طالعتنا الأنباء عن اتفاق وفدي حركتي فتح وحماس خلال لقائهما في دمشق يوم24 سبتمبر من خلال السيد عزام الأحمد رئيس كتلة فتح بالمجلس التشريعي الفلسطيني والسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس علي مجموعة من التفاهمات بشأن ورقة المصالحة الفلسطينية' والتي يحلو للبعض تسميتها بالمصرية' حيث أعلنا التوصل إلي مسار وخطوات التحرك نحو المصالحة الفلسطينية دون وضوح إعلان خطوات محددة لها. وكأنما هناك معركة دبلوماسية دائرة منذ التوقيع علي اتفاق المصالحة في القاهرة وإعلان فتح موافقتها وتوقيعها علي الاتفاقية وإن طلبت حماس إرجاءها مهلة للتشاور مازالت كما يبدو ممتدة المفعول وإن تخللها بعض التصريحات بأن الورقة إما ان يتم التوقيع عليها من قبل حماس والجهاد أيضا أو ترفض بصورة صريحة, وبالتالي فقد شهدت الفترة الماضية المزيد من الشد والجذب بين الفرقاء الفلسطينيين من جانب حماس بصوت عال والجهاد بصورة أقل وضوحا وذلك ارتباطا بعدم العودة للتوقيع علي الوثيقة ومحاولة إعادة الحوار فيها بصورة كاملة. وبالطبع جرت محاولات هادئة للتوصل لنتيجة مقبولة خاصة من خلال الدور المصري في ضوء صياغته للوثيقة بالتركيز علي تذليل جميع العقبات أمامها من خلال ما طرحته الفصائل من أفكار, كما وضحت جهود الوزير عمر سليمان للتوصل لمزيد من نقاط الاتفاق والإقناع بها خلال زيارته لكل من السعودية والأردن في الوقت الذي ترددت فيه بعض الخلافات حول مكان التوقيع ولماذا لا يكون في دولة غير مصر لم تحدد بعد أو ما وضح من محاولات لإعادة النظر في بعض البنود الأساسية في الورقة و هو ما دعا أبومازن بصفة خاصة إلي تأكيد ان الورقة موجودة و قد تخضع لبعض التعديلات الشكلية وإنها إما أن تقبل أو يعلن رفضها من جانب الطرف الذي يقوم بالرفض. ولعل التجاذبات الحادثة علي المسرح العربي أو الإقليمي في مجال أزمة الشرق الأوسط خاصة من حيث الرؤية السورية واقترابها من الرؤية الإيرانية كذلك قد دفعت إلي مزيد من التشبث باستضافة طرف فلسطيني فاعل يكون سندا للورقة السورية و الإيرانية و إن كان خصما من قدرة أبومازن علي امتلاك القرار الفلسطيني وهو الأمر الذي جعل الأمور تبدو أكثر من كونها مجرد خلاف علي نقطة هنا أو فكرة هناك. نعود إلي تعليق بسيط علي مجمل البيان الصادر عقب المباحثات بين الأحمد و مشعل والذي أشار إلي تحقيق مجموعة من التفاهمات بشأن ورقة المصالحة من خلال التوصل إلي مسارات وخطوات التحرك نحو هذه المصالحة, وهذه تعبيرات قد تبدو- من خلال التجارب والمؤشرات السابقة كما لو كانت توضح ان الجميع يرجيء الحكم سواء بالنجاح أو الفشل حتي لا يتحمل نتيجته من ناحية, وإن كانت تلك الأمور بالتاكيد قد تجعل الموقف الفلسطيني من هذه المسائل عرضة لتصريحات من هنا أو من هناك تعد كفيلة بتغيير المناخ السائد في المصالحة ودفع الأمور سواء للتجميد مرة أخري أو الوصول لنفس مرحلة ما قبل التوصل للاتفاق الأخير بدمشق, ويبدو أن هناك فكرة تقضي بأن إحتفاظ كل من الجانبين بموقفه يعد أمرا افضل من تقديم تنازل قد لا توافق عليه القوة صاحبة التاثير والإقامة أيضا. المشكلة هنا أنه و أيا كانت التفاصيل المرتبطة بالموضوع إلا أن الأمر بكامله يصب في خانة التشتت الفلسطيني وصعوبة توصله داخليا إلي قدر من القناعة المشتركة والتي قد يستغلها الآخرون في إثبات بعض وجهات النظر التي قد لا تخلو من غرض تجاه مجمل الموقف الفلسطيني كجزء من الحلول السياسية في المواقف الخاص بالتسوية في المنطقة بصفة عامة.