أكد الرئيس حسني مبارك في كلمته بمناسبة الذكري السابعة والثلاثين لنصر أكتوبر المجيد, أن المساس بالوحدة الوطنية خط شائك, وخطر, ولن يسمح لأحد بتجاوزه. وقال: إنه علي من يزرعون الفتنة ويشعلونها أن يدركوا أن أحدا ليس فوق الدستور والقانون, وأنه سيتم التصدي بكل حسم لمحاولات الوقيعة بين جناحي الأمة. وأكد الرئيس أن التوصل للسلام قد يكون صعبا, لكنه ليس مستحيلا, وأن مصر لن تفقد الأمل في السلام كي نتحرك للأجيال القادمة منطقة آمنة مستقرة. وأضاف الرئيس أن مصر حققت إنجازات متواصلة في شتي قطاعات الإنتاج والخدمات, وأنه أصبح لدينا اقتصاد أقوي مكننا من مواجهة الأزمات العالمية. وفيما يلي نص كلمة الرئيس: الإخوة المواطنون.. أتحدث إليكم في ذكري نصر أكتوبر العظيم.. نحتفل معا بيوم مجيد من أيام مصر.. سيبقي هذا اليوم خالدا في ذاكرة الوطن ووجدانه.. تحتفل به أجيالنا.. جيلا بعد جيل. في مثل هذا اليوم منذ سبعة وثلاثين عاما.. تجاوزت مصر آلام النكسة ومرارة الهزيمة.. سمت فوق دعاوي التشكيك والإحباط.. وانطلقت بقواتها المسلحة الباسلة.. لترفع علم الوطن فوق سيناء.. ولتحقق أعظم انتصاراتنا. استردت مصر بأرواح شهدائها ودماء أبطالها.. شرف الوطن وكبرياءه.. ومحت عن سيناء إلي غير رجعة وصمة الاحتلال. ستبقي حرب أكتوبر نقطة تحول في تاريخنا المعاصر.. ورمزا لشموخ مصر وعزتها وصلابتها.. وسيظل نصر أكتوبر برهانا علي عزيمة المصريين.. وتمسكهم بسيادة الوطن وأرضه وكرامته. تحية لرجال قواتنا المسلحة في ذكري النصر, تحية لشجاعتهم وتضحياتهم وبطولاتهم, تحية لشهداء أبرار قدموا حياتهم فداء للوطن وجادوا بأرواحهم تحت رايته, تحية لجيل أكتوبر العظيم.. رفض الهزيمة عام1967 وتحمل معاناة السنوات الصعبة استعدادا للحرب. وتحية لذكري رجل عظيم.. تحية لروح الرئيس السادات, استلهم قرار الحرب من صمود مصر وإرادة أبنائها. خاض حرب أكتوبر واثقا في الله وشعبه وقواته المسلحة, فرض بالنصر واقعا جديدا وفتح الطريق إلي السلام. الإخوة والأخوات.. إن من عاش ويلات الحرب هم الأكثر إيمانا بالسلام.. ولقد عشت سنوات الحرب بضراوتها وشراستها.. وتابعت عملية السلام منذ بدايتها, وبما شهدته من نجاح وإخفاق إننا نسعي لسلام عادل ودائم وشامل, ينهي احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية, يعيد الحقوق لأصحابها, يضع نهاية لمعاناة الشعب الفلسطيني, ويقيم دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية, بمسجدها الأقصي وحرمه الشريف. نسعي لذلك.. ليس من منطلق إيماننا بعدالة القضية الفلسطينية وقضايا أمتنا العربية فحسب, وإنما من منطلق إيمان مماثل بأن السلام كل لا يتجزأ.. وبأنه الضمان لأمن كل دول وشعوب المنطقة.. بل والضمان الحقيقي لأمن إسرائيل.. وليس احتلال الاراضي العربية.. وقمع الفلسطينيين بقوة السلاح. لقد تعرضت عملية السلام لانتكاسات وإخفاقات عديدة, ونحن في مصر نبذل قصاري الجهد.. كي لا تنهار المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل علي صخرة المستوطنات. وكي لاتضيع الفرصة الحالية السانحة للسلام كما ضاعت فرص كثيرة من قبل. لقد أثبت السلام بين مصر وإسرائيل, ان التوصل للسلام قد يكون صعبا. لكنه ليس مستحيلا, ولقد تمسكنا في مصر.. بأن تبدأ مفاوضات السلام مع إسرائيل بموضوع الحدود, وتمسكنا بأن يتم التفاوض علي أساس حدود مصر لعام..1906 وبأن يتم الانسحاب من كل شبر في سيناء. لذلك فقد دعونا ولانزال لان تركز المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المباشرة علي ترسيم الحدود الدائمة لدولة فلسطين المستقلة علي أساس حدود1967, لأن ذلك من شأنه حسم العديد من باقي قضايا الوضع النهائي.. بما في ذلك المستوطنات. وفي سياق متصل, فقد خاضت مصر مفاوضات السلام بعد نصر أكتوبر صفا واحدا, رئيسا وحكومة وشعبا, وهو ما نأمل ان يتحقق للجانب الفلسطيني, بمواقف وطنية تعي مصلحة شعبهم ومعاناته, تسمو فوق الخلافات, تنهي الانقسام الراهن, وتتحدث بصوت واحد يدعم المفاوض الفلسطيني وقضيته العادلة. إن مصر لن تفقد الأمل في السلام, فنحن كغيرنا في حاجة لسلام الشرق الأوسط.. كي نترك للأجيال القادمة منطقة آمنة مستقرة. توجه طاقاتها وثرواتها لخير أبنائها, تحقق تطلعاتهم للنمو والتنمية.. تدرأ عنهم مخاطر الحروب.. وتقطع الطريق علي شرور التطرف والارهاب, في هذه المنطقة الحساسة.. وعلي اتساع العالم. الإخوة والأخوات لقد كانت السنوات الصعبة ما بين الهزيمة والنصر.. اختبارا قاسيا لإرادة شعبنا, وقد اجتزنا هذا الاختبار بجدارة واستحقاق. خضنا بعد النصر معركة مع الارهاب والتطرف, استهدفت قواه استقرار مصر وأمنها وأرواح وأرزاق أبنائها, ولاتزال تتربص بنا وتطل علينا بشرورها بين الحين والحين. كما واجهنا تحديات عديدة, علي طريق تحديث مجتمعنا وتحقيق التنمية الشاملة, واستطعنا التغلب عليها بالعزم والتصميم, حققنا إنجازات متواصلة بشتي قطاعات الإنتاج والخدمات, غيرت وجه الحياة علي أرض مصر.. ونواصل الاصلاح والتحديث علي كل محاوره. بات لدينا اقتصاد أقوي.. مكننا من مواجهة الأزمات العالمية, بإمكاناته الذاتية, بات لدينا بنية دستورية وتشريعية أقوي.. ومؤسسات أقوي.. وجيش أقوي.. ومجتمع مدني أقوي.. وقطاع خاص أقوي.. مما كنا عليه بعد حرب أكتوبر. لانزال كغيرنا في مواجهة مشكلات وتحديات كثيرة.. لكننا نمضي في طريقنا واثقين في قدرتنا علي تجاوزها والتغلب عليها, موقنين أننا علي الطريق الصحيح. نمضي علي الطريق مؤمنين بأن أغلي ما لدينا هو تماسك شعبنا, فأهدافنا واحدة.. تستشرف المستقبل الافضل, وإن تعددت الرؤي حول افضل السبل المؤدية إليه, نلتقي حول ما يجمعنا لا ما يفرق بيننا.. ونعلي جميعا مصالح الوطن. نعمل من أجل دولة مدنية حديثة, تواكب واقع العالم في القرن الحادي والعشرين, تقف بجانب الفقراء والبسطاء, وتدفع بكل فئات شعبها إلي الأمام, لا تخلط الدين بالسياسة, تؤكد مفهوم المواطنة قولا وعملا.. وتحفظ الوحدة الوطنية بين أبنائها من المسلمين والأقباط. إن المساس بهذه الوحدة خط شائك وخطر.. لن أسمح لأحد بتجاوزه.. وعلي من يزرعون الفتنة ويشعلونها ويغذونها أن يدركوا تماما أن أحدا ليس فوق الدستور والقانون.. وأننا سوف نتصدي بكل الحسم لمحاولات الوقيعة ولتوريط رموز للدين والعقيدة والفكر, يتعين ان تربأ بنفسها عما يوقع بين جناحي الأمة.. ويهدد أمن واستقرار الوطن. الإخوة المواطنون.. إنني في ذكري النصر.. وبعد سنوات قضيتها في خدمة الوطن حربا وسلاما, أقول لرجال قواتنا المسلحة ان السلام تحميه القوة, وانتم درع الوطن وحماة السلام, وستبقون أبدا في استعداد ورباط, وأقول لكل مصري ومصرية اجتهدوا في بناء المستقبل, لكم وللأبناء والأحفاد بثقة وأمل. وأقول بكل الثقة واليقين إننا قادرون علي ذلك.. بالعمل والجهد المخلص.. وبروح جيل أكتوبر العظيم.. وبالعزم والتصميم.. وبفكر وسواعد شباب مصر وشاباتها. وفقنا الله جميعا وسدد خطانا كل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته