قوة العمل هي من عوامل الإنتاج التي لاغني عنها في أي مجتمع لإتمام العملية الإنتاجية لتحقيق الناتج القومي فإنها أيضا تمثل قوة الاستهلاك الأساسية التي تستخدم الدخل المتولد من الإنتاج في شراء مايتم إنتاجه من سلع وخدمات.. وهناك دول كثيرة تعتمد علي العمالة الأجنبية كمصدر لقوة العمل المنتجة مثل دول الخليج العربي وذلك بسبب الندرة النسبية للعمالة الوطنية وهي عندئذ لاتمثل مشكلة اقتصادية. ولكن المشكلة الاقتصادية تظهر عندما تكون هناك وفرة نسبية في قوة العمل الوطنية أو ارتفاع معدل البطالة بين الأفراد الذين هم في سن العمل ويقدرون عليه ويواجه هؤلاء منافسة شديدة من العمالة الأجنبية كما هو الحال في سوق العمل المصري. فقوة العمل المصرية قوة كبيرة نسبيا تبلغ نحو27 مليون فرد بجانب بطالة تصل إلي3.3 مليون مواطن من شباب مصر. وتواجه قوة العمل المصرية والعاطلين منافسة شديدة من العمالة الأجنبية خاصة تلك الوافدة من الدول الآسيوية خاصة في مجال السياحة حيث يقبل هؤلاء الوافدون معدل أجر أقل ويتمتعون بمعدل إنتاجية أكبر مما يجعل رجال الأعمال والمستثمرين يفضلون تلك العمالة الوافدة علي حساب العمالة المحلية. فنحن نطالب بزيادة الاستثمار ونقدم كافة التسهيلات الممكنة للمستثمرين من أجل زيادة الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة للشباب. ولكن في هذه المرحلة تقل فعالية الاستثمار في امتصاص البطالة المحلية بسبب تفضيل العمالة الأجنبية. وبالنظرة المتعمقة لهذه المشكلة نجد أن المشكلة الأساسية ليست في المنافسة المتولدة من العمالة الأجنبية الوافدة بل أن المشكلة الكبري تنبع من نظام التعليم والتدريب لقوة العمل المحلية.. فالعملية التعليمية تنتج أفرادا بتخصصات ومهارات لاتناسب احتياجات سوق العمل سواء من حيث المعارف العلمية أو من حيث المهارات العملية ومن هنا تنشأ الندرة النسبية في التخصصات والمهارات المطلوبة والوفرة النسبية في التخصصات والمهارات غير المطلوبة لذلك كان جانب كبير من مشكلة البطالة يرجع إلي نظام التعليم والتدريب المعمول به حاليا. لذلك فإنه من الضروري لمواجهة مشكلة البطالة وزيادة فعالية الاستثمارات في خلق فرص عمل مناسبة للشباب يجب إعادة النظر في نظام التعليم والتدريب ويجب وضع إستراتيجية متكاملة للعملية التعليمية تكفل إنتاج أفراد مؤهلين من الناحية المعرفية والعملية لاحتياجات سوق العمل. ويجب أن تشمل هذه الإستراتيجية قطاع التدريب بحيث يجب التوسع في إنشاء مراكز التدريب لإعداد الخريجين بالمهارات اللازمة لاحتياجات سوق العمل. ذلك مع التركيز علي إقامة الصناعات كثيفة الاستخدام لعنصر العمل وتوزيع هذه الصناعات جغرافيا علي المناطق التي تعاني من ارتفاع نسبة البطالة بها.. كما يجب أيضا وضع التشريعات الكفيلة بتشجيع أصحاب الأعمال علي الاستعانة بالعمالة المحلية مثل إلزام مؤسسات الأعمال بتوظيف نسبة معينة سنويا من العمالة المحلية وإعطاء هذه المؤسسات مزايا ضريبية مقابل امتصاص قدر من العاملين. إن هذه المنظومة المتكاملة من التعليم والتدريب والجوانب التشريعية تستطيع التغلب علي الخلل الكائن في سوق العمل المصري وامتصاص قدر مناسب من البطالة والقضاء علي مايعرف بظاهرة الهجرة غير الشرعية التي يقدم عليها الشباب هربا من قلة فرص العمل المحلية وبحثا عن فرص عمل أفضل في دول أخري. رابط دائم :