وقيل إن مشكلة السياسة الكذب, ومشكلة الكذب أن حبله قصير.. وكثيرون من أهل الغرب ينظرون الآن بعين الريبة والشك إلي كتاب السياسة الأول الأمير لميكيافيللي, وهو ما يعني أن السياسة الغربية بدأت تتخلص من خصال انتشرت في العصور الوسطي, وتبكي علي أطلال كتاب كان المرشد لكل السياسيين في ذلك الوقت.. فلماذا تتخذ الرياضة من الكذب منهاجا لا تراجع عنه.. هل علي أساس أن المصالح والمنافع والمؤامرات والدسائس هي السبيل الوحيد لاضعاف الأعداء والتقرب من الأصدقاء ؟ فوجئت بأن هادي خشبة مدير الكرة بالنادي الأهلي يعبر عن إستيائه من اللافتات التي ظهرت في مدرجات الفريق أثناء لقاء إنبي تطلب من إدارة النادي أن تقيل الجهاز الفني.. ويقول: تلك اللافتات التي تهاجم الجهاز الفني أمر غريب لم نعتده من جماهير الأهلي التي تساند فريقها و جهازه الفني في ظل أي ظروف.. و هي نابعة من قلة من جماهير النادي ولا تعبر عن الفئة الكاملة من الجماهير.. وكان يجب علي بقية الجماهير التي وجدت في المدرجات ألا تسمح برفع تلك اللافتات التي تهاجم الجهاز الفني وتهدد استقرار الفريق. ولكن ماذا كان في اللافتات التي أحزنت مدير الكرة ؟ كتبت جماهير الأهلي: صدق أو لا تصدق.. عدم تحقيق فوز بالخارج.. مبدأ الحساب آخر الموسم عفا عليه الزمن.. تحركوا قبل فوات الأوان.. عبارات بسيطة وصريحة وواقعية لم تتجاوز حدود اللياقة والأدب, ولا تحمل تعصبا ولا مؤامرة, بل هي أقل ما يمكن استخدامه من كلمات للتعبير عن الحالة السيئة التي وصل إليها الفريق, وهوما يعني أنها ليست عملية مدبرة ضد خشبة وجهازه الفني, وإنما جاءت حزنا علي حال الأهلي الذي فقد كل البطولات التي شارك فيها باستثناء بطولة الدوري الممتاز التي عجز الزمالك والإسماعيلي عن المنافسة فيها بسبب ظروف داخلية, إذا ما اعتبرنا أن مباراة السوبر شرفية, وليست بطولة يمكن تقييم الفريق علي أساسها! هل كذبت جماهير الأهلي عندما قالت إن الفريق لم يفز خارج الأرض.. ألم يخسر الأهلي في دوري أبطال أفريقيا أمام كل الفرق التي واجهها خارج مصر باستثناء مباراة هارتلاند النيجيري حيث تعادل بصعوبة بالغة من ركلة جزاء سددها محمد أبو تريكة.. ألم يخسر أمام جانرز والاتحاد الليبي وشبيبة القبائل والترجي.. حتي أنه خسر أمام الإسماعيلي في الإسماعيلية2/4 أليس من المنطقي أن ينظر مجلس الإدارة إلي مبدأ عدم التغيير أثناء الموسم خاصة انها قاعدة تم كسرها من قبل تحت ظروف قهرية.. ألا تنطبق هذه الظروف علي الجهاز الحالي الذي انفرط العقد في يده ولم يعد قادرا علي السيطرة علي الموقف, وتفجرت أمامه أزمات الإعلانات والتمرد والسهر.. أليس من حق جماهير الأهلي أن تقول للإدارة: تحركوا قبل فوات الأوان.. ألم يقلقوا فعلا علي مستقبل النادي.. هل سيتفرجون علي مازيمبي وهو يحصل علي اللقب الأفريقي عامين متتاليين ساحبا البساط من نادي القرن الإفريقي.. ألم يهزهم الغياب عن بطولة العالم للأندية.. ألا يقدرون حجم الخسائر من وراء غياب الأهلي عن مونديال الإمارات في عامين متتاليين ؟! ولجنة