهالي. ولم تسلم المستشفيات من هذا المشهد غير الحضاري فهناك تلال من القمامة تغطي اسوار مستشفي الرمد الحكومي بحي التفتيش بمدينة الفيوم, وأما عن مستشفي الفيوم العام فحدث ولا جرح فهناك3 صناديق قمامة أمام المدخل الرئيسيي للمستشفي, والمواجه لمبني العناية المركزة, ودائما ما تتراكم القمامة علي الارض في مشهد مأساوي أمام مستشفي المفترض أن تقدم علاج المرضي, وليس لكي تنقل لهم الميكروبات والفيروسات من صناديق القمامة. العديد من القري بدورها تعاني من عدم توفر مشروعات لجمع القمامة الامر الذي يجعل الاهالي يلقون بالقمامة في الترع والمصارف مما قد يتسبب في مشكلات أخري خاصة بانسداد قنوات الري, ومن ثم عدم توافر المياه اللازمة لري الاراضي الزراعية. وقد تباينت أراء المواطنين حول سبب تلك الظاهرة التي أرجعها البعض لسلوك غير مسئول وتصرف غير أخلاقي من عدد من المواطنين الذين يلقون بالقمامة في الشوارع. فيما يري آخرون أن إهمال المسئولين بمجلس المدينة وهيئة النظافة هو السبب وراء تفاقم تلك المشكلة خاصة أنه يتم دفع رسوم شهرية مقابل جمع القمامة في حين أن الزبالين, لا يحضرون لمدة قد تصل إلي4 أو5 أيام علي حد قولهم. يقول احمد إمام( مهندس) إن تلال القمامة اصبحت تغطي كل الشوارع ولايوجد مسئول عن جمع القمامة في الاحياء مما يضطر السكان لالقاء القمامة امام المنازل وبعض عمال القمامة ينقلونها الي اماكن أخري بالشوارع الرئيسية غير ان سيارات القمامة لا تحضر لرفعها الشوارع الرئيسية تغرق في القمامة. فيما طالب محمد سيد( صيدلي) بأن تكون هناك منظومة لجمع القمامة والتخلص منها بطريقة أمنة من خلال إقامة مصانع لتدوير القمامة والتخلص الامن من المخلفات, وخاصة داخل القري. وقال عادل عبد الرحيم, موظف إنه أثناء جولة لمحافظ الفيوم بمركز سنورسخدعه عمال إدارة النظافة بالوحدة المحلية, وقاموا بتنظيف المنطقة وعقب انصراف المحافظ عادت ريما لعادتها القديمة وانتشرت كميات كبيرة من القمامة طرق وميادين سنورس.. وكشف مصدر بمجلس مدينة الفيوم, أنه تم دعم قطاع النظافة بمعدات وأجهزة حديثة ومتطورة تشمل50 تروسيكلا بصناديق مجهزة لجمع و نقل القمامة, بالإضافة إلي عدد كبير من سيارات النقل الحديثة التي تعمل بالكمبيوتر; والخاصة بضغط ونقل القمامة إلي المقالب المخصصة لذلك, وسيارات لغسيل الشوارع, وذلك بقيمة إجمالية بلغت أكثر من15 مليون جنيه, منذ أكثر من عامان بدعم من وزارة البيئة. من جانبه أكد الدكتور حازم عطية الله, محافظ الفيوم, إن حملات النظافة مستمرة في جميع مدن ومراكز وقري المحافظة, مشيرا إلي أنه يتم بمشاركة منظمات المجتمع المدني والحركات الشبابية تنظيم حملات للنظافة بجميع شوارع المحافظة.