أثارت المطالب التي دعا إليها قادة انقلاب الاخوان خلال اجتماعهم بمقر الجماعة والذي انفرد الأهرام المسائي بنشر وقائعه السبت الماضي, جدلا شديدا بين المفكرين والكتاب وأعلام الثقافة في مصر, وكانت الجماعة قد دعت خلال حفل الافطار الذي حضره عدد من الشخصيات العامة الأسبوع الماضي إلي الأمر الذي يمثل تغيير مفاجئ في حدة لهجة الجماعة تبدأ بالضغط من أجل تغيير المواد الخاصة بانتخابات الرئاسة إلي العصيان المادي واسقاط النظام بدماء الشهداء والاستيلاء علي الحكم تحت قيادة الاخوان. فسر الروائي إبراهيم عبد المجيد انقلاب الجماعة بأنه محاولة لابتزاز النظام في محاولة منهم للحصول علي حصة أكبر من المقاعد البرلمانية, وقال لا أعتقد أن في استطاعة الاخوان القيام بهذه الأفعال لأنهم في الواقع لا يفقهون شيئا في السياسة, إنما هي مجرد محاولة للابتزاز من أجل الحصول علي عدد أكبر من المقاعد في البرلمان. ولدي سؤاله حول اعتماد المعارضة علي قاعدة شعبية عريضة قال: مستحيل أن يصبحوا معارضة حقيقية, وقال أنا لا أثق بهم ولا أثق أنهم سيتحدون باخلاص مع المعارضة, القضية أنهم يعرفون أن للمعارضة قاعدة جماهيرية في الشارع المصري فأرادوا أن يكسبوا ودها, ودخلوا للمعارضة من نقطة أن الحكومة تخلت عنهم, ويقيني أنه في أول فرصة ستتخلي جماعة الاخوان عن صفوف المعارضة التي وقفت معها إذا فتحت الحكومة لها الباب مرة أخري, يمكن أن يكون للقوي الوطنية الأخري مشروع للتطوير السياسي والاجتماعي لكن الاخوان إذا دخلوا شيئا أفسدوه. من جانبه, قال الكاتب سعيد الكفراوي: للإخوان تاريخ طويل من العمل علي حشد قواها في العمل السري من خلال تنظيمات عسكرية ايديولوجية وبين الحين والحين تخرج إلي العلن بالونة اختبار الجماعة الإسلامية والتكفير والهجرة وغيرها من الجماعات, وأضاف: لم تقوم الجماعة بصدام مباشر طوال تاريخها لا مع الاستعمار الانجليزي ولا مع مقاومة48 في فلسطين, ولا مع السلطة المصرية, هي فقط تعمل سريا وأحيانا علنيا, إلا أنه عاد وأبدي دهشته من التغيير المفاجئ في استراتيجية الاخوان,: المطروح الآن يثير الدهشة وهو مختلف تماما عن طريقة عمل الحركة التي تلخص نشاطها في الدعوة, وتراهن علي المستقبل وتبتعد عن التغيير السياسي, وما قاله المجتمعون في هذا الافطار ما طرحوه من أفكار هو اختبار لشارع سياسي تختلط فيه الرؤي والأفكار بسبب عدم فهم الناس لما يدور في عقل السلطة من فكر عن المستقبل, ولو أن النظام السياسي كشف بقدر أكبر من الشفافية نواياه حول أي تغيير في الدستور أو عن الترشيح للانتخابات سيكون الأمر من ناحية في صالح الليبرالية الجديدة, ومن ناحية أخري سيظهر موقف الاخوان الحقيقي. وطرح الكفراوي ما سماه ب بالونات الاخوان وقال ظل الاخوان علي طول تاريخهم يطلقون بالونات اختبار فقط, ودلل علي ذلك بأن الجماعة في الفترة الليبرالية في عهد فاروق ومع وجود الاحزاب المتعددة كانت تعمل في العلن وكان لها شعبة في كل قرية ومركز الارشاد بالقاهرة وكانوا يرفعون بالصوت الله أكبر والحمد لله, ورغم ذلك لم يكن لهم أي تأثير علي جماهير الشعب في حضور الوفد الليبرالي واليسار المصري واليمين المصري, وما أريد أن أقوله حسب رأيه هو أن فتح باب الحرية لتكوين الأحزاب الحقيقية بحيث تكون التيارات السياسية هي المرجعية ومع هذا لن يكون هناك صوت للإخوان سيكون الصوت مصريا حقيقيا. وقال الكاتب ونائب رئيس الهيئة العامة للكتاب حلمي النمنم: يبحث الإخوان منذ شهور عن صفقة مع الدولة من أجل انتخابات البرلمان2010 علي غرار صفقة2005, ومن الواضح أنهم لم يتمكنوا من اتمام هذه الصفقة, ومن الواضح أن الحزب الوطني لا توجد لديه أصلا النية لعقد هذه الصفقة, وما يفعلونه هو محاولة ضغط علي النظام لضمان مقاعد في البرلمان, فمن الواضح أن هناك جدية لخوض الانتخابات القادمة, فبعض الناس تكذب ويصدقوا أنفسهم ويعتبرونها حقائق من كثرة تكرار الكذبة, وما أعنيه هو أن الاخوان يكذبون علي أنفسهم معتقدين أنهم يسيطرون علي الشارع المصري, لكن هذا كلام ليس له أساس من الواقع, والدليل أنهم في انتخابات2005 حازوا علي مساندات كثيرة بخلاف تحركاتهم, ومع ذلك لم ينالوا سوي88 مقعد أي بما يوازي22% من نسبة المقاعد, وإذا تذكرنا أن الذين قاموا بالتصويت هم23% من الشعب المصري فإنه يعني أن نصيب الاخوان وقوتهم لا تتعدي6% من الشارع المصري وهذا حجمهم الحقيقي. ونفي النمنم أن يكون بمقدور الجماعة القيام بأي مما دعوا إليه خلال اجتماع الانقلاب وقال: لا يستطيع الإخوان تنفيذ ما يتحدثون عنه, وكل ما يحاولون القيام به هو ضغط علي أعصاب الحكومة والأمن العام. أما الكاتب فؤاد قنديل فأكد أنه علي الرغم من أنه مع فكرة تحالف قوي المعارضة, إلا أنه يرفض بشدة أي محاولة لاستخدام العنف في تداول السلطة. وقال: صحيح أنني مع فكرة توحيد المعارضة لتغيير الأوضاع, لكني لا أؤيد علي الاطلاق أي شكل من أشكال العنف ولا الجماعات الداعية له أو الاستيلاء علي السلطة بهذا الشكل وهذه الصورة الهمجية, وأضاف: التصريحات الجديدة تنطوي علي شكل من أشكال العشوائية والغضب غير الشرعي, لذا لا نؤيده فنحن مع الاصلاح السياسي السلمي, ونصيب الجماعة ومن يؤيدوها في الشارع المصري ليس كبير بحيث لا تكفي لتمكينها من التغيير الذي تدعو له, فنحن ضد الدولة الدينية ومع المدنية بشروط رقابية, وما يروجه الإخوان مجرد خطابات حماسية تستخدم كلمات زاعقة لكنهم لا يدركون أن كل أحزاب المعارضة في الشارع المصري لا يستطيع أن تحقق, لأن الحزب الوطني مهيمن وله قاعدة أوسع. من جانبه رفض رئيس هيئة التنسيق الحضاري سمير غريب أي محاولة لإقامة دولة دينية وقال: نحن مع الدولة المدنية وأنا رجل علماني ومع العلمانية وأقف ضد تداخل الدين مع الدولة, فالدين لله والوطن للجميع, فلا يجب أن يسيطر الدين علي الحكم أو علي القانون, خصوصا أن الإخوان لا توجد لهم قاعدة جماهيرية لأنه تنظيم غير شرعي, وهم يستغلون أنه لا يوجد مصدر يستقي منه أو يتم الحصول من خلاله علي رقم أو نسبة واضحة لقاعدة الإخوان الجماهيرية ليطلقوا أقاويل لا يمكنم حسابهم عليها, والعنف ليس غريبا علي هذه الجماعات الدينية فلغة الخطاب لم تختلف وظلت كما هي علي مدار التاريخ. أما الروائي الكبير محمد البساطي فقال: أنا مع فكرة ائتلاف المعارضة وأن تجتمع بكل أطيافها لبحث سيناريوهات اللحظة القادمة في التاريخ المصري, لكني لا أفهم أن تجتمع تحت لواء الإخوان, فمع احترامي الكامل لهم, لا أجد في برنامجهم رؤية واضحة لمستقبل مصر سياسيا أو اجتماعيا, وإذا كان الأمر متعلقا بالتدين فكلنا متدينون, ودائما ما ترتبط حركة الإخوان المسلمين في مصر في ذهني بالحركات الوهابية في السعودية وغيرها من دول الخليج. وأضاف: لا مفر من أن تبحث الأحزاب المعارضة عن التكتل لأنه من المؤسف أن كل حزب علي حدة لا أثر كبيرا له في الشارع, وإذا نجحت المعارضة في التكتل تستطيع بشكل ما أن تكون قوة وأن تحرك سكون هذا الشارع, وسواء اتفقنا أو اختلفنا معه فقد حاول الدكتور محمد البرادعي تحريك بعض المياه الراكدة في الشارع المصري وحده كفرد, وتقليب تربة السياسية يه ويري أن الحقيقة المرة التي