قدمت الدكتورة ياسمين فراج، أستاذ النقد الموسيقي بأكاديمية الفنون، دراسة رائدة في مجال النقد الموسيقي بعنوان "الموسيقى الماكارونية دراسة في النقد الثقافي"، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر العلمي الثالث والدولي الأول "تطوير التعليم النوعي في ضوء الدراسات البينية" الذي أقيم ظهر اليوم الخميس، بقاعة المؤتمرات الكبرى بكلية الصيدلة جامعة عين شمس. مزجت فراج في دراساتها بين مجالات متعددة هي الموسيقى، والإعلام، وعلم الاجتماع والسياسة، حيث ذكرت أن العالم عرف إبان القرنين الثامن والتاسع عشر الميلادي الكثير من التمازجات اللغوية ، وهو ماأدى إلى وجود لغة عرفت بالماكارونيك (Macaronic Language)، وقد عرفَتها القواميس العالمية بأنها (لغة تحتوي على كلمات وعبارات شائعة في اللغة اليومية مختلطة مع اللغة اللاتينية أو أي لغات أجنبية أخرى). ومن هذا التعريف المرتبط باللغة يمكننا مد الخطوط على استقامتها واعتبار أن أي موسيقى تمزج بين عدة لغات على مستوى الكلمة ، وعدة أنواع من الموسيقات ، وأن الآلات الموسيقية التي تنتمي لبلاد وحضارات مختلفة تصبح هي أيضًا موسيقى ماكارونية (Macaronic Music)، وهذا المصطلح الذي رصدته ياسمين فراج وقدمته للمرة الأولى في مجال الموسيقى على المستوى الإقليمي والدولي. وقد اعتمدت هذه الدراسة على عدد من النماذج الموسيقية الماكارونية من بلدان مختلفة حول العالم هي: مصر ، أسبانيا ، الجزائر ، الهند ، تونس. وذلك في الفترة الزمنية مابين 2000 إلى 2015، حيث استخدمت فراج إحدى نظريات النقد الثقافي، لتحليل النماذج الموسيقية وهو نموذج إبرامز، وتتلخص عناصره في نوع وسيلة الإعلام المروجة للمنتج الفني، وتحليل النصوص في العمل الموسيقي "النص الشعري والنص الموسيقي"، والفنان بأدائه وهيئته، والجمهور المتلقي لنوع الفن الغنائي أو الموسيقي الماكاروني، والقيم المجتمعية التي يروج لها العمل الغنائي أو الموسيقي الماكاروني . ومن أهم نتائج الدراسة التي توصلت إليها الدكتورة ياسمين فراج، أن انتشار الموسيقى الماكارونية ستقضي على المدى البعيد على الموسيقى القومية التي كانت تتميز بالإغراق في العناصر الموسيقية النابعة من أرض الوطن وبعث وإحياء التراث الشعبي الفلكلوري. الذي يميز كل دولة عن الأخرى، مع توضيح التباين الذي رصدته بين أنواع الموسيقى والغناء الماكاروني والمنتجون لها، والذي يشير إلى أنه نوع موسيقي ينشط ويتواجد في مجتمعات تمارس الديمقراطية. لأنها تمنح الفرصة للجميع سواء الموهوبين أو أنصاف الموهوبين لممارسة الفن ، وبالتالي فهذا النوع من الموسيقى والغناء يروج إلى ممارسة الديمقراطية من خلال الفنون. هذا بالإضافة إلى أنه يمكن الإستفادة من إستخدام الموسيقى الماكارونية البحتة في تعليم الأطفال الآلات الموسيقية والتمييز بين أصواتها، سواء على مستوى الآلات الموسيقية المحلية أوالعالمية، حيث أن وجود وسائل إعلام بديلة جعل من الموسيقى والغناء سلعة في متناول الجميع، ينتجها من يشاء ويستمع إليها في أي بقعة من الكرة الأرضية، وبذلك يصعب الرقابة على جودة المنتج الفني الذي يبث من خلال وسائل الإعلام البديلة، ومنها أغنيات المهرجانات الماكارونية.