قبل أشهر, أدي سقوط مئذنة مسجد في مدينة فاس المغربية إلي مصرع عشرات المصلين, وتكاد الكارثة تتكرر في القاهرة, وستكون مضاعفة, ليس لازدحام مسجد الاغا شاهين أو مسجد قبة الخلوتي بالمصلين وإنما لأن المئذنة ستكون مثل صاعقة تسقط من جبل المقطم علي البيوت في سفح الجبل, ونشهد سيناريوجديدا لحادث الدويقة.ولعل كثيرين في القاهرة بل في المقطم لا يعرفون هذا المسجد الذي سجل كأثر منذ الخمسينيات, ثم اختفي من خريطة السياحة, والعبادة ايضا,, وبدلا من أن يوضع مثل هذا المسجد الأثري علي قائمة الأماكن ذات القيمة التاريخية, نخشي ان يكون لعنة, ويرتبط بقتل أبرياء... يقول د. فرج فضة رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالمجلس الأعلي للآثار إن هذا المسجد مسجل كأثر تحت رقم212, ولكنه لم يفسر أسباب تحول هذا الأثر إلي أطلال, وهذا الأثر ليس مدفونا في الأرض, ولكن له مئذنة ومعلم لم تلفت انتباه مسئولي الآثار, ولا المسئولين بمحافظة القاهرة للاهتمام به أولا, ثم لتفادي ما يمكن يسببه من مشكلة تحصد أرواح الأبرياء ثانيا.. أما الطرف الثالث في قبة هذا المسجد الأثري فهو وزارة الأوقاف التي تجاهلته حتي أصبح هدفا سهلا للصوص الذين انتزعوا منه أجزاء يصعب تعويضها. المسجد المهجور انمحت ملامح سلمه تماما وترتفع مئذنته شامخة وتبدو فيها التصدعات والشروخ, والمئذنة آخر جزء في المسجد يحفظ له هيبته, وما تبقي من المسجد الذي تسميه بعض المراجع مسجد الوزير شاهين حوالي دور متهدم به آثر الأبواب, والنوافذ فاختفي دوران كاملا منه ويقع المسجد جنوبي قبة عمر بن الفارض بسفح المقطم وقد تمكن اللصوص ايضا من نزع لوحة من الرخام عليها كتابة نصها بسم الله الرحمن أنشأ هذا الجامع وأوقفه العبد الفقير إلي الله تعالي جمال الدين عبدالله نجل العارف بالله شاهين الشيخ الخلوتي افتتح945 ه كما ذكر هذا المسجد في كتاب الخطط التوفيقية لعلي مبارك الذي وصفه بأنه يقع بسفح المقطم ويصعد اليه بمزلقان وبه أربعة أعمدة من الحجر, وقبلته مشغولة بقطع من الرخام الملون والصدف, يكتنفها عمودان من الرخام ومنبر خشبي ودكة قائمة علي عمود من الرخام! وتتمثل ملحقات المسجد في مساكن وخلوات للصوفية, ومقابر منحوتة. وصهريج للماء وبيت خلاء بالإضافة إلي مجموعة من المغارات المنحوتة في الصخر,علي مستوي واحد أو علي مستويات مختلفة من الجبل, وكان يتصل بعضها ببعض! بانفاق ويتم الوصول إليها بدرجات منحوته في الجبل وقد انمحت هذه الدرجات تماما الآن علي عكس المغارات الصغيرة والخلوات مازالت علي حالتها وكان المسجد يزدحم بزواره الذين كثيرا ما اختلوا بأنفسهم في هذه المغارات والخلوات للانقطاع للعبادة. في جولتنا بالمكان قال لنا عامل تربي مسئول عن المدافن الملاصقة لمسجد عمر بن الفارض إن مسجد الأغاشاهين يتعرض للتنقيب والسرقة منذ سنوات ولا يهتم به أحد من المسئولين واذا اعترضنا المتسللين إلي المسجد ليلا عن طريق جبل المقطم أرهبونا بأسلحتهم علما بأن بعضهم يحمل خرائط لكنوز يعتقد أنها للأغاشاهين, الذي كان حاكما متسلطا لا يعرف الرحمة وظلم وسجن الكثيرين في عهده, ثم هداه الله آخر عمره, فأمر ببناء مسجده هذا وتوفي قبل انشائه, ثم استكمله ابنه كما هو مدون باللوحة المنقوشة داخله. ويؤكد الحاج محمد وهو من المعمرين بالمنطقة انه تعرف علي سائح الماني يتحدث العربية منذ25 عاما جاء يبحث عن الأغاشاهين وكان معه خرائطه كثيرة وصور لتاج ذهبي رائع كان يزين المئذنة وإطار من الذهب الخالص, تملؤه الزخارف النباتية يحيط بالنوافذ والبواكي بجوانب المسجد, وقد استولي اللصوص علي كل ذلك ومازالوا يأتون بحثا عن المزيد وزائر المكان يلاحظ وجود أثر لقبة مسجد أو مدفنا اندثرت جدرانه وسط المقابر. وما تبقي منه تحفة معمارية منحوت عليها الآيات القرآنية بخط الثلث. ويؤكد أهالي المنطقة انها بقايا لمسجد مهجور مدفون به أخوة يوسف عليه السلام. ويأتيه سائحون علي فترات, ولكن قليل من يعرفون مكان مسجد أخوة يوسف لعدم وجود أي بيانات إرشادية تدل عليه ويؤكد انه ايضا تعرض للنهب شأنه شأن الأغا شاهين أيضا يسمي اللؤلؤة. اللواء عاطف عويضة رئيس حي الخليفة قال لالأهرام المسائي بأن مسجد الأغاشاهين حده الجغرافي لا يقع في حدود منطقة الخليفة ولكنه يتبع منطقة المقطم, مؤكدا أن الضرر الذي سيحدث سيصيب سكان حي الخليفة ايضا وأنه قام بالاتصال بالادارة الهندسية للقيام بالمعاينة والإحاطة بكل الأمور المتعلقة بالمسجد وهل يتبع كمصلي الأوقاف وما مدي مسئوليتة الآثار عنه خوفا علي أروح المواطنين أما الدكتور فرج فضة فقال للأهرام المسائي انه أعد مذكرة وتقرير عن الآثار الموجودة بالمنطقة, لمعرفة مما يستحق الترميم وإدخالها ضمن خطة الترميم في لأقرب وقت ممكن. مسجد ابن الفارض يشكو ايضا وإذا كان أهالي منطقة الأباجية ورواد مسجدعمر بن الفارض الساكنين تحت سفح جبل المقطم يخشون سقوط مسجد الأغاشاهين, فإن مسجد ابن الفارض يحتاج إلي اهتمام يليق بصاحبه الملقب بسلطان العاشقين. حيث يؤمه السياح من جميع الدول كل عام احتفاء بمولده باعتباره رمزا للحب الإلهي والتجليات الصوفية, ولكننا لم تستثمر هذا الحضور في الجذب السياحي وقد توفي ابن الفارض في سنة632 هجرية1235 ميلادية ودفن بالمقطم وبعد أكثر من قرنين من الزمان وفي سنة865 ه-1460 م أقام الأمير برقوق الناصري الظاهري قبة صغيرة علي قبرة, وبنيت القبة وهي مفتوحة وسطحها محلي بالنقوش وتتميز بالمقرنصات في الأركان الأربعة ومع القبة كان المسجد الذي جدده بعد ذلك بثلاثة قرون تقريبا في سنة1173 ه 1759 م أمير اللواء السلطاني علي بك قازدغلي أمير الحج, وبقايا هذا المسجد تضم عمودين حجرتين ومحرابا حجريا,ودكة للمبلغ, وبقايا منبر, وعلي جزء من أرض هذا المسجد القديم أنشأت المسجد الحالي الأميرة جميلة هانم ابنة الخديو اسماعيل في سنة1307 ه1889 موجعلته مسجدا مستطيلا يحمل أسقفه أربعه أعمدة حجرية, وله محراب, ومنبر يتميزان بالبساطة والحقت به بحديقة صغيرة! ولكن هذا الأثر الآن متهالك ويسكنه بعض الفقراء يحافظون علي جزء من الحديقة والباب الأثري النادر الذي لا يقدر بثمن بالرغم من خلع جميع النحاس الأحمر المحلي زخارفة النباتية مما جعل الفوارغ أماكن الحشو شاهدة علي إهمال المجلس الأعلي للآثار ووزارة الأوقاف لهذا الأثر.