تقف أمامها كل محاولات المعارضة هي أن كل حزب معارض في مصر متضخم الذات لدرجة يستحيل معها أن يتنازل عن الزعامة, فلا يستطيع مثلا التنازل عن رئاسة هذا الائتلاف مثلا, ورغم ذلك فكل ما بيد هذه الأحزاب هو أن تحاول, إذ إنها محاصرة بعدة عوامل وظروف سياسية أهمها أنها فقدت الكثير من مصداقيتها في الشارع المصري, وأنها مضطرة للتحاور مع جيل كامل من فاقدي الهوية السياسية بسبب ضحالة الوضع الثقافي والتعليمي, ولتحريكهم لابد أن تدرس أحزاب المعارضة سيسيولوجيا المجتمع الصري وأن تبحث عن وسيلة لإيقاظ الناس من سباتهم العميق. وقال الكاتب الحائز علي جائزة الدولة التقديرية في فرع العلوم الاجتماعية عاطف العراقي: فكرة تجمع الأحزاب المعارضة لبحث سيناريوهات الانتخابات المقبلة وانضمام الإخوان لهم في رأيي فكرة خاطئة تماما, إذ كيف يخوض الإخوان الانتخابات وهم بلا حزب سياسي في مصر, وذلك نظرا لأن مصر فعلت خيرا ولم تصرح لهم بإشاء حزب ديني, إذ لا يجلب الخلط بين الدين والسياسة إلا المشكلات التي لا حصر لها, فهذا يؤدي إلي الرجوع للخلف. أضاف: نحن دول إسلامية بمعني أن الدولة لا تمنع أحدا من ممارسة شعائره الدينية, لكن أن يدخل الدين في الخطاب السياسي هنا تكمن الخطورة إذ أن الدين ثابت والسياسة متغيرة, وكل حكام العالم يستندون علي كتاب الأمير مكيافيللي وخصوصا قوله: الغاية تبرر الوسيلة وهذا ضد المبدأ الديني, لكن تجد حركات مثل الإخوان المسلمين يفعلون ذلك, وهي حركات ممولة من بعض الدول البترولية, لذلك يجب أن يتم فرز أوراق المرشحين في الانتخابات بحيث يتم استبعاد من يدخل بصفة دينية, لأن الأيام أثبتت سواء في ماضي الإخوان المسلمين في مصر أو غيرهم في الدول العربية أن الأحزاب الدينية خطر علي استقلال أي دولة, فهذه التنظيمات تتقاضي أموالا ومعونات خارجية وعن طريق هذه الأموال يضمنون أصواتا أكثر. كذلك يجب أن يخوض كل حزب الانتخابات بمفرده, وأن تقوم الحكومة المصرية بمنع ما يسمي ائتلاف الأحزاب المعارضة, إذ لا معني أن يقوم كل حزب بالتكتل والائتلاف مع آخرين, في حينأن مبادئ الحزب تختلف كليا وجزئيا مع هؤلاء الآخرين سواء كانوا أحزابا أو حركات, وفي قانون الأحزاب ينص القانون علي أنه كل حزب جديد لابد أن تختلف مبادئه عن الآخرين, وإذا تشابهت هذه المبادئ ترفض الأوراق لأنه هناك حزب قائم بهذه المواصفات, هذا يعني بشكل ما أن يتخلي أحد الحزبين عن مبادئه التي قام عليها, ولا أدري لماذا تعمد القوي المعارضة إلي تجاهل هذا الشرط. أما الكاتب الكبير صلاح عيسي فاستنكر أن تكون جماعة الإخوان قد قامت بفعل مثل هذا وقال: لا يمكن أن تكون الجماعة قد ارتكبت مثل هذا الفعل, وأنا أشك في دقة الخبر. من جانبه أوعز والكاتب عبدالمنعم رمضان المطالب الأخيرة إلي صفقة يريد الإخوان القيام بها من أجل زيادة فرصهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة وقال: لا أعتقد أن هناك حدثا سياسيا يبرر ما قام به الإخوان, ورغم تشككي في دقة التصريحات المنشورة علي لسانهم, إلا أن تصريحات مثل هذه لا يمكن فهمها إلا في إطار التجهيز لاقتراب موعد الانتخابات البرلمانية, وليست الرئاسية لأن أي تصور منهم حول إمكان خوضهم انتخابات الرئاسة في هذه الظروف يكون تصورا ساذجا وأضاف: ربما تكون وراء التصريحات صفقة مع النظام أو قوي المعارضة, لأن تاريخ الإخوان هو تاريخ مساومات, الدافع وراءها إما التقرب لبعض القوي, أو الضغط من أجل مزيد من المقاعد البرلمانية, أو من أجل مطالب أخري مثل السماح بقنوات جديدة للتعبير كقنوات فضائية مثلا.