تأتي قمة الكويت والتي تم إنعقادها يومي19 و20 نوفمبر2013 م ضمن أولويات مصر نظرا للمكانة الخاصة للتعاون العربي الأفريقي وضروراته في دعم خطط التنمية والاستثمار في الدول العربية والإفريقية. ومن هنا حملت تلك القمة شعار( شركاء في التنمية والاستثمار) لبحث كيفية تفعيل آليات التعاون الاقتصادي والتنموي بين الدول العربية والإفريقية, وهو ما بدأت خطواته التنفيذيه تتبلور في المنتدي الاقتصادي التنموي قبيل القمة في إقتراح الجانب المصري بإنشاء الوكالة المصرية للمشاركة من أجل التنمية ودعم المساهمة المصرية في دعم خطط التنمية بالدول الشقيقة. علاوة علي ذلك فإن التعاون العربي الإفريقي تزداد أهميته في ظل التأثيرات والتداعيات والتحديات الخطيرة التي تواجه الأمن القومي المصري سواء علي المستوي الأفريقي أو العربي وتبلغ ذروتها في الحرب علي الإرهاب و مواجهة العنف والتطرف. فعلي الصعيد الإفريقي: نجد مصر تواجه معضله إستعادة الدور الحضاري والريادي في إفريقيا لاسيما بعد ثورة30 يونية التصحيحية وتعليق عضويتها في الاتحاد الإفريقي, والحفاظ علي نصيب مصر من المياه بعد أزمة سد النهضة والمخطط المائي الكهربائي في أثيوبيا, هذا علاوة علي الإشكاليات البنيوية الاقتصادية والجماعية والإقليمية. أما علي الصعيد العربي: فنجد عدم الاستقرار السياسي والأمني في الدول المجاورة لمصر حيث صعوبة عملية الإنتقال الديمقراطي في تونس وليبيا والوضع المتأزم الفلسطيني والخلاف المستمر بين حماس وفتح وسيطرة الولاياتالمتحدة علي عمليه إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي, مع تقسيم السودان إلي دولتين, وإمكانية حدوث إنقسام جديد في السودان بإنفصال محتمل لإقليم دارفور والذي يمثل جزءا من خط الحدود الثلاثي السوداني المصري الليبي إلي جانب الحرب الأهلية في سوريا واضطراب الأوضاع في اليمن, وانتشار الحركات الجهادية التكفيرية في الدول العربية ومنها مصر, مع وجود شلل تام في مؤسسات النظام الإقليمي العربي علي كافة الأصعدة و المستويات. ومن هنا فإن الحاجة ماسة لاستعادة الدور المصري في إفريقيا و الدول العربية لاستعادة مكانتها وتأمين أمنها القومي, من خلال إعادة الثقة في السياسة المصرية وتوجهاتها تجاه إفريقيا من خلال تعيين وزير متخصص للشئون الإفريقية مقارنة بالجزائر لإحياء تلك العلاقات من جديد ولمعالجة الخلل الفكري والإداري في إدارة ملف مياه النيل وتعزيز التعاون الإقتصادي والعلمي مع أفريقيا, وعمل شبكات بين الدول الإفريقية ومصر في مجال الإتصالات والربط الكهربائي والاستثمار لتعزيز مصالحها في إفريقيا و تعزيز دور مصر في مجلس الأمن والسلم الإفريقي. وأيضا تفعيل مبادرة( ينباد) لإستقطاب التمويل الدولي للدول الإفريقية, مع تفعيل العمل الجماعي وإثراء العمل الإقليمي من جديد في كافة المجالات من خلال الدبلوماسية الرسمية والتواصل الشعبي مع مجتمعات الدول الأفريقية, وهنا يمكن لمصر الانضمام إلي التجمعات الإقليمية مثل اتحاد شرق افريقيا( إيجاد) والكوميسا والساحل وعضوية الاتحاد من أجل المتوسط و المنظمة الفرانكفونية. إضافة إلي ذلك لابد أن يكون لدينا مركز قومي لإدارة الأزمات سواء علي المستوي الداخلي أو العربي لمواجهة الأزمات الأمنية وعلي رأسها الإرهاب والتطرف أو الإقتصادية أو السياسية أو الإجتماعية... والعمل