لم تتبق سوي معجزة للحفاظ علي السودان الموحد, وعلي كل الأطراف بمن فيهم أهل الجنوب وقيادات الجنوب الذين يريدون سودانا موحدا أن يعملوا خلال الفترة القليلة الباقية من أجل الوحدة. عندما التقيت بالسيد سيلفا كير منذ عدة أشهر عقب الانتخابات البرلمانية في جنوب السودان دار بيني وبينه حوار طويل باللغة العربية, قدرة سيلفا كير علي التحدث باللغة الغربية لا تختلف عن قدرة أي سوداني آخر للتعبير عن نفسه بالعربية, ودار حوار طويل بيننا باللغة العربية تحدث فيه عن ترحيبه بأي عربي أو مسلم في جنوب السودان, لكنه تحدث أيضا عن الإحساس بالظلم و الإهمال الذي يشعر به أهل الجنوب من أهل الشمال, وعندما بدأت في إجراء الحوار التليفزيوني المسجل معه طلب كير أن يكون الحوار باللغة الإنجليزية, فطلبت منه أن يتحدث بالعربية التي يجيدها تماما لأنه سيخاطب عن طريق التليفزيون المصري الجمهور المصري الذي يتحدث العربية, لكنه أصر علي أن يتحدث بالإنجليزية, لكني طلبت منه بإلحاح أن يتحدث بالعربية وإذا تعذر عليه إيصال معني باللغة العربية يمكن في هذه الحالة أن يجيب عن السؤال بالإنجليزية, فأبدي موافقته, ولكن ما إن بدأ الحوار حتي أجاب عن كل الأسئلة بالإنجليزية, ودار الأمر هكذا: أسال باللغة العربية ويجيب هو باللغة الإنجليزية, وعندما أنهي الحوار قال لي: عندما أحضر إلي القاهرة سوف أتحدث بالعربية. دلالة ما حدث هي تلك الرغبة في التأكيد علي فصل هوية الجنوب عن الشمال وفي إشارة مبكرة في ذلك الوقت عن الاتجاه الغالب لاستفتاء يناير المقبل بأن الانفصال يبدو وكأنه النتيجة المتوقعة, ومنذ أيام قليلة أجرت حكومة الجنوب مسابقة لاختيار نشيد وطني للجنوب, وقد أعلنت جوبا عاصمة جنوب السودان فوز قصيدة من بين94 نصا تقدم بها أبناء الجنوب كنشيد وطني عقب أكثر من شهر علي فتح باب المسابقة بين الشعراء الجنوبيين. وقال جوزيف أبوك رئيس اللجنة الفنية المكلفة باختيار النشيد الوطني لجنوب السودان إن القصيدة الفائزة تحمل اسم جنوب السودان وأبييي وهي باللغة الانجليزية, وهذه إشارة أخري في ظل إشارات متكررة لانفصال الجنوب. إذا ما حدث الانفصال فليس هناك من نلومه سوي كل الأطراف العربية وحكومة الشمال الذين أهملوا الجنوب طوال الفترة الماضية, حيث لم تقم بما ينبغي أن تقوم به من أجل الحفاظ علي الجنوب. بقي من الوقت القليل, ولم تتبق سوي معجزة للحفاظ علي السودان الموحد, وعلي كل الأطراف بمن فيهم أهل الجنوب وقيادات الجنوب الذين يريدون سودانا موحدا أن يعملوا خلال الفترة القليلة الباقية من أجل الوحدة, فقد تحدث المعجزة, وندعو الله أن تحدث.