قبل أيام وصلت السفينة الايرلندية راشيل كوري( احدي سفن قافلة الحرية) إلي ميناء اشدود الاسرائيلي دون اعتداءات عنيفة من قبل الجيش الاسرائيلي كما أصاب سابقاتها من سفن القافلة التي حملت الناشطين الاتراك. خلال تلك الاعتداءات استندت اسرائيل إلي صورة ذهنية سلبية سائدة حول العرب والمسلمين لتبرر اعتدائها علي سفن القافلة الحاملة لنشطاء سلام من دول عربية وإسلامية مختلفة, لثقتها بان الصورة السائدة حول المسلمين في الغرب كارهابيين ومثيري شغب كفيلة بتبرير اعتداءاتها وتمريرها دون عقاب رسمي او شعبي دولي يذكر, الا ان هذه الصورة التي اعتمدت عليها اسرائيل انقلبت عليها في غضب شعبي دولي تمثل في مظاهرات عديدة شارك فيه الغربيون جنبا إلي جنب مع العرب والمسلمين في العواصمالغربية الكبري ضد الهجمات الاسرائيلية التي ارتفعت اللافتات في لندن ونيويورك لتصفها بالبربرية والارهابية. هذه الصورة تحديدا هي ما يتناوله الكاتب والباحث السياسي د. سعيد اللاوندي في كتابه الصادر حديثا عن دار نهضة مصر بعنوان الاسلاموفوبيا.. لماذا يخاف الغرب من الإسلام؟! يزدحم الكتاب عبر فصوله السبعة برصد للوقائع التي تشهد بصحة رؤية الكاتب بوجود خوف يلمح الكاتب إلي كونه غير مبرر تولد لدي الغرب تجاه العرب والمسلمين نتاجا للالة الإعلامية الاسرائيلية, التي تتعاون مع اليمين المحافظ في أوروبا والولايات المتحدة من وجهة نظر الكاتب لتشويه صورة العرب والمسلمين وتعسير حياتهم في الدول الغربية. يعيد الكتاب عبر فصوله المختلفة انتاج مقولات سائدة حول الإعلام الصهيوني واليميني الغربي الذي يسهم في تشويه صورة العرب والمسلمين دون ان يعيد اسباب هذا التوجه إلي جذورها التاريخية التي تعود إلي ما قبل عصر النهضة في أوروبا حيث بدأ تشكيل الصورة الذهنية الشهوانية المخربة السائدة عن العرب والمسلمين في الكتابات الاوروبية المبكرة في بدايات عصر النهضة وابرزها حكايات كانتربري للبريطاني جيفري تشوسر في القرن الرابع عشر, وتلاها الكوميديا الالهية لدانتي وسواها من الكتابات التي نقلت تراثا موروثا من الكراهية للمسلمين عقب الغزوات والفتوحات الإسلامية التي طالت اوروبا واسقاط الدولة الرومانية, خاصة مع تطبيق سياسات السبي واتخاذ الجوار والاقنان من السبايا مما أسهم بقوة في هذه الصورة الشهوانية الموروثة. إلا أن الكتاب رغم ذلك يرصد العديد من الوقائع التي تشهد بالكراهية الاوروبية والامريكية للمسلمين والعرب والخوف منهم كما ينعكس عبر الواقع الذي يحياه المهاجرون العرب من تمييز في الدول الاوروبية والولايات المتحدةالامريكية. وينقل الكتاب كذلك وقائع تركز عليها وتستغلها الالة الإعلامية الغربية لتأكيد تلك الصورة الذهنية السلبية المنطبعة حول العرب والمسلمين والتي أدت إلي تشكيل واتساع ظاهرة الاسلاموفوبيا او الخوف المرضي من الإسلام إلا أنه رغم رصده لهذه الوقائع التي قام بها عرب ومسلمون واكتفي الإعلام الغربي بنقلها وتضخيمها يري الكاتب ان الخوف الغربي من المسلمين خوف غير مبرر, وان كان يرصد ببراعة ازدواج المعايير الذي يتعرض له نقد الإسلام والسخرية من رموزه واتباعه وقابل التجريم التام لاي محاولة للمساس بدولة اسرائيل أو الاساطير المؤسسة لها, في اشارة للكاتب الذي تعرض بسببه الكاتب الفرنسي روجيه جارودي للمحاكمة. ولا ينفي الكاتب مسئولية المسلمين انفسهم عن هذه الصورة الذهنية المنطبعة عنهم وان لم يعز ذلك إلي ممارستهم وخطابهم الذي يتم تصديره محملا بالعدوانية والكراهية والتي تقوم مؤسسات كبري في الغرب علي رصده وتسجيله مثل مؤسسة ميمري ذات التوجهات الداعمة لاسرائيل والتي تقوم برصد كل مايذكر في الفضائيات العربية داعيا إلي الكراهية ضد اتباع الديانات الأخري( وهوماتقدم له القنوات السلفية ذخيرة هائلة بشكل يومي). ويضم الفصل الأخير من الكتاب تحت عنوان حوارات واعترافات مجموعة من الحوارات التي اجراها مع عدد من المفكرين المهتمين بقضية حوار الحضارات ومن بينهم الكاتب الفرنسي روجيه جارودي والمفكر والباحث المغربي محمد اركون والكاتب الراحل لطفي الخولي والباحث المغربي د. علال سيناصر.