قبل يومين فقط كان الاجتماع الاول للهيئة العليا لحزب الشعب الجمهوري في تشكيلها الجديد بزعامة العصامي كمال كليتش دار أوغلو, ولأنه أكبر الاحزاب المعارضة في الأناضول, فقد سارع المئات إلي المقر المركزي بالعاصمة, في احتفالية حاشدة طغي عليها اللون الحمر حيث العلم الوطني, وفي نفس الوقت كونه يشكل أرضية شعار الحزب وقد انطلقت منها سهام ستة هي مبادئ الجمهورية التركية ووسط صيحات الفرحة وعشرات اللافتات المؤيدة للتشكيلة الجديدة طالبت الجماهير الغفيرة وهي تحيط بالرموز الصاعدة بأن يأخذ العهد الجديد علي عاتقه النهوض بالحزب العتيد الذي أسسه مصطفي كمال أتاتورك قبل سبعة وثمانين عاما وأن ينتقل من صفوف المعارضة إلي الحكم في الباشباكلنك في قلب أنقرة حيث الحكومة وإدارة مقاليد العباد والبلاد. ويالها من مصادفة فبالتزامن نشر أمس استطلاع للرأي أعده مركز' سونر' للابحاث الاستراتيجية والاجتماعية وشمل عينة ضمت آراء3 آلاف مواطن يمثلون16 محافظة في مقدمتها انقرةواسطنبول وازمير واضنة وانطاليا وغازي عنتب وقيصري ومرسين واوردو ودياربكر وكونيا واسكي شهير بالاضافة إلي33 قرية مختلفة بأركان هضبة الأناضول, وفيه اكد نحو32,48% من العينة العشوائية علي أنهم سيعطون أصواتهم لحزب الشعب الجمهوري في الانتخابات إذا جرت الآن وتلك سابقة هي الأولي من نوعها في مسيرته التي عانت إخفاقات عديدة طوال العقدين الماضيين في حين جاء العدالة والتنمية الحاكم والذي تولي السلطة اعتبارا من نوفمبر ذلك العام بالمرتبة الثانية في مفاجأة من العيار الثقيل صحيح أن تراجعه مقارنة بالمركز الأول كان طفيفا إذ حصل علي بنسبة31,09% إلا أن هذا مؤشر ودلالة علي ثمة واقع مغاير ليس هو الذي احتضن العدالة منذ ثماني سنوات وفي سياق التقدم حقق حزب الحركة القومية اليميني خطوة إلي الأمام محتلا في الاستطلاع الترتيب الثالث بنسبة18,59% وهو ما يعني أنه لو استمرت تلك المعدلات فالحكومة القادمة قد تكون ائتلافية تضم الشعب يسار الوسط واليمين القومي وهو أمر سبق حدوثه في الحكومة الائتلافية التي رأسها الراحل بولنت إجيفيت(1999 2002) ومن ثم لن يكون بدعة لو تكرر. كمال كليتش الملقب ب' غاندي' تركيا نصير الفقراء وسكان الاكواخ اعلن في مستهل مشواره نحو رئاسة الحزب, ابان مؤتمره الطارئ والذي عقد يومي22 و23 مايو الحالي, خلفا لدنيز بيكال الذي قدم استقالته إثر فضيحة شريط جنسي ضمه مع مديرة مكتبه, أنه سيركز علي إيجاد فرص عمل حقيقية لملايين العاطلين عن العمل في عموم البلاد, والدفاع عن حقوق الموظفين والعمال والفلاحين ومختلف طبقات المجتمع الذين اضطهدوا بعهد الحكومة الحالية ومكافحة الفساد الاداري و النزول للشارع والمزارع. نخلص من ذلك لنقول ان القيادة التي تولت الشعب الجمهوري تسير مع قطاعات الاجتماعية المختلفة جنبا إلي جنب وفي اتجاه واحد, عزز من ذلك أن كليتش في خطبه وتصريحاته ابتعد عن طرح القضايا الايديولجية كالعلمانية والحفاظ علي مبادئ الكمالية أو منع الحجاب في المؤسسات الحكومية والجامعات, متجها مباشرة إلي معضلات الحياة اليومية والمشقة التي يتكبدها الالاف لتوفير الحد الأدني من المعيشة. ان هناك رياحا تهب الان في انحاء الأناضول شمالا وجنوبا شرقا وغربا وحتي هؤلاء رموز الشعب الجمهوري الذين اثروا الابتعاد لاعتراضهم علي سياسات الزعيم السابق فقد عادوا جميعا لينضموا تحت لواء كليتش البسيط المتواضع زعيم الشعب الجمهوري الجديد في سطور ولد كلجدار اوغلو في بلدة نظامية التابعة لمحافظة تونجلي عام1948 تخرج في اكاديمية العلوم الاقتصادية والتجارية' جامعة غازي الان' عام1971 بدأ حياته الوظيفية بوزارة المالية خبيرا بالحسابات حتي عام1983 غادر الي فرنسا للحصول علي خبرة عالية بالحسابات تولي رئاسة ادارة الواردات والضرائب ومنصب المدير العام لمؤسسة الضمان الاجتماعي عام1991 ومساعد وكيل وزارة العمل والضمان الاجتماعي عام1994 نائبا بالبرلمان عن مدينة اسطنبول يجيد اللغة الفرنسية وله مقالات عديدة وثلاثة مؤلفات عن الحسابات والضمان الاجتماعي واعد العديد من ملفات الفساد والرشاوي في مجلس البرلمان ضد نخبة من نواب حزب العدالة وهو ما افضي إلي استقالة نائبان منه.