علي استكمال خارطة الطريق في مصر لتحقيق الإستقرار السياسي والأمني فيها وبالتالي جذب العديد من الاستثمارات العربية فيها وتفعيل المشروعات العربية المصرية المشتركة. مع دعوة الدول الموجوده بدول حوض النيل لكي يتم حسم مشكلة سد النهضة وإتفاقية عنتبي, وهو ما حاولت الكويت السير في علي هامش قمة الكويت الأخيرة وإجراء حوار ثلاثي بين مصر والسودان وأثيوبيا لحل تلك المعضلة في إطار مراعاه مصالح الدول في التنمية واحترام قواعد القانون الدولي. وهنا يمكن مشاركة مصر أثيوبيا في بناء سد النهضة وتستفيد من حجم الكهرباء التي تريدها, والتأكيد علي ضبط الحدود مع دول الجوار العربي والإفريقي لمنع عمليات تهريب السلاح إلي الداخل والحاجة الماسة لتوحيد وتأهيل دائرة واحده لوضع سياسة خارجية تجاه إفريقيا والعالم العربي لتدعيم وتوطيد العلاقات العربية والإفريقية مع مصر حفاظا علي المفهوم الشامل للأمن القومي المصري في دائرتيه الإفريقية والعربية. علاوة علي التأكيد علي أهميه الدبلوماسية الشعبية في توطيد العلاقات المصرية علي المستويين العربي و الإفريقي ولاسيما مع الدول الداعمة لمصر وبما يتوافق مع مصالحها في المجالات المختلفة. وفي النهاية يجب التأكيد علي أن الشعوب الإفريقية والعربية تمر الآن بمرحلة حرجة بعد ثورات الربيع العربي واستفحال خطر الإرهاب, ما يحتم عليها التعاون والتكامل فيما بينها لخدمة مصالحها و الحفاظ علي أمنها ومستقبلها وهو ما أكده إعلان الكويت في القمة الثالثة للعلاقات العربية الإفريقية, حيث تفعيل التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري لاسيما في مجال الزراعة والإنتاج الحيواني لمواجهة الأزمة الغذائية لدي إفريقيا والعالم العربي والارتقاء بالعمل العربي الأفريقي المشترك من خلال الإرتقاء بالبني التحتية الإفريقية والعربية. ويجب تفعيل دور القطاع الخاص في التنمية والاستثمار المشترك والبنية التحتية من خلال أطر واضحة ضامنة وداعمة للإستثمار وحوافز وتسهيلات فنيه وتشريعية تقدمها المنظمات التنموية العربية والإفريقية للدول الأعضاء, وهنا تأتي أهمية تعزيز العلاقات المشتركة العربية الإفريقية في المجالات المختلفة سواء بالمساهمة في عملية التحول الديمقراطي أو في تسوية النزاعات الواقعة في فضائها المشترك أو في تعزيز مجالات جديدة تمس عصب التنمية في مجتمعاتنا. فالتعاون العربي الإفريقي سيساهم في الإسراع في عمليه الاستقرار السياسي والإقتصادي والأمني في الفضاء العربي والإفريقي وتوحيد المواقف العربية والإفريقية للقضاء علي الإرهاب والتصدي للإتجار الغير مشروع بالسلاح وإقامة منطقة خالية من السلاح النووي في عموم الشرق الأوسط بإمتدادة الأفريقي والعربي ودعم التبادل التجاري وحماية المهاجرين والمرأة وهذا ما أكدته القمة العربية الأفريقية الثالثة بالكويت ولعل مبادرة أمين الكويت والتي تسمي بمبادرة( مليار دولار) تسهم في تحقيق التنمية في أفريقيا والعمل علي إصلاح الأممالمتحدة وتطوير آلياتها للحفاظ علي الحقوق و القضايا العربية أو الإفريقية بعيدا عن التسييس والتدويل. ولابد من احترام حقوق الإنسان العربية ولعل التوصية بإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان ومقرها البحرين وفقا للبيان الختامي لقمة الكويت خطوة مهمة علي الطريق. رابط دائم :