ويتواصل الحديث عن مفهوم مقاطعة الإنتخابات العامة و جدواه, والهدف من ورائه, وشروط تحققه, وغير ذلك من الجوانب الأساسية التي في غيابها لا يكون للمقاطعة جدوي أو هدف سوي إثارة ضجة إعلامية فارغة. وبداية فإن مقاطعة الانتخابات تتم في حال استهداف أصحابها لتحقيق انهيار كامل في الدولة المعنية, لان عدم المشاركة يعني عدم الاعتراف بالنتائج ولا بالبرلمان كمؤسسة تشريعية منتخبة, وما يترتب علي ذلك من تداعيات أبرزها عدم مشروعية القوانين الصادرة عن البرلمان. ولا أعتقد أن بمصر أحزابا سياسية تستمد شرعيتها من الدستور والقانون تدعو للانقلاب عليهما, ومقاطعة الإنتخابات باعتبارها الوسيلة المنصوص عليها لاختيار ممثلي الشعب والمعبرين عن الإرادة الشعبية. كما أستبعد أن أحزابنا السياسية قررت التخلي عن نهج التغيير السلمي عبر صندوق الانتخابات, وقررت اللجوء إلي واحد من اساليب العصيان المدني, والمقصود هنا مقاطعة مؤسسات الدولة الرسمية والانعزال عنها. وبمناسبة حديث الانعزال فإن المقاطعة تقود دوما إلي العزلة, إلافي حالة سيطرة أنصار الفكرة علي قواعد شعبية متسعة تجعل من إجراء الإنتخابات أمرا مستبعدا, وحتي في هذه الحالة تصبح المقاطعة لا جدوي منها, إذ أن سيطرة أنصارها تمنع التزوير و تفرض إرادة الأغلبية. القول إذن بالمقاطعة في أغلب الأحوال يعني دعوة سياسية لعزل الحاكم سياسيا وليس شعبيا, وهو معني يصعب تحقيقه في ظل محدودية انتشار المعارضة و ضعف تأثيرها. لكن بعيدا عن هذه المفاهيم لا أتصور جدوي لدعوة البعض للمقاطعة, فالمشاركة تمنح فرصا عديدة للأحزاب في التفاعل مع الناخبين والتغلغل في أوساطهم, والوجود وطرح الأفكار والبرامج السياسية, والتعريف بكوادر الحزب وقادته, والتعلم من التجربة لتطوير الأفكار والسياسات. والمشاركة إلي جانب كل ذلك تتيح انتشار الحزب وزيادة دائرة أنصاره ومؤيديه, وتمنح الحزب الفرصة في المشاركة بصياغة القرار من خلال وجوده البرلماني, وتعرف الجماهير بمواقفه السياسية داخل البرلمان, وتعطيه الفرصة في إثبات الوجود والتأثير السياسي المتواصل والدائم. هل يجوز إنكار حق هدفه الأساسي تأكيد حق الإنسان في الوجود واختيار ممثليه. مجرد سؤال.