تعتبر عشوائية القرارات من أهم المعوقات التي زادت من أعباء الاقتصاد المصري في المرحلتين الحالية والمقبلة, وكلفت الخزانة مليارات الجنيهات. وتقول الدكتورة يمن الحماقي وكيلة اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري: إنه تمت الموافقة علي تطبيق برنامج تحسين الأداء ومتابعة المشروعات خلال الموازنة العامة للدولة2011/2010 لتحقيق الرقابة علي الأداء الحكومي, وتحسين كفاءة الخدمات بحيث سيتم إنشاء وحدات متابعة للمشروعات بكل وزارة لمراقبة وتحسين نوعية الخدمات المقدمة, تحقيق رقابة المجتمع علي هذه الخدمات, لأن غياب أسلوب المتابعة والرقابة يزيد من عشوائية القرارات, مشيرة إلي أن موافقة المجلس علي برنامج تحسين الأداء والمتابعة سيقلل من القرارات العشوائية التي تربك التنسيق الخططي في التنمية الاقتصادية. وأضافت أنه تمت المطالبة بتطبيق برنامج متابعة الأداء منذ أكثر من ثلاث سنوات لتفادي العشوائيات في القرارات بحيث تحدد كل وزارة المبلغ لمشروعاتها ضمن خطة محددة يتم تحديدها بالمشاركة بين المجتمع المحلي والبرلمان لمتابعة التنفيذ خطوة بخطوة, والنظر إلي مدي تأثيرها علي المصلحة العامة, بالإضافة إلي تحقيق أهداف الوزارة باختيار المشروعات ذات أهمية علي أن تخضع لرقابة البرلمان والجهات الأخري مثل الجهاز المركزي للمحاسبات في متابعة خطوات التنفيذ والتقويم. وأكد الدكتور صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن القرارات العشوائية التي يتم اتخاذها من قبل المسئولين ترجع لعدم وجود خطة بمفهوم الخطة, وينتج عنها عدم استكمال المشروعات السابقة والدخول في مشروعات جديدة دون النظر للخسائر, مطالبا بمتابعة ومحاسبة كل مسئول يتورط في ذلك, لأن كثيرا من المشروعات لا يتم عمل دراسة جدوي حقيقية لها, فبعد أن تم بناء جراج كبير في ميدان رمسيس, وقيل وقتها إن هذا الجراج للاستفادة من أصول هيئة السكك الحديدية, وكان ذلك من ضمن أفكار الوزارة, لكن بعد بنائه الذي تكلف نحو48 مليون جنيه للجراج تم هدمه مرة أخري بتكلفة بلغت20 مليون جنيه, ولا أحد يدري حتي الآن لماذا تم البناء؟! أو لماذا تم الهدم؟! وكل ما قيل في ذلك هو أن مظهر الجراج يشوه التنسيق الحضاري لميدان رمسيس, فأين التنسيق ودراسات الجدوي قبل أن يتم التنفيذ؟ وأشار إلي أنه ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة أخري في مصر تعرف باسم التحكيم, وهو أن يقوم المستثمر الأجنبي برفع قضية لأن الجهات الإدارية لم تنفذ تعاقداتها مع المستثمر الأجنبي, أو أن العقود المبرمة بينهما ليست عقودا منضبطة قضائيا, وتكون النتيجة أن يتم التحكيم لمصلحة المستثمر الأجنبي, وهذا ناتج إما عن جهل بأصول التعاقدات الدولية, أو نتاج تواطؤ من بعض المسئولين في مصر, وبالتالي فإنه خلال السنوات الثلاث الماضية خسرت مصر11 قضية في التحكيم من أصل12, وترتب علي هذه الخسائر التزامات, وتعويضات تبلغ9 مليارات جنيه, وآخرها قضية ماليكورب, وقضية وجيه سياج, وتم سداد جميع التعويضات من الخزانة المصرية, علما بأن الأساس في هذه القضايا وهذه الأحكام يرجع إلي عشوائية القرارات. وتساءل: لماذا لا تتم الاستفادة من بعض الدول التي سبقتنا في إعداد ودراسة القرارات قبل اتخاذها؟ فدولة مثل اليابان التي تخطط للاستفادة من السيول في عمل أنهار صناعية عن طريق الخزان الجوفي, وتتم الاستفادة من هذه المياه في مشروعات التنمية, والنتيجة أن الحياة في اليابان تسير بصورة طبيعية رغم وجود السيول لمدة أيام متصلة, بعكس ما يحدث في مصر, حيث تم البناء في مخرات السيول مع بداية العام الجديد2010 دون اعتبار عاصفة من الرياح والسيول, ومن المعروف أنه منذ بداية الخليقة توجد أماكن يمشي بها السيل, وذلك حتي يذهب إلي البحر, لكننا قمنا بسبب قرارات خاطئة بالبناء علي مخرات السيول, وبناء قرية أوليمبية رياضية تكلفت ما لا يقل عن120 مليون جنيه, هذا بخلاف باقي المباني التي قام بها الأهالي حول القرية الرياضية الأوليمبية, علما بأن سيناء كلها مساحات غير آهلة بالسكان, ويمكن البناء والاستفادة من جميع الأراضي الأخري, لكن عدم دراسة الجدوي يكلف خزانة الدولة ما يزيد علي300 مليون جنيه. وأكد الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد مدير مركز البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات, ورئيس قسم الاقتصاد أن عشوائية القرارات قد زادت من أعباء الاقتصاد المصري خلال المرحلتين الحالية والمقبلة, لأن اتخاذ بعض القرارات المصيرية من بعض المسئولين دون الرجوع للخبرات أو أخذ آراء المختصين, العرض علي مجلس الشعب أو علي الأحزاب القائمة, أو استفادة المسئولين من النقد الذي تم توجيهه إلي هذه القرارات قبل بداية العمل بها, ودون دراسة جدوي يكون لها تأثير سلبي علي الاقتصاد, ويزيد التكاليف الاقتصادية, وتكلفت الخزانة المصرية مليارات الجنيهات كان الاقتصاد المصري في غني عن سداد فاتورتها, وكان من الممكن أن يتم استخدامها في المشروعات التي تخدم المجتمع وتزيد من عملية التنمية الاقتصادية.