تم اختيار الدكتور صلاح عرفة أستاذ الفيزياء بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة مستشارا علميا لمحافظة الشرقية. فمنذ 1974 يشارك عرفة في تنمية المجتمع في محافظة الشرقية، التي نشأ بها، فيما أطلق عليه، "رحلة العودة للجذور". ودائماً ما تركزت أبحاث عرفة حول كيفية الاستفادة من الموارد الطبيعية لخلق مجتمعات صديقة للبيئة في القرى الريفية والتي تساعد بدورها على تطوير القدرات والكفاءات لسكان المناطق الريفية. أحد هذه المشروعات التي تبناها عرفة –هو مشروع البسايسة – الذي تم إطلاقه في السبعينات، والذي نال تقديراً كبيراً باعتباره نموذجا ناجحا لمشروعات التنمية المستدامة في مصر. ترتكز أفكار عرفة الأساسية على نقل التكنولوجيا من خلال احداث تطور حقيقي في المناطق الريفية، ليس بفرض التغيير من الخارج و لكن من خلال اشراك جميع أفراد المجتمع في كل خطوة من التطور. يقول عرفة، "نتواصل مع المواطنين، و نقوم بحشدهم للمشاركة ثم ننظم مجهوداتهم من خلال تقديم اطار لجمعيات أهلية يتوافق مع السكان. يلي تلك الخطوات مرحلة تمكين الأفراد، ومساعدتهم في إدارة الجمعية الأهلية، ومن خلال تلك المنظومة يتعلم الجميع كيفية حشد آخرين للعمل، وتمكين القادة من المجتمع إلى جانب تعلم المهارات الأساسية و التقنية." يرى عرفة، والذي انضم للجامعة الأمريكيةبالقاهرة عام 1968، الإمكانيات غير المستغلة و يفكر تلقائيا في كيفية تحويلها لصالح الأفراد. ففي قرية البسايسة الصغيرة في محافظة الشرقية، بدأ بإنشاء جمعيتين أهليتين عام 1983، الأولى تعاونية لتدر ربحا يسمح باستمرارية الجمعية الثانية المختصة بتنمية المجتمع و ذلك بمشاركة جميع سكان القرية. ساعد ذلك النموذج في تدريب واشراك المواطنين في تنمية مجتمعهم. ومن خلال الاستفادة من الموارد المحلية وإشراك جميع سكان القرية، خلق عرفة "منهج متكامل للتنمية." ومن خلال الحوار المفتوح و التفاني في العمل، تمكن عرفة من تشجيع سكان البسايسة للعمل معه لخفض معدلات الأمية، وتثقيف النساء والشباب، وتوجيه المزارعين لتحسين مستوى المعيشة. أثمرت مجهودات عرفة ومشاركة الكثيرين من الأساتذة والطلاب على مر السنوات في تحويل البسايسة من قرية فقيرة إلى مجتمع صديقاً للبيئة من أجل التنمية المستدامة. وبعد نجاح تجربة البسايسة، بدأ عرفة مشروع قرية البسايسة الجديدة عام 1992، وهو مجتمع صغير في صحراء رأس سدر في محافظة جنوبسيناء. تبعد قرية البسايسة الجديدة عن القرية الأصلية مسافة 200 كيلومتر ومسافة 190 كيلومتر من القاهرة، وتعتمد على الزراعة حيث تبلغ مساحتها 750 فدانا. تمكن عرفة و أبناء قرية البسايسة الذين انتقلوا للقرية الجديدة، من خلال المجهود الجماعي، من ادخال التكنولوجيا الجديدة، مثل تدوير المخلفات الزراعية لإنتاج الغاز، و استخدام الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء و التدفئة. ينظم عرفة رحلات دورية لقرية البسايسة الجديدة لتشجيع المصريين و المسئولين لرؤية كيفية تحول منطقة صحراوية لقرية نموذجية. يقول عرفة، "نبدأ الرحلة الساعة 7:30 صباحا، نزور اولا النقطة الحصينة بسيناء، وهي علامة هامة في حرب 1973، و ذلك للحصول على جرعة وطنية، ثم نزور عيون موسى للحصول على جرعة دينية، و نتجه بعدها لزيارة البسايسة الجديدة و نحصل على جرعة أمل، و لكن قبل العودة الساعة 7:30 مساءً نستمتع بالطبيعة و نزور الشاطئ." يرى عرفة، بعد أن عمل مع سكان الشرقية لما يقرب من 40 عاما، أن التحول الذي شهدته القرية يقاس بمدى التأثير الإيجابي على المواطنين. ويقول أن اكثر اللحظات فخرا في حياته تمثلت في حضوره مؤتمرا عن التصحر و اكتشافه أن نائب رئيس مركز بحوث الصحراء كان عمره 12 عاما عندما زار عرفة البسايسة لأول مرة عام 1974، "إن مكافأتي الحقيقية تكمن في علمي بأن التفكير السائد تغير بالقرية على مر السنوات." يرى عرفة أن مهمته الأساسية، بعد تعيينه مستشارا علميا لمحافظة الشرقية، هي مد جسور التواصل بين الأفراد المختلفين المعنيين، من مسئولين، و خبراء و فلاحين. "لا ينقص الجميع الخبرة أو التجربة، كل ما يجب أن أفعله الأن هو دمج و إيجاد الصلة بين الجميع. نستطيع أن نحقق معجزات اذا خلصت النوايا." جدير بالذكر أن عرفة حصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء و الكيمياء عام 1962، و ماجستير الفيزياء النووية عام 1966، كما حصل على الدكتوراه في فيزياء الجوامد من جامعة القاهرة. يعد عرفة من رواد الأعمال الاجتماعية في مصر و العالم العربي. تم اختياره كزميل لمؤسسة أشوكا عام 2004 و تم اختياره "رجل العام في البيئة و التنمية" عام 2009.