الكرة بالنادي الأهلي تعرف قبل غيرها أن الفوز بدرع الدوري الممتاز الموسم الماضي والموسم الجاري لو حدث لا يعبر عن مستوي الفريق لأن الزمالك والإسماعيلي يمران بأزمة مالية عنيفة قد تفقدهما القدرة علي مواصلة المشوار, كما أن حرس الحدود وبتروجت وإنبي من الأندية التي يمكن أن تحصل علي بطولة كأس ولكن نفسها لا يساعدها علي الصراع علي بطولة للدوري إلا قليلا- لأن الأهلي في أسوأ أحواله قادر علي أن يتجاوزها! وبعد الخروج الأفريقي الذي جاء بسبب قصور فني حقق الأهلي الفوز علي بتروجت وإنبي في الدوري الممتاز, وبصرف النظر عما أثير في المباراتين من جدل تحكيمي إلا أن لجنة الكرة تعرف أن الفريق لم يعد إلي القضبان, وبالتأكيد هي تعتبر المباراتين نسخة مما حدث في الموسم الماضي, وبالتالي فإن جماهير الأهلي لم ترتكب جريمة, وإنما كتبت ما كتبت عن حب وولاء وإخلاص لا تريد رقبة حسام البدري ولا هادي خشبة وإنما الإصلاح ما استطاعت لأن الأمر بيد مجلس الإدارة لا غيره! هادي خشبة وصف من رفعوا اللافتات في المدرج الطويل العريض بأنهم قلة, وكأنه يريد من الناس أن يكذبوا أعينهم.. ألا يدرك بأنها إذا كانت ضد رغبة بقية الجماهير ما كانت ستتردد في منعها ولو بالقوة, ألا يعلم أن هذا هو الرأي أيضا عند من لم يكتبوا اللافتات ولم يرفعوها! وأسأل الكابتن هادي خشبة: هل الذين يرفعون كلمات الحقيقة في مدرج كبير في ستاد القاهرة قلة والذين ذهبوا إلي صالة صغيرة في مطار القاهرة بأعداد قليلة هم جماهير الأهلي.. لا لشيء إلا لأنهم رفعوا هذا علي الأكتاف, وهتفوا للمهزوم الذي كان النصر في مقدوره لو لم يقصر ويعتمد علي إدانة وهمية للحكم الغاني الذي أدار لقاء العودة أمام الترجي التونسي في الدور قبل النهائي للبطولة الأفريقية بصرف النظر عن الهدف الذي أحرزه اينرامو بيده في الدقيقة الأولي من المباراة! وأسأل أي الصنفين.. من جماهير الأهلي.. الذين رفعوا اللافتات المهذبة التي تقول الحقيقة وتخشي علي الفريق.. أم الذين رفعوا لافتات التعتيم والتشويه و الاتهام للبطولة- التي تشكل تاريخ الأهلي ووصفوها بأنها دوري أبطال الرشوة ؟! هل500 رفعوا لافتة تقول: في الفوز ازداد بك فخرا.. وفي الهزيمة أزداد لك عشقاهم جماهير الأهلي الذين أثني عليهم هادي خشبة.. والآلاف الذين قالوا الحقيقة قلة تجب محاربتها.. ومن يحب الهزيمة حتي يرفع بها لافتة.. أهي جماهير الأهلي التي لا تعرف غير الانتصارات والبطولات.. ولا أعرف ما الداعي للافتات التعصب وإدانة الآخرين إذا كانت الهزيمة أمام الترجي تزيدهم عشقا للنادي.. أليس هذا هو قمة التناقض.. أليست هذه القلة التي تغالط نفسها فيصدقها خشبة ويشكرها.. ألا يتعارض هذا مع نشيد الأهلي الذي يقول مطلعه: قوم يا أهلي وشوف ولادك والبنود شوف كتايبك شوف جنودك والحشود شوف آيات النصر في كل العهود الحقيقة غائبة.. والتشويش متعمد.. ومبدأ ميكيافيللي موجود في كرة القدم المصرية فصدق أولا تصدق كما قالت جماهير الأهلي التي ذهبت إلي ستاد القاهرة والتي تقاوم بالصبر أمام شاشات التليفزيون!