راح محمد علي يبحث عن اعوانه والقادرين علي الانخراط في مشروعه الحضاري من مختلف الجنسيات والملل ولذلك فقد أسس نظام التعليم الحديث وأرسل البعثات الي اوربا واستعان بالأوربيين والأقباط واتخذ منهم كبار الكتاب والمستشارين والمساعدين. كان المؤتمرالثاني في بداية هذا العام حول التمييز الديني في التعليم وعقد بمقر حزب التجمع الوطني اما المؤتمر الثالث فقد عقد هذا الشهر في مقر حزب الجبهة الديمقراطية. اخيرا حصلت جمعية مصريون ضد التمييز الديني بتاريخ16 مايو2010 علي حكم المحكمة برفض القرار السلبي لوزارة التضامن الاجتماعي برفض اشهارها, وهكذا اصبحت الجمعية حقيقة واقعة بحكم المحكمة واصبح من حقها العمل والوجود والانتشار واقامة الندوات والمؤتمرات والتدريبات واصدار النشرات والمطبوعات والحصول علي الأموال وغير ذلك من انشطة و امكانات, واني لأ عجب كيف يمكن ان تستهتر وزارة التضامن بالدستور الذي ينص في مادته الاولي علي ان الحكم في بلادنا اساسه المواطنة, فترفض اشهار جمعية اساس قيامها حقوق المواطنة وتفعيلها في البلاد, فماهي قصة مصريون ضد التمييز الديني, لنبدأ من حكاية المواطنة في مصر, مع التأكيد علي ان الثقافة ونمط الحياة والانتاج بطبيعته نمط متسامح يقر التعددية ويحترمها ويعلي من شأن العمل والاخلاق والقدرة علي العطاء, الا ان المواطنة لم تبدا في مصر علي أسس سياسية وقانونية إلا مع محمد علي, 1805 1848 فبعد زوال الحكم العثماني التركي المملوكي من مصر مع الحملة الفرنسية سنة1798, انتهت دولة الإمبراطورية التي تتخذ من نظام الملل والطوائف اساسا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا لها. وكان سعي محمد علي لتأسيس دولة عصرية متحضرة وقوية تتمكن من مناوأة الغرب والأتراك احد اهم اسس السعي نحو المواطنة في مصر فلقد راح محمد علي يبحث عن اعوانه والقادرين علي الانخراط في مشروعه الحضاري من مختلف الجنسيات والملل ولذلك فقد أسس نظام التعليم الحديث وأرسل البعثات الي اوربا واستعان بالأوربيين والأقباط واتخذ منهم كبار الكتاب والمستشارين والمساعدين. وتقدمت المواطنة خطوة كبري علي الطريق في عهد الوالي سعيد بن محمد علي 1854 1863 الذي ابطل عهد الذمة وجميع اشكال التمييز القانوني ضد الاقباط وانطلق الأقباط لتأسيس المدارس والجمعيات الاهلية في عهد العديد من البطاركة المصلحين. وقد سعي الخديو اسماعيل لبناء دولة عصرية كاملة تجاوبا مع دعوته لجعل مصر قطعة من اوروبا, فسعي لتأسيس قانون مدني حديث, كما سعي لتشكيل أول مجلس نيابي سنة1866, واول وزارة واول دستور سنة1879, وهو دستور لم يكن يميز المواطنين علي أساس الدين او المعتقد او الطبقة او العرق ومن هنا فقد ضمن اول مجلس نيابي العديد من كبار اعيان الأقباط ولم يتعجب المصريون ان يكون اول رئيس لمجلس النظار المصري مسيحيا هو نوبار باشا . غير ان إصلاحات الخديو اسماعيل لم يقدر لها الاستمرار فتعطلت نتيجة عزل اسماعيل والاحتلال البريطاني1982, ذلك الاحتلال الذي و اجهه المصريون بالتمسك بوحدتهم الوطنية التي اعلن كرومر عن تعجبه منها حين راح يؤكد انه لا يستطيع التمييز بين المسلمين والاقباط في الشارع المصري والطقوس والرموز واللغة وغيرها من مظاهر الحياة مقارنة بالهند التي أتي منها كرومر وشاهد بنفسه كيف يعد اصحاب كل ملة ودين عالما قائما بذاته هناك, المهم انه قد تدعمت مسيرة المواطنة حتي في ظل الاحتلال البريطاني ونشاط الحركة الوطنية التي ساهم فيها المصريون جميعا وظهرت الاحزاب السياسية بالمعني الحديث ولم يجد المصريون غضاضة في تولي بطرس غالي رئاسة الوزراء واصبحت المواطنة والمدنية أساس الحياة كلها في ظل ثورة1919, ودستور1923, وعرفت الحركة السياسية والثقافية والعلمية الحديثة اخراط المصريون جميعا فيها ولم يعد هناك معني للتمييز بين القبطي والمسلم إلا باعتبارها علاقة