في ختام اجتماعاته في القاهرة، أصدر المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب تقريرا جديدا عن حال الحريات في الوطن العربي ، لا يختلف عن تقاريره السابقة في هذا الشأن، من حيث أنه مثير للقلق . و يتفق التقرير الجديد مع ما سبقه في أن العمومية الشديدة تغلب عليه، فلا نجد ذكرا لاسم دولة عربية واحدة متهمة بانتهاك الحريات، مع كثرة الأمثلة الواردة في التقرير لتأكيد تلك التهمة. تتصدر التقرير ديباجة إنشائية حول "الأهمية البالغة لرصد الحريات في وطننا العربي" ، و" وجوب الدفاع عن حقوق الأدباء في التعبير والكتابة دون قيد أو شرط"، ثم يكون الانتقال بعد ذلك إلى "الشجب والإدانة"، أمرا طبيعيا، لكنه ليس كذلك، بما أنه لا يشجب ويدين انتهاك حريات الكتاب، وانما يشجب ويدين "التدخلات الأجنبية في شؤون الوطن العربي" . و بحسب نص التقرير، فإن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب يطمح في أن يكون مرجعا ذا مصداقية، عبر مكاتبه الراصدة لحال الحريات في أقطارنا العربية، ليعكس ما يدور فيها، وما ينبغي أن يتاح لحملة الأقلام من مناخ جيد يمارسون فيه حقهم الطبيعي في الإبداع والتعبير دون قيد، إلا ما توجبه مواثيق الحقوق التي أقرها المجتمع الدولي. و يضيف التقرير: "في هذا المجال.. فقد رصد الاتحاد العام بعض الخطوات الإيجابية في عدد من الأقطار العربية مثل: صدور بعض الأحكام القضائية المتعلقة بوقف تنفيذ قرارات منع وتوزيع الصحف في بعض البلدان العربية، ورفع الرقابة القبلية على الصحف، والاحتكام إلى قانون الصحافة والمطبوعات، وأحكام القانون العام، وصدور بعض الأحكام المساندة لمن يتعرضون لرقابة السلطة الدينية ، وإلغاء قرارات رفض نشر بعض الكتب وتوزيعها ". وأشار التقرير إلى أن "المكتب الدائم للاتحاد العام إذ يثمن التقارير الصادرة عن الاتحاد العام في اجتماعاته السابقة، فإنه بمراجعته لها، يرى أنه لا تزال هناك الكثير من السلبيات، والانتهاكات التي تعرقل مسيرة كتابنا في الوطن العربي ونذكر منها: قمع المتظاهرين السلميين المطالبين بحقوقهم المشروعة والعادلة في أكثر من بلد عربي، بالاستخدام المفرط للغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، مما أدى إلى استشهاد وإصابة الآلاف من المدنيين العزل، والقبض على بعض الناشرين واعتقالهم، والتحفظ على بعض الكتب المنشورة، ومنع بعض الندوات الثقافية، بما يعد اعتداء على حرية إقامة الندوات، والرقابة المشددة على قوائم الكتب المقدمة في بعض معارض الكتاب بالبلدان العربية، ومنع بعض العناوين من العرض والبيع. و يرصد التقرير كذلك حجب أكثر من صحيفة أو إلغاءها، ووسيلة إعلام وقنوات فضائية، في العديد من الدول العربية، ومراقبة شبكة الانترنت، وملاحقة وحبس بعض المدونين، بل إيقاف المدونات كلية في بعض البلدان، وحظر ومصادرة عدد من الكتب، والمؤلفات لكتابنا العرب، وممارسة الرقابة على وسائل التعبير المختلفة، على الرغم من رفع الرقابة المسبقة على بعض الصحف، إلا أن بعضها تعرض للإيقاف بقرارات من السلطة التنفيذية، ومصادرة حرية التظاهر والاجتماع، وجميع الأشكال السلمية للتعبير عن الرأي في كثير من الدول العربية، بل وقمعها بالقوة المسلحة، كما هو حادث الآن في عدد من أقطارنا العربية للأسف، ومنع بعض الكتاب والصحفيين من الكتابة في الصحف والدوريات. ولاحظ التقرير كذلك أن الرقابة الدينية على الفكر والإبداع مازالت تمثل عائقا لحرية التعبير، بما تصدره بعض الجهات الدينية من توصيات بمصادرة بعض الكتب، وبعض الفتاوى الظالمة لكثير من الأحداث، كما لاحظ منع بعض الكتاب من ممارسة حقهم الطبيعي في السفر تحت دعاوى مختلفة. وكما بدأ التقرير بالإنشاء، فإنه عاد إليها في خاتمته :"الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، إذ يرفع هذا التقرير إلى مثقفي أمته، ويستشعر القيمة البالغة للحرية في حياة الإنسان ، والقيمة البالغة لحرية التعبير والكتابة ، للكتاب والمبدعين والأدباء، ليؤكد أن الحرية حق طبيعي لا سبيل إلى المهادنة في النضال من أجل احترامها. إن اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب إذ يعلن ذلك، ليؤكد للأمة وقوفه في طليعة صفها الأول في الدفاع عن الحقوق والحريات، مطالبا بإلغاء جميع القوانين البالية، والقيود المصادرة والضاغطة على الحريات، مدركا أنه لا حياة ولا تقدم ولا استقرار دون تحقيقها، ودون توفر مناخ الأمن والاستقرار الذي يكفل الشرط الرئيسي لتقدم أمتنا".