تتصاعد كل يوم بل و كل ساعة تلك الافكار التي تفاجئ بها إسرائيل كل الاطراف المباشرة والمعنية والتي تأتي كما يبدو في سياق عام متكامل يشير الي نوايا إسرائيلية تأبي الهدوء والتهدئة بل وتتحدي كل من يغامر ويسلم بنوايا إسرائيل السلمية نحو حل مستقر لازمة و مشاكل المنطقة. الاهم من ذلك ان ما تقوم به إسرائيل عادة رغم التلميحات الغامضة التي قد تسبقه و تمهد اليه والامثلة كثيرة: في غمار المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين كما اقترحت إسرائيل وبوساطة أمريكية وتلميحات مباشرة حول تفاوض علي الجبهة اللبنانية و السورية ايضا فقد وجد المسئولون الإسرائيليون ان المناخ كما لو كان يحتمل طرح مجموعة من الافكار و الاتجاهات التي يتمسكون بها التي تشكل ما يشبه القنابل الموقوتة المعدة ليس فقط لنسف عملية السلام بل ايضا لابعاد جميع الاطراف العاملة فيها بخطة تبدو مبرمجة من حيث الفعل و رد الفعل و في توقيتات ايضا تبدو محسوبة. بدأت الحكومة الإسرائيلية تحركاتها بتهدئة او محاولة نسف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وكان المحك الابرز هو مسألة ايقاف الاستيطان او تجميد انشطته خلال مرحلة التفاوض. بدأت بعد ذلك في طرح كل ما من شأنه إلقاء ظلال قاتمة علي المفاوضات حتي ظهرت مؤخرا بعض التأكيدات الحكومية بعدم العودة الي حدود1967 كما صرح سيلفان شالوم نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي و الذي اكد ان هناك اجماعا في إسرائيل علي ذلك بالنسبة للجولان او القدس و بما يشكل كذلك ردا علي طلب الفلسطينيين من الولاياتالمتحدة تقديم خريطة بحدود إسرائيل فضلا عن تغيير المناخ الداخلي في إسرائيل من حيث محاولة تأكيد قانون قسم الولاء لإسرائيل و الاشارة الي امكانية اقران تجميد الاستيطان مقابل اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة, في الوقت الذي ركز فيه الجناح الاستيطاني في حكومة ناتنياهو علي اهمية استئناف بناء المستوطنات و تأكيد يهودية الدولة. ولم تنس المعارضة الإسرائيلية ان تبدي عدم ارتياحها لما يسمي قانون الولاء لإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية كمقابل للحصول علي الجنسية و طرحت بدلا منه مشروع قانون تحت اسم قانون وثيقة الاستقلال بنصها الكامل باعتبارها قانونا اساسيا يتضمن تحديد طابع الدولة وذلك كبديل عن قانون الولاء المعروف. الاشارة الي الاتجاه لطرح قانون جديد يفرض الانسحاب المحتمل من هضبة الجولان او القدسالشرقية يحتم عرض الانسحاب علي استفتاء شعبي و ان كان يعد امرا يجب تفسيره فقط في الاسلوب الإسرائيلي الذي طالما طالب في الفترة الاخيرة ببحث امكانية الحوار مع سوريا. وفي مواجهة زيارة كل من وزير خارجية فرنسا واسبانيا لإسرائيل لبحث امكانيات دفع الموقف بصورة ايجابية فقد صرح وزير خارجية إسرائيل خلال حفل العشاء للترحيب بهما اشار الي اتخاذه موقف الهجوم بالاشارة الي عدم ارتياحه لوجود ضغوط دولية لفرض تسوية علي الفلسطينيين و الإسرائيليين خلال عام ولم ينس ان يطالب الغرب و خاصة فرنسا بالقيام بتسوية مشاكلها اولا قبل النظر في حل مشاكل الاخرين. ومن ناحية اخري واذا كان بيان الخارجية الأمريكية الصادر في13-10 قد اشار الي انه لا سبيل لقيام الفلسطينيين والإسرائيليين بالوصول لسلام دائم الا من خلال المفاوضات المباشرة كما جدد دعواه للجانبين بضرورة البحث في الشروط التي تتيح استمرار التفاوض بينهما كما اكد انه علي كل من نتانياهو وابومازن ان يقررا ما اذا كانوا قد حصلوا علي ما يكفي من ضمانات لمواصلة المفاوضات, وهي عبارات تشير في تقديرنا الي امكانية الانسحاب الأمريكي المنتظم من تولي مسئوليات اكبر في عملية التفاوض. الموقف علي النحو السابق يشير الي توقع العديد من العقبات يدفع اليها الجانب الإسرائيلي بصفه خاصة سواء باعتبارها مواقف اساسية لإسرائيل- بعد حرق العديد من الأوراق الفلسطينية والعربية بل والأمريكية ايضا- او تأتي ضمن اهدافها العامة في التأثير علي مجمل الاحداث لتأكيد مفاهيم خاصة يصعب التراجع عنها من حيث الرؤية الخاصة للدولة الإسرائيلية علي المستوي الداخلي او الرغبة في ابعاد الاطراف الخارجية المؤثرة خاصة الولاياتالمتحدة عن بذل مزيد من الجهد للتقريب بين المواقف بصورة تنظر اليها إسرائيل كعائق عن تحقيق بعض اهدافها من الانفراد بالمساومة مع الاطراف العربية بطريقة ثنائية و كل علي حدا.