أحد أصدقائنا الشوام, كتب ذات مرة, تقدير موقف لطيف جدا, علي سبيل الفكاهة, من وحي مايجري في الجوار, اسمه' كيف تفسد مسارا ؟', وكان المقصود هو ماكانت تفعله سوريا كلما تحركت العملية التفاوضية بين الفلسطينيين وإسرائيل, في ظل اعتقاد أن تحرك عملية التسوية علي أحد المسارات سوف يكون علي حساب آخر, وأنه لاتوجد حكومة في إسرائيل يمكنها أن تنفذ انسحابين في وقت واحد, دون أن يسقطها الرأي العام, أو المستوطنون, وبعد نقاش يشبه مايحدث في جلسات الكيف, قرر تغيير عنوان التقدير إلي آخر مستوحي من تعبير مصري شهير يرتبط بألعاب الأطفال, وهو' يافيها ياخفيها'. في نفس الجلسة قرر زميل لبناني أن يزايد عليه, فقال انه سيعد تقديرا مستوحي من إعلانات البتزا, الشهيرة أيضا, والتي تعرض' اشتري واحدة, واحصل علي الثانية مجانا', وكان المقصود هو ماكانت تقوم به سوريا بشأن المسار اللبناني, إذ كان مفهوما أنها لن تترك مشكلات هذا المسار تحل, مالم تحل مشكلاتها الخاصة, وانه إذا قررت إسرائيل أو الولاياتالمتحدة, التعامل مع المسار السوري أولا, فسوف تحصل علي حل مجاني, أو' بنصف الثمن' لمسار لبنان الذي لم تكن هناك مشاكل قانونية حادة ترتبط به أصلا, وكانت مشكلته الرئيسية, إضافة إلي مزارع شبعا, أن هناك عملية' رهن تفاوضي' بشأنه. والآن, فإنه عندما أراد محمود درويش أن يسخر مما يحدث للقضية الفلسطينية, قال اننا كنا نريد دولة فأصبحت لدينا دولتان, ولم يقدر للرجل أن يعيش ليري ماذا يحدث علي المسارين الفلسطينيين, فقد وضح أن حماس يمكن أن تقبل أي شيء, إلا أن تري أن شيئا يجري علي' مسار رام الله', ويقسم أحدهم بالله انه رأي بعينيه كيف تعرض حماس علي إسرائيل أن تحل هي المشكلة, وأنها قادرة علي الحفاظ علي الأمن بأكثر من قدرة السلطة علي ذلك, وهنا نحتاج إلي تقدير معدل من نوعية' يافيها ياخفيها', فلأن من الصعب أن تكون حماس فيها, فإن العنوان المقترح هو' ياخفيها ياخفيها', وطبعا لم يعد احد يفكر كثيرا في الأرض, فالتفكير في المسارات أهم.