معدلات البطالة في مصر في حالة تصاعد مستمر, هل لقلة فرص العمل؟ إن هناك كثيرا من الفرص لكن ليس هناك مايناسبها من مهارات وكفاءات لدي الخريجين, ولكن هل تؤثر العمالة الاجنبية علي فرص العمل للخريجين, وتزيد من نسبة البطالة؟ في الحقيقة فإنها لاتؤثر علي الوظائف الحكومية لأنها مقصورة علي المصريين, وهكذا يجمع الخبراء علي أن الحل الوحيد لمواجهة البطالة هو توجيه مزيد من الاهتمام للمشروعات الصغيرة والتدريب العملي. في البداية يوضح الدكتور محمد يوسف رئيس جامعة بني سويف وأستاذ الاقتصاد أنه ترتفع معدلات البطالة وفقا للمؤشرات المحلية المعلنة من الجهات الرسمية خلال الستة أشهر الأخيرة بمعدل يبلغ0,8%, وعمليا فان كثيرا من مؤشرات البطالة غير واضحة المعالم بشكل جيد, بمعني أن بعض الحاصلين علي الوظائف المؤقتة يصنفون علي أنهم من البطالة برغم أن هناك عملا مؤقتا ولهذا فإننا نجد أن المؤشرات غير دقيقة ولكنها تشير إلي أن معدل البطالة في مصر وصل إلي9,9% بعد الزيادة الاخيرة. وتنقسم مهارات الافراد الي ثلاث فئات: الأولي حرفية ودبلومات مهنية وفنية يكون الطلب عليها مرتفعا عادة, ونادرا مانجد هناك بطالة في هذه الفئة في المهارات الحرفية المختلفة. والفئة الثانية: هم خريجو الجامعات والمعاهد الاكاديمية أو العلمية ويتسم أغلبهم بأنه ليس لديهم مهارات متميزة في اللغة أو الحاسب الآلي أو المهارات الشخصية, وهم يمثلون شريحة كبيرة أكثر من70% تقريبا من المتاح من الخريجين.. فهذه الشريحة فيها حجم البطالة مرتفع. أما الفئة الثالثة فهي فئة خريجي الجامعات الذين يتميزون بمهارات شخصية وعلمية ومقسمة تتطلبها سوق العمل خاصة محور اللغات والحاسب الآلي والمهارات الخاصة بالذكاء الاجتماعي, وهي عادة تكون نسبة البطالة بها قليلة وتكاد تكون منعدمة لأن السوق متعطشة لمثل هذه النوعية من الكفاءات, ومن هنا يتضح أن مشكلة البطالة مركزة في الفئة الوسطي, ولكي ندفع من هذه المشكلة علينا أن نعمل عملية تدريب تحويلي لبعض هذه الفئة, ولكنها لم تلق نجاحا إلا مع الشخصيات التي لديها استعداد للاستفادة من هذا التدريب التحويلي, اما بالنسبة لمن لديهم درجة علمية أو أكاديمية وليس مهارات تتفق مع مهارات السوق فهم لايقبلون التدريب التحويلي. وهناك محاولات تتم في إطار المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر, وهذه في الأصل تحتاج طبيعة العمل بها إلي مهارات شخصية كبيرة وعالية, لذا يجب ألا يقوم بها شخص منفرد بل فريق عمل لكل مشروع, وهناك شركات كبيرة تقود عملية التصنيع ويرعي هذه المشروعات شخص يعلمهم كيفية تنفيذ مشروع صغير بجودة مقبولة من صناعة ضخمة مثل الغزل والنسيج والبترول والأدوية وكيفية تدريبهم علي مشروعات صغيرة لإنتاج منتجات بجودة مقبولة أو جيدة تدخل ضمن منظومة العمل في الصناعات الكبيرة. البطالة هيكلية الدكتورة يمن الحماقي رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس وعضو مجلس الشوري ومقرر البرنامج الوطني لتدريب الشباب للتشغيل تشير الي أن نسبة البطالة ارتفعت مع الأزمة المالية العالمية من8,9% إلي10% تقريبا, والمشكلة تكمن في تركيبة القوي العاملة في مصر, فما يقرب من نصف العاملين أميون أو بالكاد يقرأون ويكتبون, بمعني أن العمالة غير الماهرة تشكل نسبة مرتفعة من هيكل العمالة في مصر وهذا يتطلب إعطاء أهمية وأولوية قصوي للتعليم والتدريب, كما أن البطالة في مصر تعتبر بطالة هيكلية, وكثير من الشركات والمؤسسات تحتاج إلي خريجين يشغلون فرص عمل لديها ولا تجد من يتميزون بمهارات لشغل هذه الأماكن, فنقص المهارات يأتي من أن نظام