لم تعد الجمعيات الاهلية ودورها في تنمية المجتمع هي حكومة ظل فقط.. بل هي أول نواة لتعليم جموع الناس حقوقهم في الحياة والتعليم والمعيشة الانسانية ومشاركة العالم المتقدم فيما يخترعه من أدوات تقوم بتطوير الحياة الانسانية وإلي جانب ماتقدمه الدولة أي دولة من خدمات صحية وتعليمية.. وايجاد فرص عمل وزيادة الاراضي الزراعية وتعمير الصحراء.. فإن الجمعيات الاهلية كما نعرف هي التي قامت بانشاء مستشفي المواساة في الاسكندرية وهي التي قدمت جمعيات الشبان المسلمين ودعت الرجال الاغنياء لمشاركة الفقراء ورفع مستواهم في كل مجال بحثا عن الابطال والمخترعين والعباقرة.. كلهم شعارهم الاهتمام بالفقير واليتيم والارملة.. وبهذه المناسبة اكرر ما قاله سيدنا ايوب لأني انقذت المسكين المستغيث واليتيم ولامعين له.. كنت عيونا للعمي وارجلا للعرج.. أب أنا لكل الفقراء.. ايوب19 12 16. الجمعيات الخيرية والتي نسميها الآن الجمعيات الأهلية عرفتها مصر في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وكانت أولي الجمعيات.. الجمعية الخيرية القبطية.. والتاريخ يذكر أنها اسست سنة1881 أي قبل دخول الانجليز إلي مصر بعام واحد وكان تسمي جمعية المساعي الخيرية وذلك في اجتماع عقد بمنزل يوسف مفتاح في حي الازبكية في القاهرة حضر هذا الاجتماع عدد كبير من رجالات مصر منهم الشيخ محمد عبده والشيخ محمد النجار وعبدالله النديم وأديب إسحق وعدد كبير من اقباط مصر. في هذا الاجتماع خطب عبدالله النديم وقد أسندت رياسة الجمعية إلي بطرس غالي فكان اول رئيس جمعية مصرية قبطية.. وسارت في مهمتها لمساعدة الفقراء من تبرعات المحسنين في سنواتها الأولي تتراوح مابين مائة جنيه في السنة وأربعمائة جنيه.. وفي سنة1908 بلغت ثلاثة آلاف من الجنيهات وفي هذه السنة أطلق عليها الجمعية الخيرية القبطية وانشأت مستشفي صغيرا في شارع كلوت بك. وفي عام1926 أسست الجمعية الخيرية المستشفي القبطي بشارع الملكة نازلي شارع رمسيس الآن وهو أول مستشفي أهلي في القاهرة. وقال عنه الدكتور المعروف نجيب محفوظ يومها!! وقد حمد الناس الجمعية أن جعلت لهذا المستشفي صفة قومية لاتفرقة فيها بين فقير ونقير.. فعالجت المرضي علي اختلاف نحلهم وتعدد أجناسهم ومللهم. ويومها أيضا قال رئيس الجمعية في حفل افتتاحه ان المستشفي خيري عام وأن تسميته بالمستشفي القبطي لم تكن إلا نسبة الي الجمعية التي أنشأته.. وقد تم بناؤه واعداده سنة1926 وبلغت نفقات بنائه وتأثيثه سبعين ألف جنيه. وقد تولي رياسة الجمعية بعد بطرس باشا غالي, خليل باشا ابراهيم( من عام1907 إلي1922) ثم تولي رياسة الجمعية بعده جرجس باشا أنطون. وفي سنة1910 انشأت الجمعية المشغل البطرسي لتعد الفتيات للمستقبل بمدارس المشغل من دراسة ابتدائية وتدبير منزلي وفنون طرازية. وقد قامت الجمعية بتعليم عدد كبير من ابناء الفقراء بالمجان وصرف مرتبات واعانات شهرية وصدقات في المواسم والأعياد وتخصيص عدد من اسرة المستشفي للعلاج المجاني. جمعية أخري أيضا قبطية كان لها نشاط سياسي وديني وصحفي ايضا هي جمعية التوفيق القبطية تأسست بعد الجمعية الأولي بعشر سنوات أي في عام1891. وقد قامت لتنادي بالاصلاح فوقفت إلي جانب المجلس الملي في الخلاف بين المجلس والبطريرك كيرلس الخامس.. تألفت من صفوة الأقباط المتحمسين للإصلاح وكان من مؤسسيها رفلة جرجس وهو أول رئيس لها وجندي ابراهيم صاحب جريدة الوطن والمؤرخ المشهور ميخائيل بك ابراهيم وهو شقيق زوجة بطرس باشا غالي وعطية بك وهبة ومرقص بك سميكة مؤسس المتحف القبطي ومينا بك ابراهيم المستشار والدكتور ابراهيم منصور. الجمعية انشأت مجلة التوفيق التي استمرت في الصدور وتوقفت وعادت.. الجمعية اسست مدرسة صناعية واحدة للبنين وأخري للبنات في منطقة بركة الرطل. جمعيات أهلية كثيرة شهدها القرن العشرون في مصر وكانت سببا في نهضتنا. * جمعية النشأة القبطية أسست في عام1896 وعملت