هناك من اختار أن يعيش شهر رمضان بالطريقة التي تجعله بالفعل فرصة للمراجعة والتأمل والسعي إلي العبادة الصحيحة التي لامكان فيها للغلو والتشدد.. وتمتلئ المساجد بأعداد كبيرة من المصلين من مختلف الأعمار وان كانت الأغلبية من الشباب, جاءوا بمحض ارادتهم وبدون وصاية أو توجيه. هكذا عرفنا الاسلام دائما, لاوساطة بين العبد وخالقه, ولا إكراه وانما هي لحظات السعادة والراحة النفسية عندما يناجي الانسان ربه بما يجيش في صدره خاصة في الليالي التي يغلب فيها الظن انها قد تكون ليلة القدر, فتزداد حرارة الإيمان إلي درجة التوهج الحميد ليغسل القلوب والنفوس من غبار الأيام والسنين.. هذه الأيام تتأمل تلك الوجوه الساهرة العابدة الراضية, وقد اخذت معها القليل من الطعام للسحور قبل أذان الفجر, وتري من يفضل البقاء في المسجد الي ان تشرق شمس اليوم الجديد. انها متعة خالصة يهبها الله لمن يشاء ومن يقوم بها يشعر بتجديد خلاياه وأحاسيسه بعيدا عن المؤثرات المعتادة والجدل العقيم الذي يضيع الوقت والجهد في قضايا جانبية وهامشية لاتنفع. الطريق الي الله معروف وعلاماته في القلب والعقل واللسان والسلوك, وليس في الفضائيات والبرامج والمسلسلات.. الطريق الي الله تدركه في حالة السكينة والرضا والقناعة في عيون هؤلاء الساجدين الشاكرين الذين ارتضوا التجارة مع الله وليس مع غيره, فإذا هم الرابحون أبدا.. في الدنيا وفي الآخرة.. انظروا الي السماء, حيث الخالق ولا تنتظروا شيئا من المخلوق.