خاصة بين الانسان وخالقة, واستمرت المواطنة في التعزيز والتدعيم في ظل مناهضة ثورة يوليو للاستعمار والصهيونية وتبني الثرة لخطط تنموية استهدفت رفع العبء عن كاهل الفقراء جميعا علي الرغم من مصادرة ثورة يوليو لفكرة التنوع الثقافي والسياسي لصالح مشروعها السياسي الوحيد وهو ما يعتبره البعض تأسيسا للنكوص عن المواطنة المهم ان مشروع يوليو قد مني بهزيمة فادحة بنكسة يونيو سنة1967, وموت عبد الناصر1970, في ظل غياب اي تصور لمشروع بديل ليبراليا كان او اشتراكيا, وفي ظل رغبة السادات في البحث عن مشروعية خاصة به تختلف عن مشروعية سلفة الكبير, وهو الأمر الذي جعله يمنح الفرصة كاملة للإخوان المسلمين ويفتح باب الاعلام لدعاة الاسلام السياسي ويؤسس للجماعات الاسلامية المتطرفة, مع عودة الآلاف من المعلمين والحرفيين والفنيين من بلاد النفط محملين بثقافة بدوية طقسية متطرفة راحت تشق عصا الوطن وتنفث سمومها في نسيجة التاريخي وتدعو علنا للعداء للأقباط شعبا وعقيدة, وهكذا عرفت بلادنا الوادعة الامنة مصطلح الفتنة والاضرابات الطائفية والتمييز الديني والذي يتراوح بين فتن تؤدي الي وقوع قتلي وبين انعزال هادئ بين المسيحيين والمسلمين, كان هذا هو مادفع تلك الكوكبة من المصريين للتجمع والسعي لتأسيس جمعية مصريون ضد التمييز الديني وهو ما رفضته وزارة التضامن الاجتماعي ومع ذلك فان الجمعية لم توقف نشاطها فبالاضافة الي عشرات المحاضرات والبيانات والانخراط في العديد من الانشطة الاحتجاجية علي التطرف الديني والتمييز او اعتراضا علي تقاعش الدولة عن مواجهة ذلك التمييز نظمت الجمعية ثلاثة مؤتمرات كان اولهم في صيف العام الماضي حول واقع التمييز الديني في مصر وهو المؤتمر الذي وافق مجلس نقابة الصحفيين علي عقده بمقر النقابة لولا بعض الصبية من المتطرفين والمدعومين من الامن والذين عسكروا داخل النقابة لمنع المؤتمر ومنع نقيب الصحافيين من اداء دوره في انقاذ قرارات مجلس النقابة, وكان المؤتمرالثاني في بداية هذا العام حول التمييز الديني في التعليم وعقد بمقر حزب التجمع الوطني اما المؤتمر الثالث فقد عقد هذا الشهر في مقر حزب الجبهة الديمقراطية. والمهمة العاجلة الآن ان تلك الجمعية الوليدة تحتاج الي الدعم والرعاية من كل من يهمهم شان هذا الوطن والجماعة التي تعيش فيه علي اساس الايمان بالمواطنة, والايمان بالديمقراطية كوسيلة وحيدة لادارة الصراع الاجتماعي والسياسي السلمي في المجتمع, علي اساس من الحق المطلق والكامل لجميع المواطنين في المساواة في جميع الحقوق والواجبات. وهناك بلا شك اشكال عديدة للدعم اولها بلا شك العضوية التي ينبغي ان تتسع وتمتد بطول البلاد وعرضها فتلك العضوية الكبيرة ستكون هي الدرع الواقي, للجمعية من تربص المتربصين وما اكثرهم, ومنها مثلا التبرع بالوقت والجهد في انشطة الجمعية واعمالها تلك الانشطة التي تحتاج ان تنتشر ايضا في مختلف انحاء البلاد, والاهم من هذا كله ان الجمعية في حاجة الي الدعم المالي فإذا كانت اعمال الجمعية الفنية والثقافية من الممكن ان يقوم بها مؤمنون متطوعون بلا مقابل, فان هناك مالا يمكن ان يتم بلا مقابل كايجار المقر واجر السكرتير وثمن الماء والكهرباء والتليفون والادوات واعمال التشغيل اليومية, وطبعا من نافلة القول ان مؤسسي الجمعية يرفضون مبدئيا كل اشكال الحصول علي منح اجنبية او دعم مالي من الخارج, وسوف اشيد بوزير التضامن الاجتماعي عندما اعرف انه قد قدم دعمه المالي لجمعية المواطنة تلك وهكذا يصبح امام الذين يحبون هذا الوطن والجماعة التي تعيش فيه ويتمنون له الازدهار والتقدم فرصة ثمينة لدعم هذه الجمعية الرائدة, ولا يمكن ان انتهي قبل ان اقدم التحية لصديقين كبيرين رعيا هذه الجمعية وقدما لها العطاء بلا حدود فاستمرت وقاومت وازدهرت وهما الصديقان محمد منير مجاهد وناجي ارتين. [email protected]