لكل المهرجانات الكبري في العالم وبالذات الثلاثة الكبري منها( كان, فينيسيا. برلين) معايير شديدة الصرامة يجب أن يخضع لها الراغب في تقديم فيلمه من خلالها. لعل من أهم تلك المعايير ألا يتم عرض الفيلم قبل عرضه بالمهرجان, لكن هناك البعض يري أن تلك المعايير قد تغيرت مع تغير مفهوم مكان عرض الفيلم, فمن خلال مقال نشر بجريدة لموند الفرنسية يعرض الناقد جاك ماندلبوم من خلال مقال رصد فيه التغيرات الجديدة التي طرحت علي الساحة من بعد مهرجان كان هذا العام, حيث يري ناقد جريدة اللموند الفرنسية الشهيرة أن مكان عرض الفيلم لم يعد هو صالات العرض فقط. فبعد التطور الحادث في مجال الوسائط المتعددة لم تعد معادلة الفيلم السينمائي التقليدية( كاميرا معمل صالات عرض) هي المعادلة السائدة علي الوسط السينمائي, فاليوم يمكن تحميل أفلام السينما من علي شبكة الانترنت ويمكن مشاهدتها عبر نظام التليفزيون تحت الطلب أو الفيديو تحت الطلب, بل أن هناك الكثيرين يرون أن أسطوانات الفيديو أيا كان نوعها( دي في دي ليزر أزرق) في طريقها للاندثار, فمن بعد تطور وسائط التخزين وارتفاع سعات التخزين لها, أصبح من الممكن أن تذهب لمحلات بيع الأفلام ليتم تحميل الفيلم المراد شراؤه علي وسيط التخزين المتاح لك( سواء عبر هارد ديسك خارجي أو فلاشات يو أس بي عالية السعة) وهو أمر يعتبر دعما لا متناهية لصناعة السينما وعملية التوزيع. فأن تحميل فيلمك داخل المحل بدلا من شرائه منسوخا علي أسطوانة يوفر تكاليف كبيرة تتكبدها الشركات من أجل التوزيع وبالتالي ينخفض سعر النسخة وتزيد مبيعات الفيلم. ولقد أصبح نظام الفيديو تحت الطلب من أروع نظم توزيع الفيلم السينمائي للمشاهدين بالمنازل, فهذا النظام يتيح لك عبر أجهزة السينما المنزلية الموصلة بشبكة الإنترنت أن تقوم بطلب مشاهدة أحد الأفلام الحديثة المعروضة في صالات العرض علي ان تدفع مبلغا من المال يتم تحصيله منك سواء عبر الإنترنت أو عبر فاتورة ترسل إليك شهريا. الجميل في هذا النظام أنه يتم الاعلان عن عرض الفيلم علي كل المشاركين في نظام الفيديو تحت الطلب ومن يرغب في مشاهدة الفيلم في نفس الوقت مع طالب الفيلم الأول يسمح له مع دفع المقابل المادي, ولكن مع كثرة عدد الراغبين في مشاهدة الفيلم في نفس الوقت تنخفض تكاليف مشاهدة الفيلم لتقسيمها علي عدد أكبر من المشاهدين( هناك حد أدني لسعر المشاهدة لا تنخفض بعده الاسعار حتي لو وصل عدد المشاهدين الي مليون مشاهد), كما أن الفيلم المعروض لايمكن نسخه أو نقله للاستخدام مرة أخري. يقول مقال جريدة لموند أن فيلم جان لوك جودار الأخير الذي عرض في مهرجان كان السينمائي والذي كان يحمل عنوان( الاشتراكية) قد حمل علي عدة حلقات عن موقع اليوتيوب قبل بدء المهرجان, بل أن الفيلم قد طرح في نظام الفيديو تحت الطلب من قبل الشركة الموزعة أثناء المهرجان. أي أن الفيلم خالف القواعد بعرضه قبل وأثناء وجوده بمهرجان كان السينمائي, قد لا يعرض الفيلم في صالات العرض ولكن هل عرضه عبر وسائط أخري يعد عرضا للفيلم يمنع عرضه بالمهرجانات؟ كما أن أفلام السينما اليوم ليس من المحتم أن تصور بكاميرات سينما, بل أنها يمكن أن تصور حتي بكاميرات الموبايل, وأن كان من الممكن أن تطبع في النهاية علي شريط سينمائي فهل مازالت تعد فيلما سينمائيا؟؟ بل أن التدخل التكنولوجي المتصاعد في صناعة الأفلام( أفاتار علي سبيل المثال) قد يدفع البعض يوما الي اعتبار أن الفيلم نوعا من أنواع التحريك وليس فيلما سينمائيا. كل تلك أمور طرحت نفسها بقوة علي الساحة عبر مهرجان كان الاخير ومازال هناك الكثير والكثير في عالم السينما سيجعلنا نشاهد تغيرا للمفاهيم والمعايير التي ظلت ثابتة طوال مايزيد علي قرن من الزمان.. عمر هذا الفن الساحر. [email protected]