التعليم والتدريب نتيجة أن مستوي التعليم ضعيف جدا, و هذا ينعكس علي أن الخريجين مستواهم ضعيف, فضلا عن أن لدينا في كل دول العالم المتقدم طبقة منظمين لديها أشخاص عندهم القدرة علي عمل مشروعات صغيرة ولديهم روح المبادرة والابتكار, والدولة تمنح الكثير من الخدمات المالية وغير المالية في تعاونها أيضا مع المجتمع المدني تشجعهم علي التوظف الذاتي. وقد صرح الرئيس الأمريكي أوباما مؤخرا تصريحا في غاية الأهمية بأن المشروعات الصغيرة في الولاياتالمتحدة تؤدي دورا مهما في التنمية, وهي الوسيلة الأساسية لحياة أفضل, فهناك مجال لمن لديه الفكر والقدرة علي الابتكار أن يستفيد من ذلك في المشروعات الصغيرة, ليتحول الفكر إلي مصدر للدخل ليبدأ صغيرا ثم ينتقل تدريجيا إلي مصاف الاغنياء, وهو مايواجه مشكلة كبيرة لدينا في مصر, فالدول النامية تعاني من عدم القدرة علي نقل الأفكار إلي مشروعات اقتصادية تدر دخلا علي أصحابها, وتضيف د. يمن الحماقي أنه أثبتت الدراسات أن أعلي نسبة بطالة من خريجي الجامعة هي بين خريجي كليات التجارة, نظرا لعددهم الكبير خاصة في الجامعات الحكومية لأن مهاراتهم منخفضة, ومستوي دخولهم متواضع, فهناك علاقة بين الفقر وتدني المهارات, لأن تنمية المهارات يحتاج إلي قدر من المال للإنفاق علي التعلم من خلال دورات اللغات والكمبيوتر, وما إلي ذلك, وكذلك يعاني خريج التعليم الفني من البطالة خاصة التعليم التجاري, وبالتحديد الفتيات حيث يعاني50% منهن من البطالة, والوسيلة الوحيدة التي نجحت في التغلب علي هذه المشكلة لمن لديه الإرادة وروح المثابرة والفكر الجيد هي أن تجد اليد التي تمتد اليها بالمساعدة, حيث تجد التمويل أو أي نوع من الخدمات غير المالية في المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر. فرص.. وجهود تتابع الدكتورة يمن: إننا من خلال وحدة التنمية البشرية من وقت إنشائها منذ15 عاما نهدف لتوفير فرص عمل للطلبة, فعندما نجد أفكارا جيدة نقوم بعمل دراسة جدوي لها مجانا ونرسلها للجهات التي يمكن أن تسهل لهم إجراءات مشروعاتهم وتذلل الصعوبات, ونأتي لهم بالموافقات من الجهات المعنية حتي يتمكنوا من تنفيذ مشروعاتهم, وهناك تعاون مع كل آمانات الحزب الوطني لمن يريد أن يعمل, ونساعد شباب الحزب لمن يريد عمل مشروع صغير أو وظيفة نقوم بتدريبهم وإعانتهم ونبحث طلبات التشغيل المطروحة من رجال الأعمال بالحزب لنضع أمامهم هؤلاء الشباب لتشغيلهم. وهناك جهود كثيرة تحتاج الي مزيد من التنسيق وان كانت نسبة المستفيدين قد زادت عن ذي قبل, لكن من الممكن أن تتضاعف إذا ما تم توسيع قاعدة المستثمرين, وتزويد الطاقات الانتاجية فاذا علمنا أن حجم الناتج القومي800 مليار جنيه أي1600 دولار وهو مايعادل تقريبا ميزانية لأحد البنوك أو الشركات فإن هذا لايتناسب مع موارد بلادنا, فالمفروض أن الناتج يزيد أضعافا مضاعفة, فقد حل القطاع الخاص محل العام لكن ليس كما ينبغي. ولابد أن يكون لدعم المشروعات الصغيرة الأولوية في السياسات الاقتصادية ونزولها إلي أرض الواقع وتتكاتف الجهود لمساندتها وهناك من يبذل كثيرا من الجهود, ولكن قد يكون بها نوع من الازدواجية والتكرار فجهات كثيرة تقوم بنفس المهام في نفس الوقت مما يستلزم مزيدا من التنسيق حتي تتكاتف مع بعضها وتؤدي الي توفير الجهود والمال وإعطاء الخدمة لأكبر قدر من المواطنين, كما يجب أن يكون للبنوك دور مهم في هذا الصدد, مع ضرورة العمل علي تقديم الخدمة لأكبر نسبة من المواطنين لاعطائهم الفرصة لإيجاد مصدر دخل يوفر احتياجاتهم الأساسية ثم بالتدريج نساعدهم علي تطوير أنفسهم لرفع مستوي الدخل.