يخطئ من يتصور أن المواجهة الأمنية مع إرهاب الإخوان وحدها تكفي لاقتلاع جذور الفتنة, واجتثاث التطرف الذي أصبح يهدد البلاد وينذر بجر المجتمع إلي هوة العنف والإرهاب, ويتمادي في خطئه من يتجاهل المواجهة الثقافية التي تقارع هذا الفكر المتطرف لدي قطاعات واسعة من الشباب خصوصا في الجامعات والذين وجدت فيهم جماعة الإخوان فرصتها لنشر هذا الفكر, وبث سمومها, في عقول الشباب, ومن ثم فإن التحدي الأكبر أمام الدولة هو ملاحقة هذا الفكر في المدارس والجامعات من خلال مراجعة شاملة للمناهج التي يتم تدريسها للطلاب, بل إدخال مواد تشرح صحيح الدين, وتفضح الأفكار المتطرفة التي اعتمدت عليها جماعة الإخوان في تسويق أفكارها, وترويج تطرفها, ونجحت في خطف عقول الشباب والسيطرة عليهم للدرجة التي جعلتهم مغيبين عن الحقيقة. وهنا أشير إلي دراسة مهمة للدكتور عمار علي حسن الخبير في شئون الإسلام السياسي, والتي كشف فيها أن غالبية أعضاء الجماعة من خريجي الطب والهندسة, وأن هذا النوع من التعليم العملي من السهل السيطرة علية ذهنيا لاعتماده علي علوم رياضية وعلمية لا توفر له فرص الاطلاع الثقافي, ومن ثم فإن هذا الخواء العقلي يجعل من صاحبة فريسة سهلة للوقوع في أسر الفكر المتطرف ومن هنا لا بد من مواجهة هذه الظاهرة في الكليات العملية, عبر إدخال مناهج تعليمية يتم تدريسها للطلاب توضح حقيقة الدين الإسلامي, والأخطاء الفادحة التي وقعت فيها الجماعة وتبنيها لأفكار تخدم مصالحها, وليست من الدين في شيء. وربما يكون هذا السلاح الأكثر فعالية علي المستوي البعيد في التصدي لهذه الجماعات التي اتخذت من الدين ستارا لبث سمومها, وترويج أفكارها, ولعل المراقب لأنشطة هذه الجماعات عبر تاريخها سوف يكتشف أنها تعتمد علي شريحة الشباب في المدارس والجامعات, وقد نجح وزير الشباب الإخواني السابق أسامة ياسين في تجنيد آلاف الشباب خلال فترة عمله بالوزارة مستغلا الظروف الاقتصادية والاجتماعية في استقطاب الشباب في معسكرات ورحلات برسوم رمزية, ثم يخضع هؤلاء لبرامج تثقيفية يتم من خلالها بث الأفكار المتطرفة والمضللة التي تريد الجماعة غرسها في نفوس الشباب لإقناعهم بمشروع الإخوان الذي يسعون إليه للسيطرة والتمكين. إذن إنها حرب طويلة ضد جماعة إرهابية لديها مخطط تآمري للسيطرة علي البلاد ضمن مشروع أكبر يخدم أطرافا أجنبية, ومن ثم فإن المواجهة الحقيقية تبدأ بتطهير العقول.