إن دور الجمعيات الأهلية في تنمية المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.. لا يقل أبدا عن دور الوزارات المعنية في أي دولة من العالم الأول الي العالم العاشر وقد بدأ هذا الدور يظهر علي حقيقته في هذه الأيام التي نعيشها في مصر بعد أن زاد عدد السكان الي أن وصل الي مافوق ال80 مليونا واقتحم جحافل المصريين تبحث عن الرزق والعمل في دول العالم ويبلغ عدد المهاجرين الآن مايزيد علي الخمسة ملايين نسمة معظمهم نجوم في مجالاتهم والكثير منهم عباقرة وأوائل يقودون العمل العلمي في الخارج.. ثم هناك من اقتحم الصحراء وعرفنا المدن الجديدة بعد أن كان من يسكن في مدينة نصر منذ أربعين عاما نعتبره صحراويا يعيش في الصحراء اقتحمنا الصحراء واقتحمنا البحر كما يقول الدكتور الصحفي الباحث عبد المنعم سعيد. وهنا يأتي دور الجمعيات الأهلية في المشاركة في هذا التقدم الذي أحرزته مصر لدرجة أنهم العلماء الغربيون يعتبرون التقدم في مصر خلال السنوات الخمس الماضية قد فاق السعودية والبحرين وبعض الدول الأخري. باحث مفكر هو الدكتور أحمد ثابت له كتاب جديد يضيف الي هذا الموضوع الكثير من الحقائق.. الكتاب صدر عن هيئة الكتاب في سلسلة العلوم الاجتماعية وعنوانه الدور السياسي الثقافي في القطاع الأهلي يقول الدكتور أحمد ثابت إن الكتابات العربية حول المجتمع الأهلي ودور تنظيماته في دفع التطور الديمقراطي وتفعيل سياسات وافكار التنمية المتواصلة.. قد ركزت علي المستوي الوطني والقومي ككل وعلي نطاق السياسات العليا أيضا.. لذلك هناك حاجة ماسة لدراسة منظمات وروابط المجتمع الأهلي وتطورها علي المستوي القاعدي والذي يشمل التجمعات الاجتماعية في المدن وماحولها وفي الأرياف والبلديات. ويقول الدكتور أحمد الباحث المتعمق ان هذه الجمعيات تعتمد علي العمل التطوعي والذي تقوم به القيادات كعمل تطوعي من أبناء الطبقة المتوسطة بالجهود الذاتية في الريف والمدن الصغيرة. ومن هذه الأدوار المهمة لروابط العمل الأهلي التطوعي أن تقوم مثل هذه الروابط والجمعيات بانشاء مايعرف الآن باسم شبكات التنمية أو شبكات الأمان.. وهي تضم جهود ومبادرات هذه المنظمات الأهلية مع ممثلي الأجهزة الرسمية وصناديق ومؤسسات التمويل الدوليةوالحكومية وغير الحكومية وبعض ممثلي القطاع الخاص ورجال الأعمال.. كل ذلك من أجل قيادة رشيدة من أجل التنمية والتواصل. في الحقيقة أن دور الجمعيات الأهلية هو مساعدة الحكومة في مواجهة القوتين الرئيسيتين المسيطرتين وهما الدولة والسوق وهم يسمون هذه الجمعيات: القطاع الثالث غير الساعي الي الربح وهو يتوسط قطاعي الدولة والسوق. لماذا هذا كله ؟ الاجابة علي لسان الكاتب الباحث المتعمق: 1 قامت الخبرة الغربية في بناء الديمقراطية والتقدم الاقتصادي وثقافة قبول الآخر والتعدد والتسامح علي تفاعل داخلي صراعي في بعض الأحيان وتعاوني في أحيان أخري بين قطاعات ثلاثة هي الدولة والسوق والمجتمع المدني.. ونتساءل: * هل يكون التركيز علي هذا التفاعل الداخلي أساسا لتفعيل المجتمع المدني عموما والقطاع الداخلي خصوصا في البلدان النامية. العولمة تأتي بقيم القوة المسيطرة بكل نظمها التكنولوجية والاعلامية.. مما يؤدي الي عولمة القطاع الأهلي مع أهل الجنوب. واحداث التغريب عن العمل الاهلي في بيئة محلية قد لاتتناسب معه!! لكن السؤال.. ماهي معوقات تفعيل القطاع الاهلي في مصر؟ مشكلة بناء وتعزيز منظمات غير حكومية فعالة في عالم الجنوب وفي مصر بالذات أن التوجه إلي العولمة يحاول أن يربط نمو وفعالية هذه المنظمات غير الحكومية في دول الشمال أليس في هذا مايجعل هذا الدور يتعثر في تحقيق تطوره الذاتي والمستقل بفعل القيود الشديدة التي تفرضها النخبة الحاكمة. إن هذه الجمعيات لم تصل بعد إلي مرحلة توافر القدرة علي ممارسة تأثير فعال علي السياسات الحكومية في مختلف الجوانب السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية.. هذا فضلا عن امكانات هذه المنظمات في القيام بدور تغييري قصدي لا لبنية الثقافة وأنماط التفكير.. هناك ضرورة لانشاء مفهوم تنمية بالمشاركة والتفاوض في مواجهة الدول ومواجهة السوق.. من أجل ثقافة التغيير والمشاركة في ادارة النزاعات والصراعات بطرق سلمية. ويتعرض الباحث أحمد ثابت إلي دور جمعية الصعيد للتربية والتنمية. إن جمعية الصعيد أقدم الجمعيات الأهلية في مصر تأسست في حدود عام1940.. والجمعية تحدد مقاصدها في جعل الانسان يكتشف مع اخوانه ما يعيشونه من مشاكل ويدركون بشكل جماعي اسبابها ويعملون من أجل حلها باستخدام امكاناتهم المحلية حتي يصنعوا لانفسهم غدا أفضل.. ويبدأون عملهم في القرية المصرية من أجل التربية والتنمية. وهي تهتم بالمدارس وتكوين الشباب والقادة ومكافحة الأمية وتنمية المرأة والصحة وزيادة الدخل. في موضوع المدارس أنشأت38 مدرسة خاصة مجانية غير معانة يدرس به11660 تلميذا وتلميذة مسلمون ومسيحيون وبعمل بها678 شخصا وتبلغ نسبة التلاميذ دون مستوي الفقر65% من المجموع الكلي كما تبلغ تكلفة التلميذ الواحد324 جنيها حسب احصائيات عام1994. أما جمعية النداء الجديد فقد أنشئت في مارس1991 كجمعية ثقافية يهدف الوصول الي تحرير شامل للنظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في مصر علي النحو الذي يكفل العيش الكريم للشعب الطامح ويحقق العدالة الاجتماعية ويرسي قواعد الديمقراطية السليمة. اهدافها واضحة أولا توفير المناخ الاستثماري الملائم ثم دعم روح الابتكار والتجديد التي تلعب دورا هاما في دفع عجلة التنمية ودعم القدرة التنافسية وأهم من ذلك قلة القدرة علي التنبؤ بما يسمح باتخاذ قرارات استثمارية ذات آفاق طويلة المدي من زاوية أن قواعد اللعب معروفة سلفا في النظام الديمقراطي وكذلك تهتم هذه الجمعية بنقل مفاهيم راجت في هذا العصر واصبحت مفاهيم عصرية مثل التنمية البشرية وهو يركز علي مؤشرات لها ارقام مثل متوسط الدخل الفردي ومتوسط العمر المتوقع ومعدل القراءة والكتابة بين البالغين والذي يتبناه برنامج الأممالمتحدة الانمائيUNDP منذ صدور تقرير التنمية البشرية لأول مرة عام1990 اليست فعلا الجمعيات الاهلية وزارات تعمل في الظل؟ وأنه منها سوف تنشأ الأحزاب!