علي تشجيع العلم.. علما وعملا.. وقد أصدرت عام1898 أول نتيجة تنظم ثلاثة أنهر واحد للتاريخ القبطي ثم التاريخ الافرنجي الميلادي وثالث للتاريخ الهجري الاسلامي. وللتاريخ يرجع الفضل الي هذه النتيجة الي الاستاذ توفيق اسكاروس كما يقول الكاتب الصحفي ملاك لوقا. جمعيات كثيرة وعديدة مثل جمعية المحبة وجمعية الايمان وجمعية أصدقاء الكتاب المقدس وجمعية ثمرة التوفيق وجمعية الاخلاص القبطية بالاسكندرية وجمعية أبناء الكنيسة الارثوذكسية بالفجالة وكان من رجالها القس داود المقاري( وديع سعيد) أول جامعي يصبح راهبا وقد اخترع أول آلة كاتبة باللغة القبطية واشترك مع دكتور يرومستر في طبع كتاب. البطاركة لساويرس ابن المقفع واصدر مجلة الأنوار الاسبوعية باللغة العربية. وكذلك الجمعية الخيرية بمعصرة سمالوط وجمعية التربية القبطية بالجيزة. وجمعية السيدات القبطية لتربية الطفولة عام1940 برئاسة السيدة فوستيني حنا زوجة المحامي عزيز شرقي والأنسة إميلي عبد المسيح. والمؤرخة إيريس حبيب المصري. وجمعية صديقات الكتاب المقدس وعدد آخر كبير من الجمعيات منها جمعيات الأقباط الكاثوليك مثل الجمعية الخيرية للأقباط الكاثوليك بالقاهرة والجمعية القبطية الكاثوليكية لرعاية وتعليم أولاد الفقراء وجمعية الصعيد للتربية والتنمية. أما جمعيات البروتستانت فقد كان للبروتستانت جمعية خيرية في أواخر القرن ال19.. أما الجمعية الخيرية القائمة الآن والتي يتبعها المستشفي الانجيلي في شبرا فقد تأسست في سنة1937. لقد بدأ تأسيس الجمعيات الاهلية في مصر منذ أواخر عهد اسماعيل باشا وكان إنشاء الجمعيات الخاصة بالجاليات الاجنبية في مصر سابقا علي تأسيس الجمعيات الأهلية المصرية.. الاسلامية والقبطية وقد سمحت الحكومة بانشاء هذه الجمعيات للاهتمام بالطفل المصري الفقير وقد كفل دستور1923 المساواة بين المصريين دون تفرقة. وقد انشئت أول وزارة للشئون الاجتماعية عام1939 وكان أول وزير لها عبد الرحمن عزام باشا في وزارة علي ماهر رئيس الوزراء. واهتمت الوزارة بهذه الجمعيات. وفي عام1949 صدر القانون الخاص بالجمعيات رقم49. وبعد ثورة يوليو صدر القرار الجمهوري رقم84 لعام1956 وألغي المواد من54 الي80 من القانون المدني واخضعت كل نشاطات الجمعيات الأهلية للرقابة والاشراف المباشر من الدولة. { وأسأل الأستاذ ملاك لوقا عن احصائيات هذه الجمعيات فيقول محافظة سوهاج تحتل المقام الأول بها43 جمعية مسيحية وتليها محافظة المنيا33 جمعية ثم محافظة أسيوط بها33 جمعية مسيحية من بين386 جمعية( بنسبة8,64%) ثم محافظة قنا وبها32 جمعية مسيحية من بين374 بنسبة(8,56%) أما القاهرة فيأتي ترتيبها الخامسة بين المحافظات إذ فيها167 جمعية من بين2205 جمعيات بنسبة(7,57%). والآن علينا أن نعرف أنه خلال25 عاما(1970 1995) انشئت116 جمعية في جميع المحافظات, من أجل اغراض انسانية. ويعتبر عام1994 ومابعده حتي الان العصر الذهبي للجمعيات الأهلية في مصر.. وقد لعبت الجمعيات الأهلية المصرية دورا بارزا في المنتدي العالمي الذي صاحب المؤتمر العالمي للسكان والتنمية الذي عقدته الأممالمتحدة في القاهرة سبتمبر1994. ويضيف الاستاذ ملاك.. يلاحظ أن عدد الجمعيات بدأ يتناقص بسبب كثرة الكنائس التي تقوم بتقديم الخدمات الاجتماعية والتعليمية والعلاجية التي كانت الجمعيات تقوم بها. { وماهي الافات التي تعرضت لها بعض الجمعيات 1 عدم اعداد قيادات بديلة والعمل علي إيجاد صف ثان 2 انعدام الهدف الذي تأسست من أجله الجمعية 3 زحف الخلافات والانقسامات وكل واحد يريد أن يكون الأول واختفاء الحوار وتسرب الفساد المالي. 4 عدم التوفيق في اختيار الأعضاء. { أقول كيف نعيد مجد الجمعيات الأهلية هذا هو المهم لأنها هي بذرة المجتمع الجديد المصري المنشود الذي خلاله يتعلم الطفل واجباته وحقوقه ليصبح طفلا ديمقراطيا منذ الصغر.. الجمعيات الأهلية ليست لتعطي سمكة.. ولكن لتعلم صيد السمك.