الخلافات في الرأي داخل الأحزاب أو الجماعات السياسية واحدة من دلائل الحيوية و النشاط الداخلي, ومؤشرا علي التباين في الآراء و القدرة علي التحاور و الوصول إلي نقاط التوافق أو الالتقاء الوسطي و الأحزاب الديمقراطية هي القادرة علي الخلاف في إطار التوافق, كونها تمتلك منهجا للتحاور وثقافة للخلاف قبل أن تمتلك الادوات الملائمة لتحقيق ذلك. و خلال اليومين الماضيين تداولت معلومات في الصحف عن مظاهر خلافية داخل بعض الآحزاب أو بينها البعض, أو بين جماعات سياسية مازالت تسعي للحصول علي الشرعية القانونية. الحزب الناصري يدير صراعا ملتهبا في داخله علي خلفية انتخابات الشوري وسط تهديدات بالانشقاق أو الإقالة أو سحب الثقة, و حزب الوفد ينسحب من جبهة المعارضة أو يجمد نشاطه احتجاجا علي تصريحات من قادة في حزب الجبهة الوطنية, والاخير تنسب لبعض قادته تصريحات سياسية مسيئة للوفد بسبب قرار الأخير برفض مقاطعة الإنتخابات. حتي داخل الجماعات السياسية الباحثة عن الشرعية, يرفض قادة' الإخوان' مشاركة ممثل حزب الوسط في مؤتمر سعبي و يهددون بالانسحاب, علي خلفية انشقاق الشباب من الجماعة و سعيهم لتأسيس حزب سياسي خاص بهم. جملة من الظواهر المتتالية المثيرة لتساؤلات مشروعة عن رسوخ ثقافة الديمقراطية و قبول رأي الآخر في حال الخلاف, و توافر ثقافة التعامل و التفاعل مع الخلافات وفقا لروح ديمقراطية تتيح تحويل الخلافات إلي قوة دافعة داخل الحزب و ليس قوة مدمرة لمؤسساته و للكيان بكل تفاصيله ومشروعاته السياسية. لا مجال للمزايدة, فالخلافات المدمرة تعصف بالكيان الحزبي, وتضر بالمشهد السياسي العام, وليس من مصلحة الأطراف المتنافسة أن يضعف كيان أوينهار آخر لمجرد إنه معارض أو حاكم, و العكس صحيح, لأن آفة الحياةالحزبية المصرية في تشتتها و انصرافها لإدارة خلافاتها بدلا من التواصل المتراكم مع الناخبين. إذا رغبت أحزاب وقوي المعارضة في التحول إلي عنصر فاعل و مؤثر في الحياة السياسية فعليها أولا الإلتفات إلي أوضاعها الداخلية ومنهج إدارتها لأزماتها قبل الحديث عن مشكلاتها مع القوانين أو القرارات الإدارية المحيطة. الخلاف لا يفسد للود قضية, ولكن داخل المعارضة يفسد. [email protected]