من جديد عادت أزمة المسلسلات كل عام في شهر رمضان من خلال انتشار المشاهد الخارجة والألفاظ النابية والتي يري البعض أنها لا تتناسب مع الشهر الكريم أو حتي لا يصح أن تقتحم المنازل من خلال التليفزيون الموجود في كل بيت, وهو ما أدي إلي مطالبة البعض بضرورة الحفاظ علي المجتمع من هذه الأمور التي قد تؤدي في النهاية إلي ردود أفعال عكسية فيصبح هذا الأسلوب هو الدارج في الحياة العامة, فيما رأي آخرون أن هذه الألفاظ والمشاهد طبيعية بالنسبة للبيئة التي يناقشها العمل, وكذلك طريقة نقاش البعض في الشارع أو علي مواقع التواصل الاجتماعي, وغيرها, وبالتالي من غير المعقول أن يحدث تناقض بين ما يقدمه العمل من قضايا وأسلوب الحوار الذي لا يتلاءم مع الشخصية. من جانبه قال الناقد طارق الشناوي إنه من الصعب أن نقول إن كل الأعمال الدرامية بها إسفاف أو مسحة زائدة من المشاهد الخارجة, ولكن هناك بعض المسلسلات كان من الممكن اختصار بعض المشاهد التي يوجد بها كم من الألفاظ أو المشاهد الخادشة للحياء, أو التي لا تصلح للمشاهدة الأسرية, وإن كنت في الوقت ذاته أرفض التدخل الرقابي الذي بدأ البعض يمهد بدخوله من خلال إطار النقد الفني, وهذا أمر لا يجوز. وأضاف أن الحل هنا هو أن ينقي الفن نفسه بنفسه فكل عمل فني رديء أو غير جيد يجب أن يرد عليه بعمل فني جيد, وبالتالي العمل المسف سيظهر في ظل وجود الريموت كنترول, مما سيزيد وعي الناس بالاختيار, وليس بالمنع أو السلطة الأبوية. وأشار إلي أن السبب الرئيسي وراء إضافة مثل هذه المشاهد في الأعمال الدرامية هي أنها تسهم بشكل كبير في جذب الجمهور, حتي ولو كان ذلك علي حساب بعض المشاهدين الذين يرفضون مثل هذه المشاهد والألفاظ. فيما أكدت الناقدة ماجدة خير الله أن مثل هذه الألفاظ التي يستاء منها البعض نستمع إليها بشكل يومي, ومن تسبب له هذه الأعمال أي ضيق فهناك ما يقرب من أربعين عملا يستطيع أن يشاهد أي عمل آخر كوميدي أسري, ولكن لا تطلب مني أن عملا مثل سجن النساء شخصياته عبارة عن مسجونات منهن المقبوض عليها في قضية دعارة وأخري مخدرات وتكون اللغة الدارجة بينهن مثل لغة الأشخاص الطبيعيين فهذا غير منطقي, ولكن الطبيعي أن يكون هناك ألفاظ خادشة للحياء لأنهن في النهاية رد سجون, كما أن الألفاظ الخادشة للحياء التي ترددت في هذا العمل مثلا هي كلام في غاية الاحترام بالنسبة للغة المساجين, أو حتي للشباب علي مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر. وأضافت أنه إذا كان من الممكن الاستغناء عن هذه الألفاظ ولم تخل بالسيناريو كانوا استغنوا عنه من البداية وبالتالي أنا لا أعتقد ذلك ولا أري انه تم إضافة هذا الكلام والمشاهد لجذب انتباه المشاهد, خاصة أن هذه الأمور مهمة للعمل الدرامي, وعلي سبيل المثال بالنسبة لمسلسل السبع وصايا الذي كتبه المؤلف محمد أمين راضي هذا العمل يتحدث عن خطايا البشر, وبالتالي فنحن نشاهد موبقات الإنسان, وأنه من الممكن أن يعطيه الله فرصة واثنتين للتراجع ولكنه يستمر فيها, إذن سيكون أمرا طبيعيا أن نري ألفاظا أو مشاهد خارجة لأن طبيعة قصة العمل نفسها تسمح بذلك. وأوضحت أن الشيء الوحيد الذي قد يسبب ضيق الأسرة من الألفاظ أو المشاهد الخارجة هو أن يكون العمل يدور حول مجتمع أساتذة الجامعة أو في مدرسة أو بنك, أو معمل, بينما يتحدث أبطاله بأسلوب لا يتناسب مع وظائفهم فهنا يكون هناك انفصام بين الشخصية ومفردات اللغة, والدليل علي ذلك مسلسل عد تنازلي الذي يتناول قصة ضابط شرطة مجرم محكوم عليه بالإعدام ومتورط مع جماعات إسلامية لا نسمع فيه مثل هذا الكلام نهائيا حتي في أقصي حالات الغضب, لكن حينما تكون هذه المصطلحات في بيئة فقيرة وأشخاص يرتكبون جرائم ومسجونين فهي في رأيي طبيعي خاصة أننا حينما نحكم يجب ألا نحكم علي المصطلح ولكنه قاله في أي وأضاف أن القادمين من السينما قدموا عددا من الإيجابيات تصب في مصلحة الدراما مثل الأفكار المختلفة, وطريقة التصوير, والإخراج, وغيرها, ولكن في الوقت ذاته كانت هناك سلبيات مثل أنهم لم يلتفتوا أن كثيرا مما يمكن تقديمه في السينما لا يمكن في الدراما مثل الدعارة وقضايا الشذوذ والعري وبنات تشرب المخدرات وغيرها من النماذج السلبية التي لا يجب أن تطرح بهذا الشكل في التليفزيون الذي يدخل كل بيت, وتشاهده الأسرة كلها وهي تعلم أنها لن تجد ما يخدش الحياء. وناشد صابر القائمين علي هذه الأعمال أن ينتبهوا لهذه المسألة لأنها زادت عن حدها حتي وإن كان هذا جزءا من النجاح لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح, ويجب الالتفات لهذه الظاهرة الخطيرة التي تشكل وعي جيل قادم. بينما قال المخرج محمد خان إن الألفاظ التي يراها البعض خادشة للحياء عليه أن يسير في الشارع ليري جزءا كبيرا من الناس وطريقة تحدثهم, وأعتقد أن اللغة حينما تتغير في الشارع, سيتغير علي الفور ما نشاهده علي شاشة التليفزيون. وأوضح أن ما نشاهده علي شاشة التليفزيون من خلال بعض المسلسلات في رمضان مخفف بشكل كبير خاصة أن هذه الطبقة التي يناقشها مسلسل سجن النساء طريقة نقاشهم ولغتهم مختلفة تماما عن الشكل الطبيعي, مشيرا إلي أن بعض المشاهد والألفاظ مهمة داخل السياق الدرامي ولا يضعها المؤلف للفت الأنظار إلي العمل.