سبعة أشهر كاملة تفصل تركيا عن انتخاباتها البرلمانية المفترض إجراؤها في الثاني عشر من يونيو العام المقبل ورغم هذا استعدت الاحزاب السياسية دون استثناء لهذا الحدث والذي قد يكون فارقا, خاصة مع رهان كثيرين بأن الحكومة القادمة لن تقتصر علي حزب واحد كما هو حاصل منذ ثماني سنوات بل ستكون ائتلافية, وبالطبع تثير هذا الانباء حفيظة الحزب الحاكم, الذي بات مدركا تماما أن المعركة الانتخابية لن تكون سهلة. في هذا السياق, لم تكن غريبة المعلومات التي تسربت من أروقة حزب العدالة الحاكم ووجدت طريقها الي الادبيات السيارة وتفيد بأن رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان بصدد اعادة هيكلة حزبه واستبعاد النواب الذين لم يكن ادائهم عند المستوي المطلوب وخلال لقائه مع مسئولي الحزب بعموم المحافظات التركية طالب اردوغان بالعمل بجدية دون تراخ من أجل تجاوز العدالة نسبة50% مقارنة بنتائج انتخابات عام2007 والتي حصل فيها علي نسبة47%. غير أن هذا, ووفقا للمراقبين, يبدو صعبا خاصة مع تراجع الحزب في الانتخابات المحلية العام الماضي بحصوله علي39%, ثم إن نسبة الموافقين علي التعديلات الدستورية في الاستفتاء الذي جري في سبتمبر الماضي وبلغت85% لم تكن لتتحقق لولا مقاطعة اكراد جنوب شرق البلاد, وبالتالي فلا تعد مؤشرا علي أن مؤيدي العدالة والتنمية أكثر من نصف سكان الاناضول. ولهذا طالب رئيس الوزراء وزعيم حزب العدالة والتنمية طيب اردوغان بالتركيز علي المدن الساحلية عامة وتلك الواقعة في الغرب والتي تصوت تقليديا لصالح العلمانيين. ونبه أردوغان مساعديه الي أهمية ازالة الاعتقاد لدي مواطني تلك المناطق والذي يذهب الي أن العدالة حزب ديني رجعي ضد العلمنة وأن يؤكدوا لهم أن هذا غير صحيح جملة وتفصيلا. من جانبه, بدأ حزب الشعب الجمهوري المعارض في اعداد الخطط لمواجهة العدالة وكله تفاؤل في ازاحته من الباشباكلنك( مقر السلطة التنفيذية) وثمة عامل آخر أسهم في زيادة ثقة الأعضاء بحزبهم وتمثل في خروج زعيم الحزب كمال كليتش دار أوغلو من أزمة اللائحة الداخلية التي كادت تعصف بالحزب منتصرا ضد خصومه العلمانيين المتشددين! وها هو يؤكد أن استراتيجيته تهدف إلي ألا تقل اصوات حزبه عن40%, بالاضافة الي ذلك أشار الي أنه يسعي الي عقد تحالف مع اليسار الديمقراطي المعارض والذي تزعمه الراحل بولنت اجيفيت كي يدخلا معا في جبهة واحدة الي الانتخابات المقبلة. أما حزب الحركة القومية اليميني ثاني الأحزاب المعارضة بالبرلمان التركي فقد دبت في أركانه حركة غير عادية تستهدف لم شمل اعضاء الحزب من جديد خاصة ان كل نتائج استطلاع الرأي الاخيرة أظهرت تقلص مؤيديه وان هناك مخاوف حقيقية من ألا يتمكن من تجاوز نسبة ال10% المقررة لتمثيل أي حزب بالبرلمان ومن اجل ذلك اعلن زعيم الحزب دولت بهشلي عن خطته الرامية الي استعادة أصوات المعارضين لسياسته وذلك بعقد لقاءات مباشرة معهم, ليس ذلك فحسب بل اجراء اتصالات وحوارات مع الاسماء القومية المهمة والمنضمة في صفوف حزب العدالة, وفي مقدمتهم وزير العمل والضمان الاجتماعي السابق مراد باش اسكي اوغلو واقناعهم بالعودة لصفوف الحركة القومية, وقد تردد بالفعل أن نحو40 نائبا يفكرون جديا في دخول الحركة القومية, من جانب ثان يعكف القائمون علي الحزب علي توجيه الدعوة للشخصيات البارزة للانخراط الي صفوفه. المحللون السياسيون من جانبهم يؤكدون أن تركيا ستشهد منافسة حادة بين الاحزاب السياسية لن تقتصر علي الأحزاب الثلاثة الكبار بل إن الاحزاب السياسية الصغيرة سعادات وصوت الشعب والوحدة الكبري تخطط هي الاخري للقيام بالتحالفات من اجل دخول البرلمان وممارسة العمل السياسي تحت سقفه, غير أن هؤلاء المحللين أقروا في الوقت نفسه بقوة حزب العدالة الحاكم في الشارع التركي والدليل علي ذلك ان ما تظهره نتائج استطلاعات الرأي المعدة من قبل مراكز بحوث شهيرة يشار لها بالبنان وتؤكد بدورها أن حزب العدالة سيحصل علي نسبة41.9%, والشعب الجمهوري علي26.8% والحركة القومية علي10.9% والسلام الديمقراطي الكردي علي5.5%, والسعادة علي4.6%, لكن هذه النسب تعبر عن الواقع السياسي المعيش الآن وبما أن الانتخابات ستجري بعد سبعة أشهر فمن الممكن حدوث مفاجآت قد تقلب الموازين رأسا علي عقب, بالاضافة الي ذلك هناك زيادة في عدد الاحزاب السياسية ذات الايديولوجية الدينية يأتي علي رأسها صوت الشعب الحزب الجديد الذي أسسه الدكتور نعمان كورتلموش أحد الرموز البازغة بقوة في الحياة السياسية والمرشح كي يكون منافسا. لأردوغان خلال الفترة المقبلة. ونخلص من كل ذلك الي التأكيد علي وجود مؤشرات تبرهن علي أن العدالة والتنمية قد يكون في المقدمة, الا أنه لن يشكل الحكومة القادمة بمفرده, فقد آن الآوان في أن تعود تركيا الي الحكومات الائتلافية.