احتفالا بمرور 400 سنة على ذكرى وفاة شكسبير، يستضيف مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية فرقة "براج شكسبير المسرحية" لتقديم عرضي "ماكبث" و"ضجة فارغة" في 23 و24 إبريل بالمسرح الكبير، في إطار فعاليات مؤتمر "شكسبير إلى أبد الآبدين". "الدم يجلب الدم" هي حكمة يدرجها شكسبير على لسان بطله ماكبث في مسرحيته التراجيدية الشهيرة التي تحمل نفس الاسم، والتي يتناول فيها الكاتب الطموح المدمر وعالم المؤامرات والصراعات حول السلطة. تروي الأحداث قصة القائد الإسكتلندي المنتصر ماكبث، الذي يغتال ملكه دنكن ليجلس على عرش اسكتلندا مكانه، مدفوعًا بنبوءة ثلاث ساحرات التقى بهن في طريق عودته من المعركة، واللاتي يعلن أنه الملك القادم. تتحمس زوجته الطموحة لهذه النبوءة وتبذل كل ما في وسعها لتحقيقها ودفع القائد لاغتيال الملك والجلوس على عرشه. وبرغم أن ماكبث تعد أقصر تراجيديات شكسبير وكتبت ما بين 1603 و1606، فإنها تلخص جيدًا الصراع الإنساني، وتصل فيها المأساة الإنسانية إلى منتهاها، حيث القتل والندم واليأس. العرض من إخراج جي روبرتس مؤسس فرقة براج شكسبير في 2008 بجمهورية التشيك. وبرغم أن روبرتس أمريكي الأصل، فقد اختار أن يؤسس لمسرح محترف يهتم بالمسرح الشكسبيري وباللغة الإنجليزية تحديدًا، التي ساهم في إرساء قواعدها نصوص شكسبير. اعتمد المخرج، الذي يقوم أيضا بدور البطل الرئيس في عرضه، على الأداء المتمكن للممثلين واستخدام عناصر ديكور وإضاءة وسينوغرافيا بسيطة، لكنها ذات دلالات موحية. فالعرض يبدأ وسط الظلام الدامس، حيث يلتقي القائد ماكبث وسط ضباب يتلون ما بين الأزرق والأخضر الساحرات الثلاث، ويبدو وسط هذه الأجواء الضبابية حالة التخبط التي يعيشها، واضطرابه الشديد بين واقعه كقائد منتصر فرح وبين تنبؤات ملكه القادم. تظهر شخصية "الليدي ماكبث" كامرأة متسلطة تكاد تلغي شخصية زوجها ماكبث تمامًا، إلا أن مشهد رؤيتها للدماء على جسدها وأيديها يعلن بدء انكسارها وانهيارها النفسي من فرط الندم. لجأ روبرت إلى التعبير عن المُلك في تاج مصنوع من الأسلاك دون أي جواهر أو زخارف، فرمز العرش لا يوحي مطلقًا بأي زهو أو انتصار، مما ينبئ بالنهاية الحتمية والمريرة لكل من يطمع فيه. لقد حافظ المخرج في رؤيته لماكبث على ملابس العصر الملكي القديم، ولخص لنا من خلال "موتيفات" عصرية بسيطة ملامح الصراع الداخلي والإنساني للشخصيات. على النقيض أضفي جي روبرتس في إعداده لنص شكسبير "ضجة فارغة" رؤية عصرية تربط ما بين النص القديم وأجواء الحرب العالمية الثانية والعالم اليوم. ففي الأصل "ضجة فارغة" هي مسرحية كوميدية كتبت ما بين 1598 و 1599، وتعد واحدة من أفضل كوميديات شكسبير، لأنها تجمع بين عناصر من المرح مع فكر جاد حول الشرف والعار والسياسة. تدور أحداث المسرحية في ميسينا، صقلية. حيث الزوجان العاشقان بنديكت وبياتريس (الزوج الرئيسي) اللذان يخبآن مشاعرهما وينفيان حبهما، وكلوديو وهيرو (الزوج الثانوي) اللذان سيتزوجان بعد أسبوع. ولتمضية الوقت حتى زواجهما يتآمران مع دون بيدرو أمير أراغون أن يخدعا صديقيهما بياتريس وبينيديك، ويجعلانهما يعترفان بحبهما المتبادل. لكن أخ الأمير غير الشرعي، دون جون، الذي يحسد نفوذ دون بيدرو وصداقته لكلاوديو يخطط لتخريب العرس. تعامل المخرج مع النص المسرحي الأصلي لشكسبير في إطار المسرح داخل المسرح. ونجح في نقل الأحداث إلى مخبأ تحت الأرض بإنجلترا في عام 1942 إبان الحرب العالمية الثانية. ففي ذلك المخبأ نجد مجموعة من الممرضات والمواطنين البريطانيين يقومون بتقديم بث إذاعي حي لنص شكسبير "ضجة فارغة"؛ وذلك لرفع الروح المعنوية للجنود بالجبهة. وأثناء تقديم العرض من قبل في جهورية التشيك حرص روبرتس على أن يكون هناك بث إذاعي حي عن طريق الانترنت للعرض في محاولة لربط العرض بعالم اليوم والوصول إلى المستمعين وعشاق المسرح في كل مكان.